اطلس/: كما تسميها "إسرائيل" وجل محطات الاعلام والمؤسسات السياسية والدولية حربا وهي في حقيقة الأمر عدوانا همجيا بربريا على شعب أعزل مضطهد يمثل آخر الشعوب التي ترزح تحت نير احتلال كولونيالي تفريغي إحلالي في ظل عالم يتشدق ويتمكيج بالديموقراطية ويتغني نفاقا بحقوق الانسان وحرياته.
وأيا كانت المسميات حربا أم عدوانا فإن ذلك لن يؤثر على مخرجاتها الاستراتيجية التي يجهلها الساسة والاستراتيجيين "الإسرائيليين" والغربين بشكل خاص او يتجاهلونها ويتمسكون بالتفاصيل والاهداف الآنية كالانسحاب والتموضع خارج الاماكن المكتظة بالسكان في القطاع والافراج عن الأسرى وادخال المساعدات فهذا العدوان الابادي المتصاعد والمستمر الذي تغذيه العنحهية الصهيونية وتذكي نيرانيه المصلحية السياسية الذاتية لنتنياهو وبن غفير وسموتريتش يحمل في طياته مخرجات استراتيجية بدأت بواكيرها تتبلور فيما يتعلق بمستقبل الصراع الفلسطيني الصهيوني بحيث أسقط هذا العدوان المستمر الركائز الأساسية لقيام دولة "إسرائيل"، فالدعاية التاريخية التي عملت الحركة الصهيونية على ترويجها منذ القرن التاسع عشر قد انهارت وتعرت وانهارت معها السردية الصهيونية التاريخية التي ضللت وخدعت الرأي العام العالمي خصوصا الغربي لأكثر من قرن والتي زورت التاريخ وألبست المعتدي ثوب الضحية وحاولت أن تلغي وجود وتاريخ وحق شعب حي هو الشعب الفلسطيني.
كذلك أسقط هذا العدوان نظرية التفوق والأفضلية والمهنية العسكرية لجيش الاحتلال وأظهره على حقيقته المتمثلة بالترهل والضعف والجبن والبلطجة وأنه جيش متجرد من مقومات العسكرية والمهنية لا ينسجم مع مظاهر الدول العريقة بل لا يصل إلى مستوى عصابات الاجرام وبالتالي سينعكس ذلك على مستوى نظرية الأمن والأمان في المجتمع "الاسرائيلي" بالاضافة إلى أنه سينزع عن الكيان الصهيوني صلاحية الشرطي المتمكن في منطقة الشرق وسيفرض على المستوى الاستراتيجي تغيير مواقف الدول الراعيه له بحكم معطيات الواقع وبحكم التغيير المتنامي في الرأي العام في دولها .
وعلى المستوى السياسي فإن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية والقدس والمستمر منذ ثمانية أشهر قد أسقط القناع عن اتفاقيات أوسلو والتي عند توقيعها كانت خيارا محتملا مقامرا فأحد أهم مخرجات هذا العدوان أنه شكل كاشفا حقيقيا على استنفاذ تلك الاتفاقيات وقسرا قد حرر الشعب الفلسطيني من التمسك بهذه الاتفاقيات السرابية وبالنتيجة أعاد الصراع الى مربعه الأول والذي سيؤسس إلى استراتيجية جديدة قديمة في فهم طبيعة الصراع وجوهره يتحرر من منطق القبول واللهاث وراء الفتات والانعتاق من منطق الاستجداء والتوسل إلى مفهوم التمسك بالحق التاريخي.
تجدر الاشارة إلى أن مايتعرض له الشعب الفلسطيني على مدار مئة عام بشكل عام وخلال الثماني أشهر المنصرمة وما تمثل به من سياسات التقتيل والتدمير والاعتقال والحصار والتجويع والتهجير ورغم الثمن الباهظ الذي يتكبده فإن ذلك لن يفني ولن ينهي وجوده ولن يقتلعه من أرضه مهما عظمت التضحيات وإن استنرار العدوان الابادي بهمجيته ووحشيته وفي ذات الوقت الذي يدف فيه الشعب الفلسطيني ثمنا باهظا فإن ديمومة العدوان وفظاعته ستؤسس لتغيير جذري في الفكر الوطني الفلسطيني الجمعي وفي التركيبة السياسية والوطنية الفلسطينية وفي المقابل فإن الثمن الذي سيدفعه الاحتلال الصهيوني على المستوى الداخلي والنفسي والعسكري والدولي سيفكك هذه الدولة المتهالكة وسيسقطها من الذروة الموهومة ويجردها من مقومات وجودها الداخلية والاجتماعية والدولية