اطلس- بعيدا عن قوة امريكا السياسية في العالم نرى انها ومنذ اعترافها باسرائيل وهي رهينة اللوبي اليهودي في
واشنطن لدرجة ان العالم كله يقف مذهولا امام رغبات اسرائيل ، ان كانت عسكرية او سياسية او حتى اخلاقية.
كنا ندرك أهمية العلاقة الامريكية- الاسرائيلية ودورها الخطير في كل ما حدث ويحدث في فلسطين وحولها من فوضى ارهابية احد اهم اسبابها الدعم اللامحدود لدولة تحتل ارض شعب مسالم منذ آلاف السنين،
شعب اعزل من السلاح ، غير مستقل لا حول له ولا قوة.
و لكن لا بد لنا من الاعتراف اننا لم نكن ندرك حقاً ان هذه العلاقة على هذا القدر المذهل من الأهمية والخطورة. ان الاقتراب المنهجي الدقيق من هذه العلاقة، ومن معطياتها، وأرقامها ، وابعادها، يكشف عن حقائق تفوق كل ما لدى المرء من تصورات معقولة وغير معقولة. وهي حقائق لا بد من وضعها امام كل اصحاب القرار الفلسطيني والعربي، ولا بد ان تتسرب الى الرأي العام العربي الاوسع والعالمي.
ومن الاستنتاجات العملية الرئيسية في هذا المجال ما يلي: يتعذر تماما بناء استراتيجية عربية حول النزاع العربي - الاسرائيلي دون المعرفة العميقة الدقيقة بالعلاقة الامريكية- الاسرائيلية بكل تفاصيلها ووجوهها.
ان مصير اسرائيل بات اليوم، وأكثر من اي وقت مضى، مرتبطا بامريكا، وبصورة اكثر دقة، بالجالية اليهودية وحلفاءها من الأمريكان البروتستانت المتدينين " Babtist" و " Methodist" والتي أعلن عنها رسميا الرئيس كارتر سنة 1976 صراحة امام الكنيست ان العلاقة بين امريكا وإسرائيل هي علاقة دينية بالأساس ، مما شكل لوبي يهوديا يسيطر سيطرة عمياء على الكونغرس في واشنطن.
ان هذا الواقع جعل امريكا تقدم المال اللامحدود لاسرائيل بالرغم من اي وضع اقتصادي أمريكي ، ان كان هذا الاقتصاد مزدهرا او يعاني من كساد مالي كما حصل في اخر عهد بوش الابن.
لقد قدمت امريكا لاسرائيل، بين 1948 و 1990 من المساعدات الرسمية وغير الرسمية ما يقدر ب 148 مليار دولار.
ومن سنة 1990 ليومنا هذا لم تتوقف امريكا عن زيادة هذه المنح بدون مقابل حتى أصبحت اليوم اسرائيل بوضع لا يمكن ان تعيش بدون هذا الدعم المالي، ناهيك عن الدعم السياسي الذي يفوق اي منطق من ما كنّا نعتقد من مبادىء الدستور الامريكي وهي الدمقراطية وحقوق الانسان وتقرير المصير والتفرقة العنصرية، والتي تمارسها اسرائيل يوميا ضد الشعب الفلسطيني.
ان العلاقة الامريكية- الصهيونية التي هي الان الركيزة الاساسية للدولة العبرية، هي في الوقت نفسه نقطة ضعفها الكبرى. انها"كعب اخيل" حيث نقطة ضعفه العميقة الخفية التي ان اصابه فيها سهم كان مصرعه، كما في الأسطورة الإغريقية .
لذلك ما من شيء توليه الدولة العبرية الأهمية المطلقة التي توليها بالولايات المتحدة. وما من شأن تتعامل معه تل ابيب حساسية بالغة، وتعتني بكل دقائقه وتفاصيله عناية منهجية شاملة، وترصد بخطورة كل ما يمت اليه بصلة من قريب او بعيد، اكثر من الشأن الامريكي. فهو مفتاح نصرها و مفتاح دحرها. والآن اكثر من اي وقت مضى في تاريخها.
وفي كل مرة يطرح فيها موضوع العلاقة الامريكية- الصهيونية، يطرح معه التساؤل التالي نفسه: هل الولايات المتحدة هي التي تسير اسرائيل في الشرق الأوسط وتستغلها في نهاية المطاف كقاعدة لإستراتيجيتها ، ام ان اسرائيل هي التي تستغل السياسات الامريكية وتوجهها في ما يلائم المصالح الاستراتيجية الاسرائيلية في المطلقة؟؟.
وفي الحالتين الذي يدفع الثمن هو الشعب الفلسطيني. لذلك على السلطة الفلسطينية ان تكسر ولو قليل من هذه الحالة الامريكية الصهيونية من خلال الدعم العربي والدعم الاوروبي بعد ان بدا الاوروبين يتفهمون ما سوف تعانيه أوروبا والعالم كله من عدم جدية اسرائيل بسلام مشرف لكلا الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني.