حكومة الإحتلال وقادة المؤسستين العسكرية والأمنية يفضلون الحسم العسكري إقليمياً على الحسم عسكري فلسطينياً.
صحيح أن اسرائيل،خرجت للضفة الغربية من أجل الحسم العسكري والأمني،وكانت تستعد لذلك قبل السابع من اكتوبر 2023 ،حيث تأخرت تلك العملية بفعل إندلاع معركة ال 7 من أكتوبر،وخارطة الضم التي اخرجها نتنياهو في أكثر من مؤتمر صحفي ،والتي تظهر الضفة الغربية جزء من دولة الإحتلال،وما دعا اليه وزير خارجية الإحتلال يسرائيل كاتس الى اخراج سكان المخيمات الفلسطينية في شمال الضفة الغربية وطردهم ،والقيام بتجريف المخيمات ومدن شمال الضفة الغربية ،يقول بأن الإحتلال يعمل على تحقيق هدفه الإستراتيجي ب”الهندسة” الجغرافية والديمغرافية للضفة الغربية، لمنع تشكل اي كيانية فلسطينية تقود الى دولة فلسطينية مستقلة على ارض فلسطين،ولكن في ظل تعثر مشروع الحسم العسكري فلسطينياً،حيث لم ينجح الإحتلال،رغم استخدامه لكل فائض قوته العسكرية من كتائب عسكرية وطائرات مسيرة وحربية ودبابات وجرافات ثقيلة،وأجهزة امن ومخابرات وتجسس في القضاء على المقاومة الفلسطينية،ومنع تطورها وتجذرها وتمددها على طول وعرض مساحة الضفة الغربية،ومن خلال اشكال نضالية متعددة دهس وطعن واستخدام سلاح ناري وعبوات ناسفة وعمليات منظمة وعفوية وفردية،والعودة للعمليات “التفجيرية” ،والتي تشكل مصدر قلق ورعب لدولة الإحتلال وأجهزتها الأمنية،من حيث فقدان الأمن وتوفير الحماية للمستوطنين اليهود على المستويين الفردي والجماعي ،المأزق الذي تعيشه دولة الإحتلال بعدم القدرة على تحقيق انجاز عسكري وميداني في القطاع ،وعدم القدرة على استعادة الأسرى بدون شروط المقاومة،وكذلك الفشل في استعادة قوة الردع على الجبهة الشمالية،واعادة المستوطنين المهجرين الى مستوطناتهم، هي عوامل تجعل الإحتلال ،يذهب الى خيار الحسم الإقليمي ، الذي يطال المحور بكامله ايران وحركات المقاومة في لبنان والعراق وسوريا واليمن وفلسطين،وحتى الدول التي لديها اتفاقيات مع ” اسرائيل” الأردن ومصر وسلطة أوسلو …ولذلك لا حديث عن صفقة تبادل اسرى ووقف إطلاق نار في قطاع غزة،بل حرب استنزاف مستمرة وتقطيع للوقت حتى يتبين وضع الإنتخابات الرئاسية الأمريكية،مع احتمالات خروج دولة الإحتلال الى حرب واسعة على الجبهة الشمالية،حرب لا تريدها لا امريكا،لإعتبارات اولوياتها في بحر الصين وتايون،والحرب الأوكرانية – الروسية،والخوف ان تأتي الحرب مع ايران الى نتائج غير مضمونة،وبالتالي بقاء ايران وبرنامجها النووي سلمياً وتحت السيطرة، أفضل من ان يتحول البرنامج النووي الإيراني الى برنامج ذو استخدامات عسكرية.
أما ايران فهي لا تريد لهذه الحرب أن تتسع،لأن ذلك يستجلب عسكرة المنطقة والخليج من جيوش وبوارج ومدمرات وحاملات طائرات ،يصعب بالتالي خروجها من المنطقة.
نتنياهو وقادة الإحتلال في الحكومة ومن خارجها، يريدون لهذه الحرب أن تتسع وتتحول الى حرب إقليمية شاملة يزجون بها أمريكا ودول الغرب الإستعماري ،بما يسهم في تدمير قدرات ايران العسكرية والتسليحية والنووية من برنامج نووي ومنشأت نووية ومصانع صواريخ باليستية وطائرات مسيرة، فمثل هذه الحرب تخدم مصالح دولة الإحتلال، بأن تطيح بكل قوى المحور دفعة واحدة من طهران لبغداد لبيروت فدمشق فعدن وفلسطين،وتفرض هيمنتها وسيطرتها على المنطقة،وبما يطال الدول التي لها اتفاقيات معها مثل الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية،بحيث يجري التخلي عن هذه الإتفاقيات وادي عربة وكامب ديفيد وأوسلو لصالح اتفاقيات جديدة ،أكثر سوء من تلك الإتفاقيات التي تعتقد اسرائيل بأنها استنفذت الهدف الذي من أجله جرى التوقيع عليها .
التهديدات الإسرائيلية بشن عملية عسكرية واسعة على الجبهة الشمالية، يبدو انها لم تعد جزء من حرب نفسية وضغط معنوي وببروغندا اعلامية، فهناك أزمة ضاغطة على حكومة الإحتلال،هي عدم القدرة على تحمل استمرار الوضع على ما هو عليه من هجرة المستوطنين،وعدم القدرة أيضاً على إعادتهم لمستوطناتهم وممارسة حياتهم الطبيعية، حيث لم يتمكنوا من بداية العام الدراسي،وفقدان الأمن يزداد،ولذلك ربما بات الوضع أقرب لشن عملية عسكرية واسعة،قد تندفع الى حرب إقليمية، دفعت بالوسيط والمبعوث الأمريكي اليهودي عاموس هوكشتاين للقدوم على عجل للمنطقة،من أجل تحذير اسرائيل من أن الذهاب الى معركة واسعة مع حزب الله اللبناني، قد تدفع الى تدخل ايراني مباشر، ناهيك ان هذه الحرب ستشكل تهديد وجودي لإسرائيل.
يبدو بأن الحرب الإقليمية التي يريدها نتنياهو،الديمقراطيون لا يريدونها،ولكنهم مستعدون للدفاع عن اسرائيل وحمايتها،ولكن يبدو بأن مثل هذا الخيار،ربما جرى التوافق عليه بين نتنياهو وبايدن عندما زار امريكا مؤخرً والتقى به، حيث قال ترامب بأن اسرائيل دولة صغيرة تحتاج الى توسيع مساحتها بالمزيد من الأرض،وهذا ما يتوافق مع خرائط الضم ومشاريع التهويد التي يسعى لها نتنياهو وسموتريتش وبن غفير واوريت ستروك،وخاصة بأن تلك الخرائط والمشاريع تشطب نهائياً الشعب والأرض الفلسطينية ،وتمتد لتطال اراضي دول عربية اخرى الأردن وسوريا ولبنان والعراق،وخيار الحسم العسكري الإقليمي،قد تزداد فرصة وحظوظه مع فوز ترامب في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة،حيث ستستمر الحرب على أكثر من جبهة،دون ان يتم التوقف عن مشاريع الطرد والتهجير للشعب الفلسطيني،والضم والتهويد للأرض الفلسطينية ،وكذلك السعي للحسم العقائدي الديني في المسجد الأٌقصى،حيث كل المؤشرات والمعطيات تقول بأنه سيكون أمام مخاطر جدية وحقيقية، في ظل غياب أي موقف عربي- إسلامي ردعي،وفي ظل حالة “موات” عربي- اسلامي غير مسبوق ،هذه الحالة هي التي جعلت جماعات او منظمات ما يعرف بالهيكل تتمادى، وتقوم بنشر مقاطع فيديو بعنوان “قريباً في هذه الأيام، صورة للأٌقصى وهو يحترق.
الأيام القريبة القادمة ستجيب عن كل هذه التساؤلات والخيارات،حيث المنطقة تنتظر ردود ايرانية ويمنية على عمليات الإغتيال التي طالت رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في طهران،وقصف ميناء الحديدة في اليمن، وطهران وصنعاء تؤكدان على ان الردود قادمة وستكون نوعية ومفاجأة،وتلك الردود سيترتب عليها صب الزيت على لهب التصعيد الحاصل في المنطقة،والذي قد يدفع نحو خيار الحرب الإقليمية الشاملة، التي يسعى اليها نتنياهو وجنرالات الإحتلال