ترامب يشكل حكومة أميركية مفصلة على مقاس نتنياهو

اطلس:حتى ألان ، اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، مجموعة لاستلام الحقائب الوزارية الأساسية، والمواقع الحساسة بشكل يرضي رئيس وزراء إسرائيل بشكل غير مسبوق، نظرا لتأييدهم المستميت لإسرائيل، والنزعات اليمينية المتجذرة فيها، ومحبة شخصية لنتنياهو، ودعما للاستيطان، وبشكل لم يكن بالمستطاع تخيله قبل إعلانات ترامب.

في أعقاب فوزه الانتخابي الأسبوع الماضي، أشار ترامب في البداية إلى أنصار “أميركا أولاً” الانعزاليين بأنهم سيلعبون دوراً رئيسياً في تحويل سياسته الخارجية ــ ما فسر على أنه إشارة تحذير صارخة للصقور المؤيدين لإسرائيل الذين كانوا قد افترضوا أنه سيقدم شيئاً مماثلاً في تأييده لإسرائيل لما قدمه في ولايته الأولى.

ولكن مع تعييناته الوزارية بوتيرة سريعة خلال أسبوعه الكامل الأول كرئيس منتخب، نجح بسرعة في تجميع فريق للسياسة الخارجية يتمتع برؤية عالمية واضحة ومفصلة معادية بطبيعتها لإيران، ومهملة لأي تطلعات وطنية فلسطينية، ومحتجة على أي ضغوط أميركية (محتملة) أهداف إسرائيل أو التنديد بسلوكها في الحرب.

ويعتقد الخبراء أنه كون أن تعيينات السياسة الخارجية – بما في ذلك السفير الأمريكي لدى إسرائيل والمبعوث إلى الشرق الأوسط – جاءت قبل العديد من التعيينات الأخرى، تشير فقط إلى مدى الأولوية التي سيحظى بها الشرق الأوسط بالنسبة لترامب، على الرغم من الاعتقادات الأولية بأنه سيركز على أوكرانيا أولاً وقبل كل شيء، وهو ما يعتبره السفير الأميركي المعين لدى إسرائيل مايك هاكابي، الإنجيلي التبشيري المتطرف.

يعتقد الخبراء أن تعيينات ترامب لا تمثل عناقًا كاملاً لليمين المتشدد المؤيد لإسرائيل والاستيطان، بل وضم الضفة الغربية فحسب، بل تشجع نتنياهو أيضًا على الاعتقاد بأنه ستحصل على الضوء الأخضر لمتابعة أي إستراتيجية يراها ضرورية. وهذا يشمل نهجًا أكثر عدوانية تجاه إيران، والمنحى الأكثر وضوحا منذ احتلال عام 1967، للضفة الغربية المحتلة وغزة (التي تحتلها سلطات الاحتلال الإسرائيلي وباتت مدمرة بالكامل). فمن هم هؤلاء اللذين عينوا الأعضاء البارزين في الساسة الخارجية والأمن القومي، وماذا يريدون هؤلاء المعينون من الفلسطينيين ؟! لنبدأ حيث بدأ ترامب في تعيينه الثاني (بعد تعيين سوزي راليز مديرا لموظفي البيت الأبيض):

1-إليز ستيفانيك:  اختار الرئيس المنتخب عضو الكونغرس الجمهوري، إليز ستيفانيك (جمهورية من ولاية نيويورك تبلغ 40 عاما من العمر)، لتكون سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، وهي أكثر حماسة في دعمها لإسرائيل، من الناحية الإيديولوجية من سفيرة ترامب السابقة في الأمم المتحدة، نيكي هيلي. وقال ترامب في بيان: “يشرفني ترشيح رئيسة اللجنة إليز ستيفانيك للعمل في حكومتي كسفيرة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة. إليز مقاتلة قوية وذكية للغاية من أجل أمريكا أولاً”.

وكانت عضو الكونجرس عن نيويورك ستيفانيك، وهي رابع أكبر أعلى عضو جمهوري في مجلس النواب، وحليفة قوية للرئيس المنتخب وجامع تبرعات رئيسي للحزب الجمهوري، قد لعبت دورا محوريا في إطلاق “حملة صليبية Crusade” بحسب الخبراء لإثارة الذعر بشأن معاداة السامية على مدار العام الماضي، وقد تم إغداق جوائز ميريام أديلسون، أرملة الملياردير شيلدون آدلسون الإسرائيلية، التي أنفقت على حملات ستيفانك ملايين الدولارات، وهو ما مكنها من التسلل إلى الآلة السياسية لترامب.

ليس هناك اختلافات جوهرية واضحة بين ستيفانيك وهايلي؛ فقد نددت ستيفانيك بشدة بإدارة بايدن-هاريس لعدم تسليحها إسرائيل بشكل كاف، وزعمت أن بايدن تذلل للصين – كما أدانت انسحابه من أفغانستان من حيث المبدأ.

2- السيناتور ماركو روبيو: السيناتور عن ولاية فلوريدا، ماركو روبيو، أن عرف عنه شيئا، فيعرف عنه تفانيه في “حب إسرائيل” حيث دعمته بنجاح منظمة اللوبي الإسرائيلي “اللجنة الأميركية الإسرائيلية للعلاقات العامة- إيباك” دعما كبيرا بالمال والتنظيم في انتخابات تشرين الثاني 2010 عندما كان عمره 39 عاما . ومنذ ذلك الوقت وهو مؤيد فذ لكل ما تفعله إسرائيل، واتخذ من أصله الكوبي الذي هجره والداه عام 1957، حجة ليدين الفلسطينيين الذين تدعمهم بلده الأم كوبا.

روبيو لم يقل كلمة واحدة في العام الماضي تتعاطف مع معاناة الفلسطينيين، بل اتخذ من كل مناسبة ممكنة، منبرا لتبرير حرب الإبادة الإسرائيلية، ولم ينطق ولا مرة بالحديث عن ضرورة انتهاء الاحتلال، وقيام دولة فلسطينية على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

من المرجح أن يطمئن اختيار روبيو كل من إسرائيل والجمهوريين التقليديين بأن ترامب ينوي الحفاظ على دعمه القوي لإسرائيل في فترة ولايته الثانية، وسط مخاوف بشأن دائرة داخلية تدفع بنهج انعزالي.

وقد رحب الائتلاف اليهودي الجمهوري (أشد مؤيدي إسرائيل في الحزب الجمهوري) بترشيح روبيو المحتمل عندما تم الإبلاغ عنه لأول مرة يوم الاثنين. وقالت المجموعة في بيان: “في هذه الأوقات الخطيرة بشكل غير عادي، فإن السناتور روبيو مدافع صريح عن إسرائيل وكان دائمًا يساند الدولة اليهودية”.

واستخدم روبيو أقصى العبارات لوصف الطلاب الذين تظاهروا، ولا يزالوا، احتجاجا على حرب إسرائيل على غزة، شأنه في هذا الأمر، شأن ستيفانك، التي قالت أنها تريد أن تضرب الطلاب الذي يتظاهرون ضد إسرائيل.

3- بييت هيجسيث وزيرا للدفاع: المرشح لمنصب وزير الدفاع “بيت هيجسيث، تجاهل باستخفاف الخسائر المدنية الفلسطينية أثناء عمله كمضيف في قناة فوكس نيوز والتي من المفترض أنها أعدته للإشراف على أكبر جيش في تاريخ العالم؛ ومع أنه قليل الخبرة، وليس هناك سجل مميز له، بل غير معروف، إلا أنه شارك في الحرب على العراق وأفغانستان (كاحتياط)، وطور عنصرية قوية ضد العرب والمسلمين، وطالما شن في برامجه على شبكة فوكس المناصرة لإسرائيل ، هجامات لاذعة على الفلسطينيين معتبرا كل المواطنين في غزة شركاء في هجوم 7 تشرين الأول 2023.

يشار إلى أن هيجسيث يعتبر من أشد أنصار حركة الاستيطان، وضم الضفة الغربية المحتلة،و قال في عام 2018 زيارة إلى القدس المحتلة : “لا يوجد سبب يمنع حدوث المعجزة؛ إعادة إنشاء الهيكل على جبل الهيكل”.

4- مايكل والتز مستشار الأمن القومي الأميركي: دعا علنًا إلى السماح لإسرائيل “بإنهاء المهمة” أي القضاء على من تبقى من الغزيين، والسماح لنتنياهو فعل ما يشاء “كي ينهي المهمة” .

ومع العلم أنه متزوج من إمرأة أردنية، إسمها جوليا نشيوات، (عملت في وزارة الأمن القومي كمستشارة حتى خرج ترامب من البيت الأبيض عام 2021)، ليس هناك دلائل على أن علاقته الزوجية أثرت عليه بإيجاب في النظر للقضية الفلسطينية. وقد خدمت نشيوات في الجيش الأميركي برتبة كابتن (ثلاث نجم) وكضابط استخبارات عسكرية أبان الغزو الأميركي للعراق.

ويعتبر مستشار الأمن القومي من أهم المواقع في مجلس الأم القومي، متقدما على وزير الدفاع، وأحيانا وزير الخارجية.

5- جون راتكليف مدير وكالة الاستخبارات المركزية ( CIA): قد يكون راتكليف أكثر المعينيين خبرة في مجال الاستخبارات، فقد عمل مديرا لوكالة “اللاستخبارات الوطنية” لمدة 7 أشهر في نهاية الدورة الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وقد دعا أيضا لإطلاق يد نتنياهو “كي يكمل المهمة” وضرورة مشاركة إسرائيل بكل م تمتلكه الولايات المتحدة من استخبارات وأصول استخبارية.

6 – مايك هاكابي، سفيرا أميركيا لدى إسرائيل: بعد تعيين المستوطن اليميني يحيئيل ليتر سفيرًا لإسرائيل في الولايات المتحدة، أرسل نتنياهو إشارة لا جدال فيها إلى واشنطن والعالم مفادها أن الضم سيكون في طليعة أجندته للمضي قدمًا. فقد كانت الأنظار متجهة إلى تعيين ترامب سفيرا في إسرائيل لمعرفة ما إذا كان سيختار مؤيدا للضم مثل ديفيد فريدمان، وهو بالضبط ما حدث باختيار هكابي، وهو مسيحي إنجيلي تربطه علاقة طويلة الأمد بحركة الاستيطان وتاريخ أعمق في الدعوة إلى الضم مقارنة بفريدمان، أوضح ترامب السياسة المتوقعة بوضوح تام.

كما يعمل تعيين هكابي كتفسير صريح وضيق لما يعنيه أن تكون مؤيدا لإسرائيل، مع الأخذ في الاعتبار أن هذا كان العامل المحفز وراء تعيينه.

ونظرا لأن استطلاعات الرأي المكثفة أظهرت أن اليهود الأميركيين يعتبرون الدفاع عن الديمقراطية القضية الأكثر أهمية في انتخابات عام 2024، وأن غالبية الأميركيين اليهود ينتقدون اليمين الإسرائيلي، فإن تعيين ترامب لهكابي يعطي مصداقية أكبر لاعتقاد نتنياهو ورون ديرمر بأن قاعدة دعم إسرائيل تكمن في المجتمع الإنجيلي، واللوبي الإسرائيلي إيباك، وليس اليهود الأميركيين.

لا شك أن تعيينات ترامب لهؤلاء، إن دلت على شيء، فتدل على إن ترامب لا يزال مصرا على ترتيب أولويات التكامل الإقليمي لإسرائيل وتوسيع اتفاقيات التطبيع المعروفة باسم “اتفاقيات إبراهيم”، مع الأخذ في الاعتبار الرفض الصريح من قبل المعينين الرئيسيين لترامب تجاه الدولة الفلسطينية – وهو مطلب رئيسي لدول مثل المملكة العربية السعودية – فضلاً عن الاقتراحات المفتوحة من شخصيات مثل هاكابي بأن المملكة العربية السعودية أو مصر يجب أن تقدم أراضيها الخاصة لدولة فلسطينية مستقبلية.

ولعل المراقب سرعان ما يكتشف، إن كل تعيين لترامب حتى الآن ، مرتبط بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، له علاقة سابقة مع نتنياهو. حتى المبعوث الأميركي الجديد للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، الذي ليس لديه أي خبرة دبلوماسية على الإطلاق، فهو رجل عقارات، حضر خطاب نتنياهو يوم 24 تموز الماضي أمام جلسة مشتركة للكونجرس واستخدم المقابلة التي أجراها بعد ذلك للندم على أي انتقاد رئيس وزراء إسرائيل.

About Atlas

Check Also

أمير قطر ورئيس كولومبيا يبحثان تعزيز التعاون وتطورات غزة ولبنان

اطلس:بحث أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني ورئيس كولومبيا غوستافو بيترو، مساء الأربعاء، سبل …