اطلس- التصريحات التي تخرج من إسرائيل تؤكد أن خيار الحرب قريب، والتصريحات التي تخرج من غزة تؤكد ان الحرب قادمة . والسؤال مع التسليم بخيار الحرب،اي حرب التي يريدها كل طرف؟
إسرائيل من جانبها شنت حروبها الثلاث وأهدافها لم تتغير في كل هذه الحروب، الهدف الأساس تريد غزة منفصلة وبعيده عن سياقها الفلسطيني الكلي ، وتحقيقا لهذا الهدف لا تمانع من وجود حركات المقاومة ، ووجود حركة حماس كحركة حاكمة ، وتحكم علاقتها بها هدنة ليست قصيرة قابلة للتجديد، وهدفها الثاني عملية ترويض سياسي لحماس ، وتخييرها بين الحكم والمقاومة في النهاية .
ومن اهداف إسرائيل إبقاء غزة ضعيفة تابعة معتمدة على إسرائيل في احتياجاتها الإنسانية والإقتصادية، ولذلك كان تركيز إسرائيل في كل هذه الحروب على تدمير البنية التحتية لغزة حتى تبقى تدور في حالة من الإعتماد الدائم.
وفي النهاية إسرائيل تربط بين إعمار قطاع غزة وبين ان تبقيه منطقة منزوعة السلاح او لا يشكل مصدرا للتهديد لها. وقد يكون هدفها النهائي هو ضرب الدولة الفلسطينية وتفريغها وإجهاضها من كل مقومات الإستقلال.
وبالتالي نكون امام كيانين سياسيين فلسطينيين لعب الفصل الجغرافي دورا رئيسا في تعميق هذه الأهداف.
والسؤال ثانية : ما هو هدفها من اي حرب قادمة؟ ومتى تنتهي حالة الحرب؟ ستبقى الأهداف السابقة هي المحرك الرئيس لأي حرب على غزة ،إسرائيل لن تسمح في جميع الأحوال أن تتطور قدرات المقاومة العسكرية ، وتحصل على أسلحة متطورة تهدد امن وبقاء إسرائيل، وليكن معروفا ان غزة تقع في الدائرة الأولى لأمن إسرائيل، ومن ثم يبقى خيار الحرب قائما ، والهدف منه تقويض قدرات المقاومة العسكرية ، وإبقائها تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، مزيد من التدمير، ومزيد من الحصار ، ومزيد من الإنقسام والفصل.
عندما خرجت إسرائيل من غزة كانت تعرف ماذا تريد، وكان هدفها الوصول إلى حالة الإنقسام الفلسطيني , وبالتالي الحرب يبقى الهدف منها هو هذا الهدف. وبالمقابل حماس وحركات المقاومة الأخرى تتحدث عن الحرب، وان الحرب الأخيرة لم تنته، وأن الإعداد جار للحرب القادمة ، والسؤال اي حرب تريدها حماس والمقاومة في هذه المرحلة ؟
في ادبيات الحرب ، فان الحرب ليست غاية في حد ذاتها ، بل الحرب هي امتداد للسياسة ، بعبارة أخرى تلجأ الدول إلى القوة العسكرية والحرب لتحقق اهدافا سياسية فشلت في تحقيقها الوسائل السياسية ، والحرب الأخيرة وإن كانت إسرائيل هي السبب في هذه الحرب، لكن لا يمكن استبعاد ان الذهاب للحرب أيضا كان خيارا لحركة حماس، والتي حددت اهدافها منها برفع الحصار ، وفتح المعابر، وزادت إنشاء ميناء ومطار .
انتهت الحرب ،إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها الرئيسة وإن نجحت في تعميق حالة الإنقسام، وأما على مستوى الحركة يمكن القول أن الحرب قد فشلت حتى هذه اللحظة في تحقيق أهدافها السياسية ، وإن كنا نسمع عن إمكانية الوصول إلى هدنة لخمس سنوات ،مقابل رفع الحصار ، وفتح المعابر. اما فيما يتعلق بموضوع الميناء والمطار وعلى الرغم من أهميتهما لسكان القطاع، إلا انهما من مظاهر السيادة ، والإستقلال’ وهنا موافقة إسرائيل مرهونة ومشروطة بتحقيق هدفها الرئيس من جعل الإنقسام حقيقة سياسية ، وبالتالي تتخلص من فكرة الدولة الفلسطينية بشكل نهائي ، ومشروطة أيضا بنزع سلاح المقاومة او على أعلى تقدير تحويل هذا السلاح لوظيفة أخرى ، فالتفكير الإسرائيلي ان إنشاء ميناء ومطار سيحول دون إندلاع حرب جديدة ، لأنه عند الوصول إلى هذه المرحلة لا يعقل ان تعود حماس للحرب، وعندها يمكن التفكير في تجديد الهدنة بشكل تلقائي ، فمن الصعب القبول بهدنة لمدة طويلة من الآن.
وبالمقابل حركة «حماس» إذا ذهبت لهذه الهدنة بهذا المنطق اي بعيدا عن الإطار الفلسطيني والسلطة الواحدة ، فهذا يعني ترسيخا للإنقسام ، وتأكيدا لفكرة الدولة او الكينونة المستقلة في غزة .
وعليه خيار الحرب بات مرتبطا بهذا السيناريو ، وهذا التفكير هذه مجرد رؤية خاصة قد تكون صائبة او خاطئة ، لكن المهم ان نعرف كيف تفكر إسرائيل حتى نتفادى الحرب. في النهاية الحرب ليست خيارا لغزة ، ويبقى خيارا الاعمار والبناء أهم خيارات غزة ، وهذا الخيار يعتبر اعلى درجات المقاومة .