أصدر البنك المركزي العراقي قرارا يقضي بإيقاف الحوالات المالية للوكلاء المرتبطين بشركة “تيك توك” داخل العراق، بناء على طلب صادر من وزارة الاتصالات العراقية.
ووفقا للوثيقة الرسمية، يشمل القرار جميع المصارف المجازة والمؤسسات غير المصرفية العاملة داخل العراق، حيث طُلب منها وقف جميع الحوالات المالية الواردة والصادرة الخاصة بوكلاء الشركة.
ويأتي هذا الإجراء للتصدي للواردات المالية التي يجنيها مستخدمو التطبيق من خلال المكافآت والمزايا التي يتم تقديمها لهم بناء على التفاعل مع المحتوى المنشور.
وتشمل هذه الواردات عوائد “الهدايا الافتراضية” التي يتم تحويلها إلى أموال حقيقية عبر شراء عملات “تيك توك”، والتي تُستخدم لدعم منشئي المحتوى. تُعرف هذه العملية باسم “التكبيس”، حيث يتلقى منشئو المحتوى دعما ماليا من المتابعين.
وأكد المختص في الشأن الاقتصادي والمالي نوار السعدي لموقع “بغداد اليوم” المحلي أن قرار البنك المركزي جاء نتيجة مخاوف مالية واقتصادية ترتبط باستخدام التطبيق. وأوضح أن هذه الخطوة تأتي في إطار مساعي البنك لتعزيز الامتثال للوائح مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، موضحا أنها تتماشى مع توصيات مجموعة العمل المالي الدولية، التي تهدف إلى تعزيز سلامة النظام المالي العالمي والحد من الأنشطة المالية غير المشروعة.
وأثار القرار تباينا في الآراء بين مؤيدي سياسات وزارة الاتصالات ومعارضيها، إذ يرى المؤيدون أن القرار يخدم البلاد بحماية نظامها المالي ويمنع تدفق الأموال بطرق غير مشروعة، في حين يعتبر المعارضون أن القرار يمسّ بحرية التعبير ويحد من قدرة المستخدمين على الاستفادة من منصات التواصل الاجتماعي.
المحتوى غير اللائق
ومنذ أشهر، تكثف السلطات العراقية إجراءاتها ضد مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، مع محاكمات وإدانات تتعلق بالمحتوى “غير اللائق” أو “غير الأخلاقي”.
ودخلت هذه القواعد حيّز التنفيذ في يناير/كانون الثاني 2024، حيث أطلقت وزارة الداخلية منصة إلكترونية للإبلاغ عن المحتويات التي “تنتهك الآداب العامة أو تحتوي على رسائل سلبية تزعزع الاستقرار الاجتماعي”.
وتُشجع المنصة العراقيين على الإبلاغ عن أي محتوى قد يعتبر غير مناسب أو مضرا.
حجب التيك توك في العراق
في وقت سابق، أعلنت وزيرة الاتصالات العراقية، هيام الياسري، عن تقديم طلب إلى مجلس الوزراء لحجب تطبيق “تيك توك”. وأشارت الوزيرة في مؤتمر صحفي إلى أن التطبيق ساهم في “تفكك النسيج المجتمعي العراقي”، مشددة على أنه لا يقدم أي فائدة علمية أو تعليمية ويُستخدم فقط لأغراض الترفيه.
يُشار إلى أن العراق يحتل المرتبة الثالثة عربيا من حيث عدد مستخدمي التطبيق، حيث يبلغ عددهم حوالي 32 مليون مستخدم، ما يمثل 69.4% من إجمالي عدد السكان، بعد السعودية ومصر.
جدل التيك توك في تونس
وفي الشهر الماضي، أعلنت وزارة العدل التونسية اتخاذ إجراءات قانونية لمواجهة المحتوى غير الأخلاقي على منصات التواصل الاجتماعي.
وذكرت النيابة العامة أن وزيرة العدل ليلى جفّال طالبت بفتح تحقيقات جزائية بحق كل من ينشر محتوى إلكترونيا يمس القيم الأخلاقية. جاءت هذه الإجراءات في ظل تزايد شكاوى المواطنين من تأثير المحتويات المسيئة على المجتمع وسلوكيات الشباب.
في الوقت الذي يُنظر فيه إلى تطبيق “تيك توك” كوسيلة للترفيه والتواصل، يُثير الجدل في العديد من الدول العربية، بسبب تأثيراته على المجتمع، سواء من الناحية الأخلاقية أو الاقتصادية.
وبينما تتخذ الحكومات إجراءات صارمة لتنظيمه أو حجبه، يرى بعض المستخدمين أن هذه القرارات تقيد حرية التعبير، وتؤثر على الاستخدام الإيجابي لمنصات التواصل الاجتماعي.