اطلس:تشكو جهات مانحة وغير مانحة ومؤسسات مجتمع مدني وعامه، اعتادت ان تمنح وتنفذ برامج ومشاريع كثيرة في بلادنا، من عدم إحداث التغيير المطلوب وبالتالي الأثر المستدام
الذي تم التخطيط له، هذا رغم البرامج العديدة وفي مختلف جوانب الحياة، وخلال سنوات متراكمه، ورغم النشاطات وحملات الإعلام والضغط والمناصرة، ورغم تزاحم الممولين وتنوع الأجندة والجهات المانحة، الا أن هناك أمور أو قوانين أو ظواهر أو أوضاع لم تتغير، رغم الجهود التراكمية من العمل من أجل تغييرها خلال سنوات عديدة.
حيث من المعروف أن من مؤشرات تقييم نجاح الأداء أو المشروع أو الخطة أو البرنامج، هو مدى الفعالية في تحقيق الأهداف التي تم وضعها مسبقا، اي اذا ما تم تحقيق الأهداف المعلن عنها في بداية المشروع أو الخطة، وهناك مشاريع وخطط تنتهي بأعمال في واد واهداف المشروع في واد اخر، وهذا يعني ومهما كان ما يتم انجازه، التبذير والتشتت والابتعاد عن الأهداف الحقيقية، ومنها معادلة التكاليف والانجازات، حيث قد يتم انجاز الأهداف المعلنة، اذا نفذت من قبل جهات مختلفة او بوسائل او ادارات مختلفة، قد يتم إنجازها بتكاليف أو من خلال إنفاق مبالغ متفاوتة من الميزانية، وهنا يأتي دور اهمية التقييم في تبيان مدى الفعالية في تحقيق الانجازات و بالجودة والنوعية المطلوبتان، ولكن بأقل التكاليف.
ونعرف أنه يحدث في الكثير من الاحيان ان ينتهي المشروع أو الخطة وكأنها لم تكن، اي تتبخر مع تبخر الميزانية المرصودة لها، يختفي الاثر مع انتهاء صرف اخر مبلغ من ميزانية المشروع، وبالتالي يكون ذلك خسارة، ومع كثرة المنظمات والجهات المانحة، وتنوع المشاريع للتنمية او للتوعية او لغير ذلك، يكون الاستثمار في هذه المشاريع، وما يتطلب من ورشات عمل ومؤتمرات وخبراء ودراسات وابحاث وتغطيه اعلاميه ومستشارين محليين ودوليين، يكون خسارة كبيرة، لان هذه الاموال يتم تسجيلها تحت بند مساعدة او دعم وتنمية الانسان او المجتمع الفلسطيني، وهذا الواقع يتطلب وجود أدوات واستراتيجيات للمتابعة والمساءلة والتعلم والتقييم، سواء على مستوى الجهة المانحة، أو المؤسسة المنفذة، أو حتى على المستوى الوطني.
وسواء أكان ذلك في الخطط الاستراتيجية، او في برامج تطويرية، او من خلال حملات المساعدات الانسانية والإغاثة الطارئة، او حتى في حملات الدعم والمناصرة والضغط وحشد التأييد، من الضروري بل الأساسي أن تكون عملية المتابعة والتقييم والمساءلة والتعلم جزءا أساسيا بل حيويا من ذلك، وما يمكن ان يترتب عليهما، من تأكيد او غير تأكيد للنتائج والإنجازات وبالتالي الوصول الى الأثر المطلوب المستدام الذي ينشده الجميع ولكن بدون تحقيقه أو الوصول اليه.
ولهذه الاسباب ولأسباب اخرى، باتت العديد من الجهات المانحة او الداعمة والراعية يشترط على المنظمات أو المؤسسات المنفذة للمشاريع، سواء اكانت محلية او دولية او أممية اي تتبع للأمم المتحدة، وهي كثيرة في بلادنا، بأن تعمل على تصميم برنامج للمتابعة والمساءلة والتعلم والتقييم منذ البداية، وبأن يكون هناك أهداف ووسائل او مؤشرات لقياس مدى تحقيق هذه الاهداف، وبأن يكون هناك طاقم لذلك، وبأن يكون هناك تقارير دورية، كمية ونوعية، من اجل قياس الانجازات ومقارنتها مع الأهداف خلال فترة زمنية محددة.
ووضع ومتابعة خطة تواكب تقدم المشروع، تعني متابعة ما يتم انجازه على ارض الواقع، مقارنة مع ما من المفترض تحقيقه خلال مدة زمنية محددة، وبالتالي تحديد اذا كان هناك عقبات او مشاكل أو الابتعاد عن المسارات الأصلية، وما سبل حلها، واعلام ادارة الجهات المنفذة والمانحة بذلك، وبناء عليه يتم نقاش إمكانية تغيير اسلوب او اتجاهات العمل، او اعادة دراسة أفضل الوسائل لاستخدام المصادر، ولبعض الجهات المانحة، في العادة تكون تقارير عمليات المتابعة ومدى نجاعتها، شرط من اجل الالتزام بتوفير او صرف المصادر المادية وغيرها للفترة التالية.
وللتأكد ان هناك عملا يتم تحقيقه على الارض، فإن ذلك يتطلب التواجد في موقع النشاط للجهات المنفذة، سواء أكان ذلك ورشة عمل او تدريب، والتأكد من وجود أدوات ومواد التدريب، والمدربين، والحضور ونوعيتهم وما الى ذلك، والمتابعة تتطلب كذلك الذهاب الى الحقل او الى موقع العمل، وملاحظة ما يتم تطبيقه من خلال المشروع وبشكل منطقي ترابطي من تحت الى فوق فيما يتعلق بنوعية ومستوى النتائج، والأهم هو ملاحظة جودة المعلومات من حيث دقتها، وتوقيتها، وما ينقصها، والمتابعة تعني التواصل مع الجهات المنفذة من خلال تبيان الخلل والنواقص ومقترحات التطوير او التصحيح، والمتابعة تعني كذلك وضع ما يتم متابعته والحصول عليه في شكل تقرير دوري يقدم للجهات المانحة او الراعية للمشروع.
وتقييم المشروع، هو عملية اعمق واشمل واكثر تحليلا، تهدف الى تحديد اذا ما كان هناك اثر او اثار لما يتم القيام به، وبالأخص في المدى المتوسط والبعيد، والتقييم للمشروع يتم في العادة في منتصف المشروع او بعد الانتهاء منه، ومثلا اذا كانت مدة المشروع خمس سنوات، من المفترض ان يكون هناك تقييم بعد 3 سنوات ومن ثم بعد انتهاء خمس سنوات، وفي العادة يتم التقييم من خلال مقابلات مع افراد او جماعات او من خلال استمارات او زيارات للموقع، وبالطبع من خلال مراجعة التقارير الدورية والبيانات والمعلومات التي تراكمت خلال مدة المشروع، وفي العادة يتم التركيز من خلال التقييم على عناصر اساسية من اجل الاعلان عن نجاح او عن درجة نجاح المشروع أو البرنامج، مثل الاستدامة، اي هل يمكن للمشروع المنجز ان يتواصل وبدون الحاجة الى تدخل او دعم خارجي اضافي متواصل.
ومع تواصل الإعلان عن الخطط الاستراتيجية أو البرامج أو المشاريع بأنواعها المختلفة، سواء التي بدأت او التي سوف تبدأ، والتي في أحيان يكون بعضها مكررا من نفس الجهة، او يتم تنفيذه من جهات عدة وتحت أسماء مختلفة، وبدعم من جهات مختلفة، فإن المتابعة والتقييم مع التركيز على الاستدامة، بما تشمله من توثيق للنتائج، بات عنصرا حيويا من عملية تنفيذ الخطة أو تحقيق الإنجاز أو فعالية الأداء.
وسواء أكان هذا المشروع يتم تنفيذه من قبل المنظمات والمؤسسات الاهلية او من قبل جمعيات المجتمع المدني، او من قبل القطاع العام، اي الحكومة وما يتبعها، بات العمل بمفهوم " الإدارة من خلال النتائج"، أي الابتعاد عن عقلية أو ثقافة النشاطات، من أهم ما نحتاجه هذه الأيام، لكي نرى ما يتم تحقيقه على الارض وبشكل مستدام ويعمل على إحداث الأثر المطلوب والتغيير المنشود.
وبات من المطلوب على من عمل ويعمل في مجالات عديدة وخلال سنوات متراكمة وأنفق أموال من هنا أو من هناك، أن يقوم بتوقف ومراجعة وتعمق وبالتالي تحديد الأسباب التي أدت الى الفشل في إحداث التغيير ولو بشكل جزئي، ومن ثم وضع الخطط المستقبلية لتلاشي أخطاء الماضي، والأهم ترسيخ نظام المتابعة والمساءلة والتعلم والتقييم كجزء أساسي من فلسفة العمل، والتركيز على تحقيق النتائج وبشكل تراكمي منطقي، بحيث تؤدي هذه النتائج ولو بشكل بسيط، في المحصلة وبشكل تلقائي الى احداث التغيير والاثر المطلوب المستدام، الذي بات الجميع يبحث عنه ويتوق الى الوصول اليه.