اطلس:كتب أسامة خليفة : يتمتع بايدن في هذه الفترة الانتقالية بكامل الصلاحيات التي يمنحها الدستور للرئيس، له أن يمارسها حتى الساعة 12 ظهر يوم 20 كانون الثاني /يناير 2025، حيث يتم استلام وتسليم السلطة، وقتذاك تعتبر ولايته منتهية، وينبغي إلى ذلك الحين الحرص على تنفيذ القوانين، فهو يستطيع أن يمارس صلاحياته كما لو كانت قبل الانتخابات التي جاءت بدونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
في نفس الوقت لا يكون للرئيس الفائز في الانتخابات الرئاسية «دونالد ترامب» أي صلاحيات تنفيذية حتى تسلم السلطة، كما لا يمكنه القيام بأي زيارات خارجية خلال الفترة الانتقالية، ولكن يحق له لقاء ممثلي الدول الأجنبية لرسم سياسته الخارجية القابلة للتنفيذ فقط عند دخوله البيت الأبيض، ويحق له تسمية معاونيه في الوزارة وفي البيت الأبيض وموظفيه في هيئة الرئاسة، دون أن يكون لهم تدخل في عمل السابقين وليس لهم صلاحيات في المناصب التي سيحتلونها قبل تسليم وتسلم السلطة.
تستمر الفترة الانتقالية «البطة العرجاء» من تاريخ إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية إلى يوم تسليم السلطة، وهي فترة يكون فيها الرئيس مفتقراً إلى الدعم السياسي المطلوب لتمرير السياسات وتقديم مشاريع مهمة جديدة. على مستوى الجمهور الأميركي لا تحظى أي مشاريع جديدة بـشعبية، حيث يشعر الأميركيون أنه قد مضى وقت طرحها، ومن المناسب ترك الأمور للرئيس الجديد، ولا سيما في هذه الحالة الراهنة أن الجمهوريين قد صاروا أغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب. وأي مشروع جديد لا بد أن يعتمد على حشد الدعم في الكونغرس لإقراره.
على مستوى زعماء العالم يتعين أن يقرروا ما إذا كانوا سيوافقون على خططه السياسية، أو يرفضون التعامل معه، باعتباره «بطة عرجاء»، ويرون أن من الأفضل التعامل مع الرئيس الجديد.
ومن المتوقع أن يترك الرئيس المنتهية ولايته ملفات المفاوضات عالقة دون حل، فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -الحليف الوثيق لترامب، والمتمرد على بايدن- يتوقع منه ألا يتجاوب مع الرئيس الديمقراطي، وعلى أبعد تقدير أن يكون التعاون بين بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي محدوداً، بانتظار عودة ترامب للبيت الأبيض الذي وعد ألا يمنع نتنياهو من تحقيق أهدافه بالحرب على غزة، لكن عليه أن ينهي ما بدأه.
ومن جهة أخرى يرى سياسيون أمريكيون، وأخرون في باقي دول العالم، أن إدارة بايدن كانت خائبة لم تستطع تحقيق إنجاز في الشرق الأوسط في حل القضية المعقدة باتجاه السلام ووقف الحرب، فهل يستطيع بايدن في أقل من شهرين قبل أن تنتهي ولايته ؟. وهل لإدارة خائبة أن تحقق إنجازاً؟. وهل هناك من يرغب التعامل بجدية مع إدارة خائبة فاشلة في أخر أيامها؟.
وبشأن السياسات التي قد يتخذها بايدن خلال الأيام الأخيرة في البيت الأبيض، يمكن لبايدن اتخاذ إجراءات مثل عدم استخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشاريع قرارات في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة تدين العدوان الإسرائيلي، وطالما اشترطت واشنطن إسقاط أي إشارة للبند السابع أو عقوبات والمساءلة، وهذا ما أقدمت عليه إدارة بايدن في مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة في آذار/ مارس 2024، امتنعت عن استخدام حق النقض ضد مشروع القرار لكن بعد أن أفرغته من مضمونه عبر طلب واشنطن تعديلات على نص القرار، وتكرره إدارة بايدن الآن حيث عقد مجلس الأمن صباح الثلاثاء 19/11 جلسة مغلقة للتشاور حول نص مشروع القرار الداعي إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة فوراً، والذي صاغته الدول غير الدائمة في المجلس، وبناء على التهديدات الأميركية باستخدام حق النقد تعرض نص المشروع إلى عدة تعديلات أفرغته من مضمونه، حيث وضع يوم الأحد 17/11بصيغته الرابعة منذ توزيعه على أعضاء المجلس يوم 4 تشرين الثاني / نوفمبر، بمسودته التي تسمى «المسودة صفر» أي الخاضعة للتعديلات والمفاوضات. ومن المتوقع أن يتم التصويت عليه اليوم الأربعاء.
في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وهو في مرحلة «البطة العرجاء»، لم تستخدم الولايات المتحدة حق النقض في التصويت على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2334، المعتمد في 23 كانون الأول/ ديسمبر 2016يطالب بإنهاء الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، مخالفاً في ذلك ما اعتادت عليه الولايات المتحدة في القرارات التي تنتقد إسرائيل، ومثيراً غضب المسؤولين الإسرائيليين.
على الرغم من أن بايدن في مرحلة « البطة العرجاء» ، لكنه لا يزال بإمكانه التأثير على مسار الأحداث في الشرق الأوسط، لكنه ليس بوارد أن يدير سياسته بحيادية، فعندما التقى بايدن بالرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في البيت الأبيض، أكد دعم واشنطن الصارم لحليفتها، وتقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل ومن غير المرجح أن تتراجع إدارة بايدن عن دعمها حرب إسرائيل العدوانية بمليارات الدولارات. هذا التزام يخالف التزام آخر،
منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، كانت إدارة بايدن تزود إسرائيل بالمليارات من الأسلحة وتوفر الدعم اللوجستي والاستخباراتي بينما تدعو في الوقت نفسه إلى وقف إطلاق النار. الخميس 14/11، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، أن الوزير أنتوني بلينكن يعتزم مواصلة عمله لإنهاء الحرب في غزة ولبنان في الفترة المتبقية من ولايته. من التناقضات التي توضح خداع إدارة بايدن ما صرح به بلينكن وزير الخارجية حين أكد التزام الولايات المتحدة المستمر بإنهاء الصراعات في غزة ولبنان، وهذه سيكون أمرها بيد ترامب، لأن بلينكن يؤكد أن الصراع في غزة قد يستمر لعدة أشهر أخرى على الأقل، وما بقي له في منصبه أقل من ذلك. ربما يشير بلينكن إلى لبنان دون غزة، وما يتم الحديث عنه من تركيز إدارة بايدن بشكل خاص على الأزمة في الشرق الأوسط خلال هذه الفترة، هو تحقيق إنجاز ما على الجبهة اللبنانية، وهو أمر واضح في تكثيف جهود المبعوث الأميركي إلى لبنان عموس هوكشتاين لوقف إطلاق النار في لبنان. أما في غزة فالجهود الحالية المحتملة قد تركز على تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، وهو هدف قابل للتحقيق من خلال الضغط على نتنياهو بالربط بين خفض المساعدات العسكرية لإسرائيل أو تأخيرها، بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة. والتخفيف من وطأة الحالة الإنسانية في جنوب لبنان وغزة. وإنشاء ممرات إنسانية لتوصيل المساعدات الطبية.
بينما يصعب الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وفي أبعد تقدير السعي لخفض التصعيد العسكري، وقد أكد المتحدث باسم الخارجية، ماثيو ميلر: «سنواصل العمل حتى إنهاء الحرب في غزة وإنهاء الحرب في لبنان، وايصال المساعدات الإنسانية إلى غزة. من واجبنا المضي في هذه السياسات حتى ظهر يوم 20 يناير حين يتولى الرئيس المنتخب مهماته ». وفي هذا السياق، من المرجح أن ترى القيادة الإسرائيلية في فترة «البطة العرجاء» لبايدن فرصة لتصعيد الصراع، وحسب ميلر «المنطقة لا تزال في مرحلة الجبهات المفتوحة، والتصعيد المتزايد، والتهديدات المتزايدة، وبالتالي مناخات إحلال السلام غير متوفرة أصلاً، وما لم يستطع تحقيقه خلال أكثر من عام، لن يتمكن من إتمامه في نحو شهرين، وستكون الفرصة مواتية أكبر لبذل الجهود في إدارة باقية في البيت الأبيض ».
في محاولة تحريك ملف التطبيع، وتحقيق انجاز ما في هذا المجال، تدرك الإدارة الاميركية أن السعودية ربطت التطبيع مع إسرائيل بتحقيق تقدم ملموس نحو حل الدولتين، لكن الحديث عن اختراقات كبرى مثل التقدم في الوصول إلى حل الدولتين غير ممكن لتعقيدات الوضع الإقليمي، ولا قدرة لإدارة بايدن على ذلك في هذا الوقت الضيق، ثم أن السلطة الفلسطينية مهتمة بالرئيس القادم أكثر من الرئيس المنتهية ولايته وقد هاتف الرئيس الفلسطيني محمود عباس ترامب وهنأه على فوزه في الانتخابات ويبدو أن السلطة الفلسطينية غير واثقة من إدارة بايدن في الوقت المتبقي لها أن تقوم بمبادرة ما، ولو على المستوى الاقتصادي أو دعم السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية أمام مضايقات المستوطنين واستفزازات سموتريتش وبن غفير.