وعندما يتم ذكر كلمة " الفساد" يتبادر الى الذهن فورا لدى البعض أن الفساد مقصور فقط وفقط على الأمور المالية أو المادية الملموسة، وفي ذلك مجافاة للحقيقة فقانون مكافحة الفساد النافذ يعتبر أن الفساد يشمل: -
1- الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة العامة والجرائم المخلة بالثقة العامة المنصوص عليها في قوانين العقوبات السارية.
2- الجرائم الناتجة عن غسل الأموال المنصوص عليها في قانون غسل الأموال.
3- كل فعل يؤدي إلى المساس بالأموال العامة.
4- إساءة استعمال السلطة خلافا للقانون.
5- قبول الواسطة والمحسوبية التي تلغي حقا وتحق باطلا.
6- الكسب غير المشروع.
7- جميع الأفعال المجرمة الواردة في الاتفاقيات العربية والدولية لمكافحة الفساد التي صادقت عليها أو انضمت إليها السلطة الوطنية.
وقد نص القانون وبوضوح أن من أفعال الوساطة والمحسوبية
اتخاذ المسؤول أو الموظف " قرارا أو تدخلا لصالح شخص أو جهة غير مستحقة أو تفضيلها على غيرها لاعتبارات غير مهنية كالانتماء الحزبي أو العائلي أو الديني أو الجهوي للحصول على منفعة مادية أو معنوية". فكيف يستقيم بالله عليكم أن تتحول منطقة بناء من تصنيف لآخر دون أن يجري زيادة عرض الشارع كي يستوعب الخدمات التجارية التي ستقدم؟ وكيف يستقيم أن يتم ايقاع نسبة خصم على رسوم صرف صحي متراكمة مثلا لمنشأة صناعية تتعدى الحد المسموح به قانونا ؟ وكيف يتم اعفاء ذوي شخصيات قيادية انتقلت الى رحمته تعالى من رسوم الدفن بينما يحرم بعض المواطنين من الدفن في المقبرة التابعة للهيئة المحلية؟ وكيف يستقيم أيضا أن يصرف جزء من الأموال المخصصة لمكافحة جائحة كورونا في تعقيم منازل بعض الشخصيات القيادية على حساب تعقيم الاماكن العامة؟
كما ونصت المادة (2) من القانون أن من بين الذين يخضعون لقانون مكافحة الفساد " (6) المحافظون ورؤساء وأعضاء مجالس الهيئات المحلية والعاملون فيها".
وأوضحت المادة السابعة أن على هيئة مكافحة الفساد التحقيق وفحص الذمة المالية للخاضعين لأحكام قانون مكافحة الفساد، والتحقيق في الشكاوى التي تقدم عن جريمة الفساد والتحقق من شبهات الفساد التي تقترف من الأشخاص الخاضعين لأحكام قانون مكافحة الفساد.
ومن صلاحيات الهيئة وفقا للقانون ملاحقة كل من يخالف أحكام القانون وحجز أمواله المنقولة وغير المنقولة ومنعه من السفر وطلب كف يده عن العمل من الجهات المعنية ووقف راتبه وعلاواته وسائر استحقاقاته المالية عند اللزوم، وتجدر الاشارة الى أن قضايا الفساد لا تخضع للتقادم وكل ما يتعلق بها من إجراءات، وبالتالي فان الملاحقة القانونية للخاضعين لقانون مكافحة الفساد ومن ضمنهم رؤساء وأعضاء الهيئات المحلية تبقى قائمة حتى بعد انتهاء ولايتهم، وحتى لو تم إبراء ذمتهم وتبين وجود مستجدات.
ومن هنا يجب أن يسارع أعضاء الهيئات المحلية الى تقديم "إقرار الذمة المالية" على النماذج "الكتيب" المتوفر في مقر الهيئة، ويجب أن ينتبهوا الى أن القوانين تقيدهم في الصلاحيات الممنوحة لهم سواء أكانوا رؤساء أو أعضاء للهيئات المحلية، ولا تقتصر هذه القوانين والأنظمة فقط على مسائل تتعلق بمكافحة الفساد بل أيضا تلك القوانين والأنظمة التي تتعلق بصلاحيات رؤساء وأعضاء الهيئات المحلية.
المسألة إذا لا تتعلق فقط بفساد مالي، وإنما أيضا بالوساطة والمحسوبية وبالفساد الإداري وتجاوز الصلاحيات، فلا يحق لأي هيئة محلية رئيسا وأعضاء اتخاذ قرار يقضي بالمس بهيكلية وعمل أقسام الهيئة المحلية، أو تكليف موظف بمهام تخرج عن إطار وصفه الوظيفي، أو نقل مهام منوطة بدائرة من دوائر الهيئة المحلية الى دائرة أخرى، وعند رفض الموظف الامتثال لذلك وهو محق يجري تشكيل لجان تحقيق له و/او توجيه لفت نظر و/او تدويره، بتهمة مخالفة أوامر وتعليمات مجلس الهيئة و/او رئيسها.
رئيس الهيئة المحلية أو أي عضو فيها ليس الحاكم بأمره، لا يحق لأي منهم السير مختالا بين الدوائر المختلفة "نافخا ريشه" ملقيا أوامره غير القانونية أو التعسفية، لا يحق لأي منهم التعدي على صلاحيات كادر البلدية أو إرغامهم على التوقيع على معاملات غير قانونية تحت طائلة "التهديد" بالمس بقوتهم وقوت عائلاتهم، ولا يحق لهم تشكيل لجان تحقيق بشكل جزافي والسير بإجراءات غير قانونية، ولا يحق لهم تكليف أي من الموظفين بأية مهمة ليست من ضمن وصفه الوظيفي أو متعارضة مع هيكلية الهيئة المحلية.
نريد أن نمضي قدما في مزيد من المأسسة لكافة أجسام الكيان الوطني الفلسطيني قدما على طريق أن نكون فعلا دولة المؤسسات ضمن منظومة تحترم سيادة القانون واستقلال القضاء وتحترم حقوق الانسان وتستنهض الكفاءات.
الهيئات المحلية المنتخبة حديثا على المحك ليس فقط في تسيير أمور الهيئة المحلية وإنما في التأسيس لمستقبل المأسسة الفلسطينية والبناء على ما سبق ذلك من إنجازات دون إغفال الدور الوطني الى جانب الدور الخدماتي.