اطلس- مع استمرار السيطرة الاسرائيلية على غالبية مصادرنا من المياه، وبالاخص من المياه الجوفية، ومع ايماننا انه لا يمكن الحياه بدون مياه، فأن التنمية وبالاخص التنمية المستدامة، اي التنمية الثابته او الراسخة، لا تتم بدون مياه صالحة، سواء للزراعة او للصناعة او للسياحة او للعمران
وما الى ذلك، وهذا يثبت ان علينا ان لا نغفل او نتغافل او نتناسى موضوع المياه، وبالاخص الحقوق الاساسية في مصادر المياه، وبالتحديد في مصادر المياه الجوفية المتجددة، لانه وبدون ذلك، وان قامت دولة، فأنها لن تترسخ ولن تنمو ولن تستمر بدون توفر المياه.
ومع اقتراب موسم الصيف، نبدأ نشعر بشحة المياه، سواء للشرب او للاستخدامات المنزلية الاخرى، او حتى لاستخدامات الزراعة والصناعة وامور اخرى، لها علاقة بالتنمية، وبالاخص التنمية المستدامة، اي التنمية التي تدوم او تتواصل، وبدون الحاجة مرة اخرى، الى تدخلات او الى دعم خارجي، او بدون الحاجة الى استنزاف المزيد من الجهود ومن الطاقات ومن الموارد، ومنها الموارد الطبيعية، وبالتحديد المياه، وهذا بالضبط ما ينطبق على سلعة المياه واهميتها، للتنمية المستدامة في بلادنا، وفي مختلف المجالات.
ومع تواصل تدهور وضع المياه في بلادنا، سواء من حيث الكمية او الجودة، يستمر في نفس الوقت ترسيخ واقعا وتغيير حقائق على الارض فيما يتعلق بالمياه وما ينتج عن استعمالاتها، وفي نفس الوقت، نعرف ان التنمية المستدامة تحتاج الى المياه الصالحة، اي المياه غير الملوثة وغير المالحة، وبالاخص في مناطق الزراعة المكثفة في بلادنا، مثل منطقة الاغوار او في غزة، وهذا سوف يأتي في معظمه من المياه الجوفية العذبة، وربما مشكلة زراعة الموز في منطقة الاغوار، مثال واقعي على النقص الحاد في انتاج الموز، وبالاخص في منطقة العوجا، التي كانت تنتج الالاف من اطنان الموز سنويا، ولكن الان وبسبب شحة المياه واستنزافها، وبالتالي ملوحة التربة، اصبح انتاج الموز، في هذه المنطقة معدوما، واصبح هناك حاجة الى استيراد الموز، من اجل تغطية الاحتياجات المحلية، ومعروف ان القطاع الزراعي الانتاجي، هو اساسي لتحقيق تنمية مستدامة في بلادنا.
واذا كنا في الضفة، نعاني من الشحة في المياه، ومن انقطاع في بعض الاحيان، بالاخص في فترات الصيف، او مناطق معينة، فأن الوضع المائي في قطاع غزة هو وضع شبه كارثي ، في ظل تقارير محلية ودولية تشير الى ان حوالي 95% من مياه غزة غير صالحة للاستهلاك البشري، فمصادر المياه في قطاع غزة هي جوفية، ونوعية التربة هناك اشبه بالتربة الرملية، اي التي من الممكن ان يتسرب من خلالها العديد من المواد او الملوثات ومن ثم تصل الى المياه الجوفية.
وهذا يبدو انه حدث ويحدث، سواء بفعل المياه العادمة العشوائية في غزة، او من الانشطة الزراعية كمتحللات الاسمدة والمبيدات، او من فضلات المصانع، وهذا بالاضافة الى الاستخدام العادي الزائد عن الحد من المياه الجوفية، وكذلك وصول مياه البحر المالحة اليها، وبالتالي زيادة نسبة الملوحة والتي تقاس عادة بتراكيز الاملاح فيها، عن الحد المسموح به عالميا، واذا كانت المياه غير مالحة وغير صالحة للاستهلاك، فكيف يمكن الاعتماد عليها، من اجل تحقيق تنمية مستدامة.