اطلس- تمارين اليوغا تجعل الجسم والعقل والنفس في حالة انسجام تام. نشأت اليوغا بالهند وهي تثير حماسة الكثيرين حول العالم. الخبيرة الألمانية في اليوغا آنا تروكيس توضح في الحوار التالي كيفية ممارسة اليوغا بحيث تكون مفيدة للصحة.

DW: ما فائدة اليوغا للصحة؟

آنا تروكيس: معظم الأمراض في الوقت الحالي تكون مرتبطة بطريقة أو بأخرى بالتوتر النفسي اليومي. الحياة تضغط على الإنسان فيتوتر نفسيا، وهذا التوتر النفسي يؤثر على كافة مستويات جسمه، مثلا: على القلب والأوعية الدموية وجهاز المناعة. وقد تطورت استراتيجيات اليوغا منذ آلاف السنين وأصبح بإمكان الإنسان توظيف هذه الاستراتيجيات لمواجهة التوتر النفسي في الأوقات العصيبة.

ما هي الأمراض التي أثبت العلم أن اليوغا تساعد في شفائها؟

لقد أثبت العلم أن اليوغا تساعد في شفاء جميع الأمراض التي يسببها الإجهاد أو الضغط أو التوتر النفسي، مثلا: في حالة اضطرابات نظام القلب والأوعية الدموية كارتفاع ضغط الدم، وكذلك في حالة أمراض المناعة الذاتية والاكتئاب والأرق والإرهاق وحتى آلام الظهر وآلام الرقبة وكذلك تهيُّج الأمعاء. اليوغا تعمل على معالجة الأسباب الجذرية وليس على معالجة الأعراض.

ما يحدث في الجسم عند ممارسة اليوغا؟

أهم ما في اليوغا أنها تعيد إلى الجسم تناسق التنفس مع الحركة بحيث يصبح التزامن بينهما في حالة مستقرة وسلمية ومريحة. حين نصاب بالتوتر تصبح ردود فعل الجهاز العصبي مبالغا فيها، ومن أجل تهدئته نحن في حاجة إلى اتخاذ إجراءات مهدئة تعمل على قطع الاستجابة للضغط النفسي. وإذا حققنا نجاحا متكررا في ذلك بمساعدة تمارين اليوغا فإن هذا يخلق لدينا شعورا بالكفاءة الذاتية، فيقول الإنسان لنفسه: "لدي إحساس بأن بإمكاني فعل شيء يقلل الإجهاد النفسي"، وبالتالي لا يكون تأثير التوتر النفسي كبيرا ولا يعذب الإنسان بدرجة كبيرة.

كيف يمكن ممارسة اليوغا بحيث تعود بالنفع على صحة الإنسان؟

المهم هي الطريقة التي تتم بها ممارسة تمارين اليوغا. فإذا ذهبتُ إلى حصيرة التمرين وعندي أفكار وتوقعات مسبقة متعلقة بأدائي، مثلا: "يجب أن أنجح في تحقيق شيء ، لا بد أن تكون النتيجة هكذا ، بحلول وقت معين عليّ أن أكون قادرا على فعل ذلك"، ففي هذه الحالة لا يكون لليوغا تأثير. الانتباه الذهني هو أهم شيء، وإلا فإن تأثير ممارسة اليوغا قد يكون بالأحرى غير مفيد.

ما هي التكرارية والشدة التي ينبغي ممارسة اليوغا وفقهما حتى يحدث التأثير الإيجابي على الصحة؟

الممارسة المعتدلة والمنتظمة لتمارين اليوغا هي أغلب ما يمكنه تحقيق نتائج إيجابية، وقد تم إثبات ذلك. التأثير المفيد على الصحة يحدث إذا ذهب الإنسان بانتظام من 3 إلى 5 مرات في الأسبوع لمدة ربع ساعة أو عشرين دقيقة في كل مرة. وأنا أوصي أيضا بالذهاب مرة إضافية في الأسبوع إلى درس اليوغا، فالإنسان يشعر بالمتعة عند ممارسته اليوغا.

وهل بالإمكان القيام بتمارين أخرى غير اليوغا؟ ما الذي يميز اليوغا؟

الشيء المميز في اليوغا هو تنبيه الذهن. تمارين الـ "تاي تشي" الذهنية رائعة أيضا، وكذلك تمارين الـ "تشى غونغ" الذهنية مفيدة للغاية ولها قدرة شفائية. كل شيء يتم عمله باستخدام الانتباه الذهني هو أمر جيد جدا. والانتباه الذهني يعني أن يدرك الإنسان ما يفعله. ومن يمارس تمارين اليوغا ببطء وروّية فإنه يرتقي بنفسه إلى مرحلة التأمل.

هل يوجد أشخاص يُنصَحون بعدم القيام بتمارين اليوغا؟

أنصح الناس المصابين بالذُهَان (خلل في عملية التفكير المنطقي والإدراك العاطفي) بالذهاب إلى الأخصائيين العصبيين والنفسيين المدربين تدريبا خاصا على مثل هذه الحالات. أما في جميع الحالات المرَضية الأخرى فيمكن إجراء تغييرات على تمارين اليوغا بحيث تكون مناسبة، والمهم فقط هو لفت انتباه المدرب إلى ذلك. مثلا أنا نفسي كنتُ مصابة في الأشهر الماضية وكنت مضطرة إلى القعود على كرسي متحرك، وعلى أطرافي ضمادات الجبس، ورغم ذلك قمتُ طوال الوقت خلال ذلك بتدريس تمارين اليوغا.

هل توجد أي قواعد أساسية على الإنسان اتباعها كي لا يؤذي نفسه عند قيامه بتمارين اليوغا؟

توجد أمور قد تشكل خطرا محتملا عند ممارسة اليوغا، وهي: الإهمال وعدم التركيز الذهني وكذلك توقُّع أداء محدد ونتائج معينة وأيضا ممارسة اليوغا بشكل سريع.

هل من تمرين يوغا قصير بإمكانه إيقاف الإجهاد النفسي؟

نعم، التمرين عبارة عن استراحة لمدة ثلاث دقائق يتم فيها الجلوس والاسترخاء والتركيز على التنفس، ثم رفع الذراعين عند تنفس هواء الشهيق، وخفض الذراعين عند هواء الزفير، بحيث يتم التركيز فقط على التنفس. هذا كل شيء.

آنا تروكيس تدِرّس منذ 40 عاما اليوغا وهي مدربة لمعلمي اليوغا منذ 30 عاما وأّلفت الكثير من الكتب حول اليوغا.