التراجع بادعاء التواضع!كتب ابراهيم ملحم

ليس لأحلام الذئب حدود، ولا لشهيته المفتوحة على ملاحقة الطرائد قيود، طالما اشتم رائحة ضعفٍ مُغلّفةٍ بالتهديد والوعيد بالرد في الزمان والمكان المناسبين، التي اعتاد سماعها، وطرب لِجرسِها، وهدأة إيقاعها، فهو أكثر من يعرف موقع إعراب تلك الجملة المعترضة، في نص ردود الفعل للدول والكيانات المستهدفة، وهي في الغالب تكون “ممنوعةً من الصرف”.

مصدر إسرائيلي يقول: “إن أهداف إسرائيل محدودة، وخطواتها في الجنوب معدودة، وإنه ليس في واردها توسيع رقعة الحرب”. يأتي هذا التراجع عقب عدة محاولات، تكسّرت فيها نِصال قوات النخبة عند المئة متر الأولى في جنوب لبنان، وتكبدت فيها خسائر فادحة، وهي القوات التي دفع بها نتنياهو لإنجاز العطاء الذي رسا عليه من الحليف الأكبر لتغيير معالم الشرق الأوسط، ورسم آخر جديد تكون لإسرائيل فيه اليد العليا.

بهذا التعثر تكون الرسالة وصلت، والسهام ارتدت بعد أن فشلت في إصابة أهدافها.

بعمق ضرباته ترتفع سقوف مطالباته، وبحجم تقدم جنازير دباباته تتمدد نوازع السيطرة والتوسع لأحلامه.

فلو قُدّر للدبابات أن تتقدم في المدن والقرى والبلدات في جنوب لبنان، لكُنّا أمام مشاهد توحشٍ مماثلةٍ لتلك التي حدثت في قطاع غزة، حيث جرى تجميع الأطفال والنساء والشباب والشيوخ في الساحات، وتكديسهم في الشاحنات، ليُقتادوا مكبلي الأيدي والأرجل ومعصوبي الأعين، وشبه عراة، إلى أقبية التحقيق والتعذيب والإعدامات الميدانية بالمئات.

سردية الهدف المحدود مخادعة، يتوارى خلفها هدفان، فمن جهة تحفظ له خط الرجعة من إخفاقاتٍ مرتقبةٍ تعاكس أحلام التوسع والغطرسة، وتتيح له الهروب الآمن من الفشل الكامن في تكرار التجربة التي تعيد إلى الأذهان مجزرة الدبابات في واد الحجير في العام 2006، ومن جهة أخرى يوجه من خلالها رسالة طمأنة إلى الدول القلقة، بمحدودية أطماعه، وأنه يعمل على ربط معدته لكبح شهيته المفتوحة عن ابتلاع المزيد من الأراضي، إذا ما انفتحت مثل بساط الريح تحت جنازير دباباته، ليصل بيروت كما وصلها شارون من قبل، ومن بعدها طهران التي سيوجه لها ضربات مرتدة على ضرباتها الموجعة.

يحاول الذئب التوغل في جنوب لبنان وعينه على إيران، والأيام المقبلة ستحدد مَديات الفعل ورد الفعل في متوالية السجالات المستعِرة بالنار، والمُحملة بنُذر الدّمار.

About Atlas

Check Also

لنسقط الاوهام عن ترامب ونستعد للاسوأ

اطلس:كتب د.احمد رفيق عوض : يقولون انه تاجر يحب الصفقات ويكره الحروب، و يقوم إنه …