اطلس- في مثل هذا الوقت من كل عام تكتسي قرية عابود غربي رام الله حلتها التي اعتادت عليها في "عيد الميلاد"، فتزدان الشوارع والأشجار والطرقات معلنة بدء الاحتفالات.
ويسكن في القرية نحو 2300 مواطن نصفهم مسلمين والنصف الآخر مسيحيون، يقتسمون الأفراح والاحتفالات ويعيشون حياة مشتركة في جميع نواحي الحياة.
وتضم القرية ثلاث طوائف مسيحية (الطائفة الغربية "اللاتين"، والروم الأرثوذكس، والبرتستانت) ويوجد بها ثلاث كنائس، واستطاع شبان مسيحيون تشكيل لجنة قبل أعوام وتوحيد الطقوس الاحتفالية مع الطائفة الغربية في الـ25 من ديسمبر.
عادات موحدة
ويتميز أهالي القرية بالوحدة والتقارب في العادات والقيم على اختلاف الأديان، حيث احتفظت القرية بعلاقات متميزة بين أصحاب الديانتين.
ويقول خوري طائفة الروم الأرثدوكس الأب عمانوئيل طلعت عواد لوكالة "صفا" إنهم يسعون جاهدين للمحافظة على الإرث الحضاري، "لأن هذه مكونات أهالي عابود، ومكونات الشعب الفلسطيني الواحد الذي يأبى القسمة على اثنين".
ويضيف "على الرغم من اختلاف مشاربنا الدينية دائما فلسطين أولا وعابود ثانيا، وسنحافظ على هذا التواصل ورفعة شأن البلدة، فأنا مسيحي بديني مسلم بثقافتي".
ويشير إلى أن المسلمين يزورونهم ويهنئونهم في صباح العيد، فيما هم يذهبون لتهنئة المسلمين في عيدي الأضحى والفكر.
ويوافق مدير المدرسة السابق فيصل عبد المجيد الأب طلعت في حديثه، مشيرًا إلى أن "علاقاتنا مع إخواننا المسيحيين تاريخية ورثناها عن أجيالنا السابقة، وتشكل لحمة قوية، وتعتبر نموذج للعلاقات الإسلامية المسيحية في فلسطين".
ويؤكد عبد المجيد في حديثه لـ"صفا" رفضه مصطلح "التعايش" بين أبناء الديانتين، معتبرا أن الأهالي يعيشون في مجتمع موحد، وهناك تداخل كبير في العلاقات بين العائلات الإسلامية والمسيحية، والمشاركة في جميع المواسم سواء الدينية أو الاجتماعية.
وعن موسم الأعياد يقول: "نتوجه في صبيحة العيد إلى قاعة كنيسة اللاتين وسط استقبال من المسيحيين، ونتحدث عن التاريخ المشترك، تتمثل بإلقاء كلمات من متحدثين عن الطرفين، وهذه عادة متبعة منذ سنوات".
ويشير عبد المجيد إلى التزاور الاجتماعي غير المنقطع بين أبناء الديانتين، حيث يزور المسيحيون معظم البيوت ويقدمون الهدايا لأصحابها.
ويذكر بأن المسيحيين يزورون مكانا مقدسا يسمى "القديسة بربارة" ويطهون طعاما شهيا من القمح والزبيب، ويستضيفون المسلمين للمشاركة في مراسم الاحتفال.
خصوصية
في عام 2001 أقدم الاحتلال على تفجير مغارة "بربارة" عقب ادعائه بتحصن مقاومين فلسطينيين فيها وإخفاء بعض الأسلحة.
وعن ذلك، يقول المواطن دانيال سمرين لوكالة "صفا": "نحن في القرية نتميز عن تجمعات سكانية أخرى، فعابود نصفها مسيحيين والنصف الآخر مسلمين، ويسبق عيد الميلاد عيد اسمه "القديسة بربارة" وهو مقام أثري تم تفجيره من قبل الاحتلال بطريقة مهينة، وهذا العمل اهانة لمشاعرنا الدينية والوطنية".
ويكمل: "منذ ذلك الحين انطلقنا بعمل وجبة تسبق الأعياد بأسبوع، ونتوجه نحو المكان ونطهو "البربارة" ونلتقي نحن والمسلمين، وفي هذا الموسم أشرف المجلس القروي على استضافة جميع أهالي القرية على هذه الوجبة بتطوع من سيدات القرية، ويتم إنارة شجرة الميلاد، وإلقاء كلمات معلنة البدء بالأعياد.
ويؤكد سمرين على سمو العلاقة الإسلامية المسيحية في القرية وخلوها من التصادم، بل ويطمح الأهالي لتوطيد العلاقات حتى تظل إرثا للأجيال.