سواء أصدقاء إيران ومن ينحاز لها، أو خصومها الذين يفرحوا لتسجيل الملاحظات أو النقص في أدائها، كلاهما ينظر لإيران نظرة الاهتمام، إما بتقديم التبرير والبحث عن الذرائع لتقصيرها في مواجهة المستعمرة الإسرائيلية، أو لتسجيل الإدانة في عدم الالتزام بما يمليه عليها الواجب نحو توجيه ضربة أو ضربات من جانبها رداً على التطاول عليها أو على حلفائها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
المعركة ليست معركة إيران، بل هي معركة العرب، إذا كانت ثمة ملامة، يجب توجيهها نحو التقصير العربي، وليس لإيران، إيران دولة مستقلة تفهم مصالحها، وتتصرف على هذا الأساس، وتكون مغامرة تفتقد للاتزان إذا خاضت معارك من أجل الآخرين، من أجل العرب، إذا لم يكن لها مصلحة في ذلك.
نحن لا تربطنا علاقات لا مع حركة حماس، ولا مع حزب الله، نختلف معهم، ومع ذلك يدرك الأردن أين مصلحته الوطنية والقومية، ويتصرف رأس الدولة ووزير الخارجية في التعبير عن مشاعرنا ومصالحنا بالانحياز إلى فلسطين ولبنان، لأن توجيه الضربات نحو حماس وحزب الله، وتقويض مكانتهما، وإنهاء دورهما وتصفية قياداتهما، يتم بأيدي المستعمرة ولصالح تسلطها وهيمنتها على منطقة الشرق العربي، فهل لنا مصلحة في ذلك حتى لو اختلفنا مع سياستي حماس وحزب الله؟؟
كنا نختلف مع نظامي صدام حسين وحافظ الأسد، ومع ذلك كان الحسين يقول بعزيمة وإصرار: “لن نشارك بذبح العراق تحت الراية الأميركية”، وسجل لنا الحسين شرف قواتنا المسلحة أنها لم تشارك بذبح العراق، ولم تمسه بسوء ودفعنا ثمناً مقابل هذا الموقف القومي النبيل الذي فعله بلدنا، ومارسه نظامنا السياسي من علو ورفعة، وكذلك مع سوريا، رفضنا المساهمة في تقويض النظام السوري أو المس به.
إيران تتصرف وفق مصالحها، ليس لها مصلحة في الصدام مع الولايات المتحدة لعدة أسباب: أولاً لسعيها إنهاء حالة القطيعة مع واشنطن لعلها تُنهي حالة الحصار والعقوبات المفروضة عليها، وثانياً تطبيق الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه عام 2015، لعلها تصل إلى عضوية النادي النووي، ثالثاً حتى لا تدفع واشنطن نحو المساهمة بقصف قوات المستعمرة لـ: 1-المفاعل النووي الإيراني الذي سينتج لها القنبلة النووية، و2- مصافي النفط الذي ينتج لها الطاقة والموارد المالية ببيع النفط، ولذلك هي تتصرف وفق مصالحها، ومصالحها فقط، وليس لمصلحة العرب حتى ولو كانوا من أصدقائها أو حلفائها أو أتباعها.
حزب الله قدم التفاعل والتضحية انحيازاً لفلسطين وها هو يدفع الثمن، لذلك له التقدير على ما فعل، وهي المرة الأولى التي تقع فيها مشاركة فعلية عربية بهذا المستوى من المشاركة مساهمة لتخفيف العبء عن أهل غزة ومقاومتها.
المعركة معركة الشعب الفلسطيني أولاً، ومن يقف معه من الأشقاء العرب، ونتنياهو هو الذي يتهرب من صيغة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على كامل أرض فلسطين، أو الصراع العربي الإسرائيلي باحتلاله للجولان السوري وجنوب لبنان، ويصف الصراع على أنه “إسرائيلي إيراني” في محاولة لإظهار دوره في حماية المصالح الأميركية والأوروبية لدى العالم العربي في مواجهة إيران وأدواتها “الإرهابية”.
المعركة معركة العرب، وليس لإيران دخل فيها إلا إذا تضررت مصالحها المباشرة، غير ذلك لا تراهنوا على أي تدخل إيراني لمصلحة العرب وتحرير أراضيهم المحتلة من قبل المستعمرة الإسرائيلية.