بعد تأكيد الإعلام الأميركي على مدى عام عدم قدرة “إسرائيل”، بدعم من الولايات المتحدة، على القضاء على المقاومة وحركة حماس، أعادت عدة وسائل إعلام أميركية الحديث عن بقاء حماس راسخةً بعد استشهاد رئيس مكتبها السياسي، يحيى السنوار، مبديةً اهتماماً بالمقطع المصوّر الذي نشره “جيش” الاحتلال، والذي يظهر الشهيد القائد مصمماً على القتال حتى الرمق الأخير.
مجلة “فورين بوليسي” نشرت مقالاً بعنوان “السنوار مات.. حماس حية جداً”، قالت فيه إنّ التاريخ يثبت أنّه لا يمكن تحقيق النصر في الحرب بمجرد قتل الأعداء الذين ينتمون إلى حركة مقاومة، موضحةً أنّ آخرين “سينهضون مع مرور الوقت (بعد السنوار)، كما حصل دائماً، من أجل مواصلة المقاومة، على الرغم من أنّ قتله يبدو إنجازاً كبيراً اليوم”.
وأوضحت المجلة أنّ المقاومة “ليست عبثيةً، بل هي عنصر أساسي في الهوية”، مشيرةً إلى أنّ هذا السبب هو الذي دفع السنوار ليريد “أن يموت بقذيفة دبابة إسرائيلية، لا بسكتة دماغية”، معتبرةً أنّه كان يعتقد، “استناداً إلى أدلة قوية، أنّ موته العنيف سيكون مصدر إلهام لمزيد من المقاومة”.
المجلة عادت في التاريخ واستذكرت عدداً من الشهداء الذين اغتالهم الاحتلال الإسرائيلي، ووصفتهم بـ”وحوش الماضي الإسرائيلي”، وهم: الأمين العام السابق لحزب الله، الشهيد السيد عباس الموسوي، مؤسس حركة حماس، الشيخ الشهيد أحمد ياسين، الأمين العام والمؤسس لحركة الجهاد الإسلامي، فتحي الشقاقي، وأحد قادة ومؤسسي حركة فتح وجناحها العسكري، خليل الوزير.
وأشارت “فورين بوليسي” إلى أنّ هؤلاء جميعاً استشهدوا في عمليات استخبارية أو عسكرية، ساعدت في بناء “أسطورة أجهزة الأمن الإسرائيلية”، إلا إنّ الإسرائيليين، “لم يتمكنوا قط من وضع نهاية للمقاومة” ضدهم.
ولدى حديثها عن حزب الله، لفتت “فورين بوليسي” إلى الأمين العام الشهيد السيد حسن نصر الله، بعد استشهاد السيد الموسوي، بنى الحزب “ليصبح أفضل جهة غير حكومية مسلحة في العالم”. أما في الأسابيع التي تلت استشهاد السيد نصر الله، وقيادات أخرى من حزب الله، فأطلق المقاومون “سيلاً لا ينتهي من الصواريخ على إسرائيل”.
كما طرحت مثالاً آخر، هو حرس الثورة الإسلامية في إيران، الذي “لم يفوّت لحظةً واحدة، بل ربما أصبح أكثر فتكاً”، بعد اغتيال قائد قوة القدس فيه، قاسم سليماني.
وبالعودة إلى الشهداء الفلسطينيين، أشارت المجلة إلى استمرار الجهاد الإسلامي في استهداف الإسرائيليين بالاستشهاديين والصواريخ من قطاع غزة، بعد عقود على استشهاد الشقاقي. وكذلك الأمر مع الشيخ الشهيد ياسين، الذين “لم يجبر (استشهاده) بغارة إسرائيلية خلفاءه على إعادة النظر في استراتيجيتهم”.
وإزاء كل ذلك، تساءلت “فورين بوليسي”: “لماذا يختلف (استشهاد) السنوار؟”.
صحيفة “وول ستريت جورنال” علّقت على المقطاع المصوّر الذي نشره “الجيش” الإسرائيلي من مسّيرة، والذي يظهر فيه الشهيد القائد على أريكة يقذف الطائرة الإسرائيلية بعصا، مؤكدةً أنّ الطريقة التي استشهد فيها، “وهو يرتدي سترةً قتالية، مع العثور على مسبحة صلاة وكتب دينية بحوزته، ستعزز أسطورته كمقاتل حتى النفس الأخير”.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول عربي مشارك في مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة قوله إنّ فيديو اللحظات الأخيرة لحياة السنوار “لن تؤدي إلا إلى ضمان استمرار التحدي والقتال، وإظهاره كرجل التزم بكلماته”.
أما شبكة “أن بي سي نيوز” فشددت على أنّ “الروح القتالية التي أظهرها السنوار في لحظاته الأخيرة.. التحدي الذي أبداه وهو مغطى بالغبار، ويبدو أنّه ذراعه اليمنى أُصيبت، ومع ذلك يقاتل ستترك إرثاً ملهماً للأجيال القادمة”، مرجحةً أن تكون لقطات المسيّرة الإسرائيلية “بمنزلة نصب تذكاري رقمي” للمقاومة الفلسطينية.
بدورها، نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن خبراء تأكيدهم أنّ حماس لن تنهار بعد استشهاد السنوار، مشيرةً إلى أنّ “إسرائيل اغتالت العشرات من قادة حماس، وقتلت آلافاً عديدةً من مقاتيلها، منذ تأسيس الحركة في الثمانينيات”، ومشددةً على أنّ هذه الضربات “لم تمنع حماس قط من التعافي، وفي كثير من الأحيان، بشراسة أكبر”.
وفيما يتعلق بالوضع الحالي، أشارت الصحيفة إلى “تعهّد إسرائيل منع حماس من استئناف أي دور في حكم قطاع غزة” بعد الحرب، إلا أنّ الحركة “واصلت القتال على الرغم من ذلك، فعادت إلى الظهور بصورة متكررة، وشنّت هجمات جديدةً في المناطق التي زعمت إسرائيل أنّها” قضت على المقاومة فيها.