اطلس: ما الذي كشفته دولة جنوب افريقيا جلب "دولة إسرائيل" لمحكمة العدل الدولية ؟ أولا : ان العروبة والإسلام ، و معهم منظمة التحرير المضطلعة بالقضية الفلسطينية ، خارج سياق الصراع مع "إسرائيل" ، لا عسكريا و لا سلميا ، لا عمليا و لا نظريا
لا صيفا و لا شتاء ، لا في القرن الماضي و لا في القرن الحاضر . معركة واحدة في يوم واحد نفذته حركة مقاومة واحدة "طوفان الأقصى" ، و دولة غير عربية و غير إسلامية و غير شقيقة و غير مجاورة ، فعلتا ما عجزت عن فعله ، أمتان عريضتان ، على مدار قرن كامل من الزمان .
ثانيا : ما الذي كانت هاتان الامتان – من 57 دولة - تفعلانه خلال ذاك الصراع ؟ ادعاءات و أكاذيب و اقاويل و فبركات و ادانات و استنكارات و مشاجب و تبريرات و تهديدات و توعدات و تجارة و استرزاق و استغناء ، و ما ان لاحت اول فرصة "سلام" مع هذه الدولة العاتية حتى انكشفت حقيقة هؤلاء ، فاعترفوا بها على مراحل ، فرادى ، ثم جماعات . بمن في ذلك منظمة التحرير التي فاوضت "إسرائيل" اكثر من نصف عمرها ، فتتوج المسيرة بالابادة.
ثالثا : من غير المستساغ ان تقوم دولة جنوب افريقيا برفع قضية ضد دولة متهمة بالابادة قبل ان تقطع علاقاتها معها ، بما في ذلك طرد سفيرها و اغلاق سفارتها ، و هذا ما فعلته جنوب افريقيا و ما لم تفعله أي دولة عربية شقيقة .
رابعا : في لحظة ما من مرافعات الفريق القضائي الجنوب افريقي ، يشعر المرء ان هذه المرافعات الادانية موجهة الى عدد كبير من الدول العربية و الإسلامية الشقيقة ، فمن اغلاق المعبر العربي ، و من التوافق بإنزال جوي ، و من متوعد بمحاسبة أصحاب الطوفان ، و من فاتح مفاوضات مراثونية مع دولة الإبادة مباشرة او مع من يدعمها في مجلس الامن بالفيتو .
خامسا : قد يقول قائل عربي ، ان "إسرائيل" ستنجو من المحاكمة الدولية ، و ان لا فائدة ترجى من هكذا معارك و مواجهات . ان جلب هذه الدولة المحتلة العاتية الى المحكمة الدولية مخفورة ، و متهمة بتهمة لا أحد اليوم من الدول يتهم بها ؛ إبادة جماعية بحق شعب ، حتى لو نجت منها ، فإنها ستسجل سابقة إجرامية في سجلها ، و سابقة تاريخية لا يمكن محوها .و سيمهد ذلك رسميا لمساءلة كل من يدعمها بأسلحة الإبادة و أموال الإبادة و جغرافيا الإبادة (المجالات الجوية و البرية و البحرية) وحتى الصمت والتواطؤ على ارتكاب الإبادة ، كي يشعر العشرة آلاف طفل غزي انهم ينامون بهدوء في قبورهم الجماعية ، مطمئنين من ان لا يكون إبادة أخرى بحق أطفال آخرين ، لا في غزة و لا في أي مكان آخر في العالم.