اطلس:نسبت وكالة رويترز الجمعة لمسؤولين سعوديين ، وأربعة مسؤولين غربيين قولهم للوكالة إن السعودية تخلت عن سعيها لإبرام معاهدة دفاعية طموحة مع واشنطن في مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتدفع الآن نحو اتفاقية تعاون عسكري أكثر تواضعا.
وفي مسعى لإبرام معاهدة أمنية متبادلة واسعة النطاق في وقت سابق من هذا العام، خففت الرياض موقفها بشأن الدولة الفلسطينية، قائلة لواشنطن إن الالتزام العلني من جانب إسرائيل بحل الدولتين قد يكون كافيا للمملكة لتطبيع العلاقات.
ولكن مع الغضب العام في المملكة العربية السعودية والشرق الأوسط الأوسع نطاقا بسبب الحرب الوحشية التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين في غزة، قال مصدران سعوديان وثلاثة مصادر غربية للوكالة إن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان جعل مرة أخرى الاعتراف بإسرائيل مشروطا باتخاذها خطوات ملموسة لإنشاء دولة فلسطينية.
وقال دبلوماسيون غربيون (للوكالة) في تبرير للعنت الإسرائيلي، إن رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو لا يزال حريصا على تأمين التطبيع مع القوة السعودية باعتباره إنجازا تاريخيا وعلامة على القبول الأوسع في العالم العربي. لكنهم قالوا إنه يواجه معارضة ساحقة في الداخل لأي تنازلات للفلسطينيين في أعقاب هجمات طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول 2023، “ويعلم أن أي لفتة في اتجاه الدولة من شأنها أن تؤدي إلى تفكك ائتلافه الحاكم”.
وقالت المصادر إن الرياض وواشنطن تأملان في إبرام اتفاقية دفاعية أكثر تواضعا قبل مغادرة الرئيس جو بايدن البيت الأبيض في 20 كانون الثاني المقبل، في ظل تكبيل الزعيمين في الوقت الحالي بقواعدهما المحلية.
وقالت المصادر الستة إن المعاهدة الأمريكية السعودية الكاملة ستحتاج إلى إقرارها في مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية الثلثين – وهذا لن يكون ممكنا ما لم تعترف الرياض بإسرائيل.
يشار إلى إن الاتفاقية التي تجري مناقشتها الآن ستشمل توسيع التدريبات العسكرية المشتركة لمواجهة التهديدات الإقليمية، وخاصة من إيران. وبحسب الخبراء، فإن الاتفاقية ستعزز الشراكات بين شركات الدفاع الأميركية والسعودية، مع ضمانات لمنع التعاون مع الصين.
وبحسب الخبراء أيضا، فإن الاتفاقية ستعزز الاستثمار السعودي في التقنيات المتقدمة، وخاصة الدفاع عن الطائرات بدون طيار. وستزيد الولايات المتحدة من وجودها في الرياض من خلال التدريب والدعم اللوجستي والأمن السيبراني، وقد تنشر كتيبة صواريخ باتريوت لتعزيز الدفاع الصاروخي والردع المتكامل.
لكنها لن تكون معاهدة الدفاع المتبادل الملزمة التي تلزم القوات الأميركية بحماية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم في حالة وقوع هجوم أجنبي.
وقال عبد العزيز الصغير، رئيس معهد الخليج للأبحاث في السعودية لوكالة رويترز: “ستحصل المملكة العربية السعودية على صفقة أمنية تسمح بمزيد من التعاون العسكري ومبيعات الأسلحة الأميركية، ولكن ليس معاهدة دفاع مماثلة لمعاهدة اليابان أو كوريا الجنوبية كما سعت في البداية”.
ويقول الخبراء أن الصورة أصبحت أكثر تعقيدًا بسبب وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وفي حين تستبعد خطة ترامب لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أي أحكام تتعلق بإقامة دولة فلسطينية أو سيادة سيادة فلسطينية في الأراضي المحتلة، إلا أنه حليف وثيق لولي العهد السعودي.
ويخشى المسؤولون الفلسطينيون وبعض العرب من أن يقنعه ترامب وصهره جاريد كوشنر – مهندس “صفقة القرن” وحليف وثيق لولي العهد – في النهاية بدعم الخطة.
وقال دبلوماسيون إن كيفية التوفيق بين الأولويات السعودية وهذا المشهد الدبلوماسي المتغير سيكون محوريًا، وسيحدد كل من زعامته ومستقبل عملية السلام.
ولم تفقد الإدارة الأميركية الحالية الأمل في التوصل إلى اتفاق بشأن الضمانات الأمنية قبل أن يغادر بايدن منصبه في كانون الثاني، لكن عددا من العقبات لا تزال قائمة. وقال أحد الأشخاص في واشنطن المطلعين على المحادثات إن هناك سببا للتشكك في ما إذا كان هناك وقت كاف للتوصل إلى اتفاق.
وقال المصدر إن المسؤولين الأميركيين يدركون أن المملكة لا تزال مهتمة بترسيخ الضمانات التي تسعى إليها رسميا، وخاصة للحصول على أسلحة أكثر تقدما، لكنهم غير متأكدين مما إذا كانت تفضل القيام بذلك تحت قيادة بايدن، أو انتظار ترامب.
وقال المسؤول الأميركي: “نواصل المناقشة ولدينا العديد من خطوط الجهود على الطاولة (مع السعوديين)”.
يشار إلى أن معاهدة الدفاع التي تمنح المملكة العربية السعودية الحماية العسكرية الأميركية مقابل الاعتراف بإسرائيل من شأنها أن تعيد تشكيل الشرق الأوسط من خلال توحيد عدوين قديمين وربط الرياض بواشنطن في وقت تتوغل فيه الصين في المنطقة.
وستسمح اتفاقية كهذه للمملكة بتعزيز أمنها ودرء التهديدات من إيران وحلفائها الحوثيين، لتجنب تكرار ضربات 2019 على منشآتها النفطية، والتي ألقت الرياض وواشنطن باللوم فيها على طهران، فيما نفت إيران أي دور لها.
وقال مسؤول سعودي كبير إن المعاهدة اكتملت بنسبة 95٪ لكن الرياض اختارت مناقشة اتفاق بديل، نظرًا لأنه لا يمكن تنفيذه بدون التطبيع مع إسرائيل.