اطلس- بدون أي "فهلوية " أو "جهبذبة" كفهلوية و"جهبذية" قادة المفاوضات والمشاورات واللقاءات، فلن يكون هناك حكومة وحدة وطنية، وكما يقول المأثور الشعبي" البعرة تدل على البعير"، فبعد اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الإثنين الماضي
تم تكليف عزام الأحمد رئيس كتلة "فتح" في التشريعي وعضو لجنتها المركزية بالتشاور مع قادة الفصائل الفلسطينية لتشكيل حكومة "وحدة وطنية"...واعتقد بأن تلك المشاورات لن يكتب لها النجاح في تشكيل حكومة وحدة وطنية في ظل إنقسام مستعر وخلافات حادة سواء كانت حقيقية او مفتعلة على البرنامج السياسي.
لتجاوز هذه القضية هناك من يدعو الى ان تكون الحكومة بدون برنامج سياسي،لتجنب الحرج وعدم موافقة القوى التي لا تتفق مع البرنامج السياسي لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس،من حيث الاعتراف بالاتفاقيات السابقة والاعتراف بإسرائيل،رغم ان الجوهر في تشكيل أي حكومة قادمة،ليس شكل "الطرابيش"،بل البرنامج السياسي المتفق عليه بين كل مركبات ومكونات العمل السياسي الفلسطيني وطنية وإسلامية. ويجب ان يسبق ذلك اتفاق على إنهاء الانقسام،وإلا فإن أي حكومة قادمة مهما كان "طربوشها "الأول و"جهبذيته"،فلن يكتب لها النجاح وستعيد انتاج العقم السياسي والمهني من جديد،ولن تحقق أي انجازات جدية او حقيقية لا سياسية ولا تنموية ولا تخفيف حدة التوتر والاحتقان بين مركبات العمل السياسي الفلسطيني وبالذات طرفي الإنقسام -(فتح وحماس)-.
الجهاد الإسلامي نأت بنفسها عن الإنغماس في أوسلو، والمشاركة في الهيئات والمؤسسات المنبثقة عنه ، وحماس أعلنت بشكل واضح بأنها لن تكون جزءا من الحكومة القادمة،إلا إذا وفق شروطها للمشاركة، وهي: تغيير رئيس الحكومة الحالي رامي الحمدالله، وعدم تبنّي برنامج سياسي يعترف بإسرائيل، وأن تعمل الحكومة على تطبيق اتفاق المصالحة، بما في ذلك الاعتراف بموظّفي "حماس". في حين الجبهة الشعبية كموقف سياسي وبرنامج،هي الأخرى ستكون خارج إطار الحكومة القادمة.
وكذلك التصريحات والمناكفات والتحريض الداخلي،يتصاعد والإنقسام يستطيل مداه ويتكرس،وكل طرف له مشروعه الخاص والضحية هو الشعب والقضية والمشروع الوطني،فحماس قطعت شوطاً كبيراً على طريق "الهدنة" طويلة الأمد مع "اسرائيل" من خلال محادثات طويلة ومعمقة أجرتها قيادة حماس ورئيس مكتبها السياسي خالد مشعل في قطر مع مسؤول الرباعية الدولية السابق "بلير" بموافقة أوروبية غربية وأمريكية وعلم ومعرفة إسرائيلية،ومشاركة عربية وإقليمية نشطه.وكذلك التحرك السياسي الفرنسي في هذه المرحلة بالذات يثير الكثير من الريبة والتساؤل،حيث أنه أتى في وقت تتحدث فيه السلطة عن جاهزية العديد من الملفات لتقديمها لمحكمة الجنايات الدولية خلال أيام ،ولذلك يفسر هذا التوقيت على انه من اجل قطع الطريق على السلطة لكي تجمد رفع تلك الملفات الى محكمة الجنايات الدولية،تحت حجج وذرائع مللناها وخبرناها جيداً.
لا أحد ضد تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية،تنتشل الواقع الفلسطيني مما هو فيه،حكومة موحدة برؤيا وبرنامج سياسي واستراتيجية،ولكن التمنيات شيء والواقع شيء آخر،فحتى هذه اللحظة،والتي يراد فيها "سلق" تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال أسبوع،فالمعطيات تشير الى ان «المُتحكّميْن» بالبيت الفلسطيني «الداخلي»،وفي ظل نمو مصالح لمتنفذين ومستفيدين من الإنقسام عند الطرفين،وفي ظل تغليب الأجندات والمصالح الفئوية والإرتباطات العربية الإقليمية على المصالح العليا للشعب الفلسطيني،فإن هذين الطرفين ما زالا غير راغبين ومالكين لإرادة سياسية وقرار،في مغادرة مربع الانقسام والتقدم نحو تبني برنامج وطني واضح ومُحدّد،قائم على ما جرى الإتفاق عليه بين كل مركبات العمل السياسي الوطني والإسلامي،وثيقة الوفاق الوطني.
نريد إتفاقاً يلجم كل المتنفذين والمستفيدين من إستمرار الإنقسام في الحركتين ن اللتين لم تنجحا في شيء اكثر من نجاحهما في تحطيم الوحدة الوطنية الفلسطينية،وخلق حالة كبيرة وواسعة من الإحباط وفقدان الثقة واليأس بين الجماهير الفلسطينية،وإنفضاضها عن الفصائل والعمل الوطني،وهتك وتمزيق وتفكيك لحمتها ونسيجها الإجتماعي وخصوصاً نسيج المقاومة الشعبية المُتحررة من التبعية للانظمة العربية واملاءات المحاور وخصوصاً التحالفات الايديولوجية ذات الطابع الاسلاموي، التي ألحقت بالشعب الفلسطيني وبرنامجه الوطني «المُطاح» من قبل فتح وحماس، أضراراً جسيمة يصعب تعويضها او استعادتها، اذا ما استمر الخلاف العبثي بين قادة الحركتين على هذه التقسيمات والحقائب الوزارية "السيادية" وغير "السيادية" التي لا تضيف «فائدة» الى الشعب الفلسطيني أو تسهم في دفع مشروعه الوطني الى الامام بعد أن ظهر أن الحركتين ببرنامجيهما "المقاوم والمفاوض" لم تستطيعا تحقيق أي تقدم جدي على طريق إستعادة شعبنا الفلسطيني لحقوقه المشروعة ،وأستمرتا في النزف والخسارة من رصيديهما الشعبي والجماهيري.
فكل منهما يرى بأن مشروعه السياسي،هو المقبول جماهيرياً وشعبياً والملتفة حوله الجماهير،وانه تحرري ممسك ومتمسك بالثواب وبالمرتكز الأساسي للمشروع الوطني،حق العودة،فاذا بنا امام مشروع فتحاوي واخر حمساوي يتعاطيان مع حقوق شعبنا على قاعدة المصالح وخدمة المشروع الخاص،وَهَمّ كل منهما هو الابقاء على تنظيمه / حركته والبقاء في دائرة السلطة الوهمية وهو ما بات عبئاً على الشعب الفلسطيني ومشروعه الوطني في هذه المرحلة اكثر من اي مرحلة سبقت.
في ظل إنقسام مستعر وخلاف كبير على البرنامج السياسي،تبقى الأولوية لإنهاء الإنقسام،على قيام حكومات تعيد إنتاج العقم السياسي والتنموي،وقبل إعادة إنتاج حكومة جديدة،لن تسهم في تجاوز الأزمة العميقة التي نعاني منها،من الضروري العمل على تفعيل الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير كبديل عن تشكيل حكومة جديدة،إطار يضم كل مركبات العمل السياسي الفلسطيني وطنية وإسلامية، ينضج موضوعة تشكيل الحكومة على أساس برنامج سياسي متفق عليه، ويشرع في فكفكة حلقات الإنقسام.