اطلس:نشر نادي الأسير الفلسطيني اليوم الثلاثاء، إحاطة شاملة عن آخر التطورات المرتبطة بواقع الأسرى والأسيرات داخل سجون الاحتلال الإسرائيليّ، والتي استندت في معطياتها على زيارة نحو (70) أسيراً وأسيرة نفذها محامو نادي الأسير الفلسطيني خلال شهر تشرين الثاني المنصرم -تاريخ التاسع من كانون الأول الجاري، وشملت سجون (الدامون، جلبوع، جانوت، مجدو، عوفر، شطة، والنقب)، وقد تمت هذه الزيارات في ظروف صعبة وتحت رقابة مشددة.
واستعرض نادي الأسير من خلالها أبرز المعطيات والجرائم والانتهاكات والسياسات التي عكستها إفادات الأسرى والأسيرات الذين تمت زيارتهم خلال الفترة المذكورة أعلاه من كافة الفئات (معتقلين إداريين، وأسرى من ذوي المحكوميات العالية، وأسيرات، وأطفال، ومرضى، وكبار في السّن).
وبرزت عدة قضايا أساسية ارتبطت بشكل الجرائم والانتهاكات منذ بدء حرب الإبادة، من ضمنها جرائم التّعذيب من خلال عمليات القمع المتكررة التي يرافقها الاعتداء بالضرّب المبرّح، والتّنكيل، باستخدام كافة أنواع الأسلحة، وبمرافقة الكلاب البوليسية، والتي طالت كافة السّجون التي تمت زيارتها، إلى جانب عمليات الإذلال والإهانة المتعمدة للأسرى، حيث تشكّل جرائم التّعذيب بمستوياتها المختلفة أبرز الجرائم التي سيطرت على إفادات وشهادات الأسرى منذ بدء حرب الإبادة وحتى اليوم، إضافة إلى قضية الجرائم الطبيّة التي تتخذ منحنى تصاعدي مع استمرار انتشار مرض (السكايبوس – الجرب) بين صفوف الأسرى في عدة سجون مركزية وكان أبرزها سجون (النقب، مجدو، وجلبوع، وعوفر، وجانوت وهو مسمى جديد أطلق على سجني نفحة، وريمون، بعد قرار إدارة السّجون بتوحيد إدارة السجنين)
-كيف تحوّل منظومة السّجون الشّتاء لأداة تعذيب وتنكيل بحقّ الأسرى؟
مع حلول فصل الشّتاء، تركزت نداءات الأسرى والأسيرات للمؤسسات الحقوقية المختصة بضرورة الضّغط القانوني للسماح بإدخال ملابس شتوية لهم، أو توفير ملابس تقيهم من برد الشتاء، خاصّة أنّ إدارة السّجون حوّلت فصل الشّتاء العام الماضي مع بداية الحرب إلى أداة لتعذيب الأسرى والتّنكيل بهم، ورغم أنّ هناك بعض المؤشرات لحصول بعض الأقسام في السّجون على سترات شتوية إلا أنها لم تشمل جميع الأقسام وما يزال الآلاف من الأسرى يعانون من النّقص الحاد في الملابس، وبعضهم لا يملك إلا غيار واحد من الملابس الصّيفية، ويؤكّد الأسرى في بعض السّجون، أنّ بعض إدارات السّجون تعمدت بإبقاء النوافذ مفتوحة بدلاّ من إغلاقها، الأمر الذي ساهم بتفاقم معاناتهم، لا سيما أن غالبية الأسرى اليوم يعانون من ضعف في البنية الجسدية جراء جريمة التّجويع والجرائم الطبيّة، وانتشار الأمراض، عدا عن أنّ نسبة كبيرة من الأسرى يعانون من الإصابة بأمراض جلدية وأبرزها مرض (الجرب – السكايبوس) الذي يرافقه أعراض خطيرة، تشكل تهديدا مباشراً لحياة الأسرى، لا سيما من يعانون من أمراض مزمنة، وتحديدا مرضى السكري، فمن خلال شهادات الأسرى وإفاداتهم فإن مرضى السكري الذي يصابون بمرض الجرب، يعانون من أعراض صحيّة خطيرة، إلى جانب الأسرى المصابين بالسّرطان.
ويؤكد نادي الأسير، أنّ قضية توفير الملابس الشتوية تشكّل في هذه الفترة، أبرز القضايا التي تحاول المؤسسات من خلال المسارات القانونية أن تدفع إدارة السّجون لتوفير سُترات وأغطية للأسرى، وقد تقدمت إحدى المؤسسات المختصة في الأراضي المحتلة عام 1948، التماسا خاصا للمحكمة العليا للاحتلال لتوفير ملابس وأغطية للأسرى.
-تصاعد في عمليات القمع في السّجون
-إدارة السّجون تواصل إنتاج أدوات جديدة للتنكيل بالأسرى والأسيرات
في سجن (جلبوع) تركزت إفادات الأسرى، على عمليات القمع التي تعرضوا لها مؤخراً، ففي منتصف شهر تشرين الثاني المنصرم، تعرض أحد الأقسام، إلى عملية قمع واسعة، خلالها اقتحمت (غرف الأسرى – زنازينهم)، وأقدموا على الاعتداء على الأسرى بالضرّب المبرّح حتّى أنّ الأسرى في بعض الزّنازين المجاورة لإحدى الغرف، بدأوا بالبكاء على أصوات تعذيب وضرب رفاقهم، والذي يشكّل واحد من أبرز أدوات عمليات التّعذيب النفسي إلى جانب التّعذيب الجسدي، فالعديد من الأسرى اعتبروا أن تعرضهم للضرب الجسدي قد يكون هينا مقابل سماع أصوات رفاقهم وهم يتعرضون للضرب.
كما وتعمدت وحدات القمع، بمصادرة الملابس الإضافية الأسرى، ولم يتبق للأسرى سوى الملابس التي يرتدونها رغم أنها قامت بهذا الأمر منذ بداية الحرب إلا أنها أعادت عمليات المصادرة مجدداً، كما وقامت بعمليات تخريب لبعض المقتنيات البسيطة لدى الأسرى، و التعمد برمي لقيمات الطعام التي يتم تجميعها على مدار اليوم لمحاولة تحضير وجبة تكفيهم، وقد تذرعت إدارة السّجن بأن عملية القمع هذه جاءت رداً على أداء الأسرى للصلاة، وأشار الأسرى في سجن (جلبوع) إلى أنّ قوات القمع استخدموا للمرة الأولى بحقهم حزام خاص لضربهم، في ضوء استمرار محاولتها إنتاج أدوات لتعذيب الأسرى، وفعليا فإن إدارة السجون تعمل على تحويل كل ما يحتاجونه الأسرى، إلى أداة للحرمان والتّنكيل، فعلى سبيل المثال تتعمد مصادرة الفرشات لمدد قد تصل إلى أسبوع، مما اضطر الأسرى النوم على (الأبراش- الأسّرّة) المصنوعة من الحديد دون الفرشات، أو النوم الأرض رغم البرد الشديد، كما تتعمد حرمانهم من الخروج إلى ساحة السّجن (الفورة)، وحرمانهم من النوم من خلال إجراء التفتيشات، وعمليات الاقتحام ليلا.
كما وأشار أحد الأسرى في سجن (جلبوع)، أن السّجانين يتعمدوا بعد تقييدهم وإجبارهم الجلوس على الأرض بوضعيات صعبة ومذلّة، استخدام أغاني الأطفال للاستهزاء بهم، حيث أفاد الأسير (أ.م) أحد الأسرى الذين تمت زيارتهم خلال شهر نوفمبر المنصرم، “أن السّجانين، يقومون بغناء بعض أغنيات الأطفال للاستهزاء بهم وهم مقيدون، منها أغنية “هالصيصان شو حلوين، وأنا البندوة الحمرا، وغيرها من أغنيات الأطفال، كما ويتعمدوا الصعود على الأبرش أي الأسرّة والقفز على الأسرى من الأعلى، ويتعمدون خلال الليل إبقاء الضوء ولا يسمحون لهم بإطفائه، كما ويتعمدون خلال تنفيذ إجراء مات يسمى (بالعدد- الفحص الأمني) برشهم بالغاز، وقد تكرر هذا الأمر مؤخرا”.
وفي سجن (عوفر)، أفاد مجموعة من الأسرى الذين تمت زيارتهم مؤخراً، أنّ وحدات القمع أقدمت على تنفيذ عدة اقتحامات، واعتدت عليهم بالضرّب المبرّح، و(معاقبتهم) بسحب الفرشات منهم، وحرمانهم من الخروج إلى (ساحة السجن -الفورة)، كما وتستخدم إدارة السّجن كمية الطعام أداة للتنكيل بالأسرى من خلال التّحكم بكمية الطعام، وممارسة جريمة التّجويع بشكل مضاعف كنوع من أنواع (العقاب).
وجراء الاعتداء بالضرّب على الأسرى في سجن (عوفر) خلال عمليات الاقتحام المتكررة مؤخراً، أصيب أحد الأسرى بالكتف، وجرى نقله إلى المستشفى لاحقاً، وأبلغ من قبل الأطباء أنه بحاجة لإجراء عملية جراحية، وقد أعيد للقسم وهو بوضع صحي صعب، وذلك بحسب إفادة أحد الأسرى.
وفي سجن (الدامون) الذي تقبع فيه الأسيرات، تصاعدت عمليات التفتيش والقمع والاقتحامات الليلة بشكل -غير مسبوق- وتحديدا منذ أواخر شهر أيلول/ سبتمبر المنصرم، كما وتصاعدت عمليات المصادرة للملابس الإضافية لهن، وسجلت عمليات اقتحام جديدة بحقّهن خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المنصرم، إضافة إلى عملية قمع أخيرة في بداية شهر كانون الأول الجاري.
ففي تاريخ 20 تشرين الثاني تم اقتحام عدد ممن (زنازين الأسيرات – الغرف)، وتم تقييدهن للخلف، وتم اقتيادهن إلى ساحة السّجن والاعتداء على عدد منهن بالضرب، ورشهن بالغاز، كما تعرضت بعضهن للعزل لعدة أيام، وتكرر الأمر في تاريخ 23 تشرين الثاني، حيث جرى قمع بعض (الغرف- الزنازين) من قبل وحدات اليمّاز، وتم الاعتداء على بعض الأسيرات، إلى جانب إلقاء الشتائم والألفاظ النابية والمذلّة، وتفتيشهن بطريقة تفتيشاً شبه عاري، وتخريب بعض المقتنيات البسيطة لديهن، ومصادرة بعض المستلزمات الشّخصية الخاصة بهنّ، وفي بداية شهر كانون الأول تكررت عملية القمع لغرفتين.
كما وأشارت الأسيرات إلى جانب موضوع عمليات القمع، معاناتهن من قلة الملابس، بعد عملية المصادرة التي أقدمت عليها إدارة السّجون منذ شهر أيلول/ سبتمبر المنصرم، وهناك تخوفات من انتشار الأمراض بينهن بسبب قلة مواد التّنظيف، وإضافة إلى ذلك فجريمة التّجويع ما تزال تخيم على الأسرى كافة بما فيهم الأسيرات، كما أنّ بعض الأسيرات يعانين من مشاكل صحيّة صعبة وبحاجة إلى متابعة حثيثة، وبعضهن بحاجة إلى متابعة نفسية، فإحدى الأسيرات ورغم معاناتها من مشاكل نفسية صعبة وواضحة، إلا أنّ الاحتلال يصر على الإبقاء على اعتقالها في ظروف مأساوية وقاسية جداً.
-تخوفات كبيرة من اتساع رقعة انتشار مرض (الجرب- سكايبوس) في سجن (عوفر)
أما في سجن (عوفر) تتصاعد التّخوفات لدى الأسرى من انتشار مرض (الجرب – السكايبوس) بين صفوفهم بعد تسجيل حالات مؤخرا في بعض الأقسام لم تقدر أعدادهم حتّى اليوم، خاصة أنّ ما يجري اليوم في السّجن من انتشار للمرض وتعمد إدارة السّجن بعدم فرض إجراءات التي تمنع انتشاره، هي ذات السّياسة التي اتبعتها في السّجون المركزية مع بداية انتشار المرض في بعض السّجون المركزية مثل سجون (النقب، ومجدو، وجلبوع، وريمون ونفحة)، حيث يشكّل سجن (عوفر) أحد أبرز السّجون المركزية.
ومن ضمن الزيارات التي تمت للأسرى في (عوفر)، زيارات جرت للأطفال الأسرى الذين نقلوا حجم المصاعب والظروف القاسية التي يوجهونها جرّاء الاكتظاظ في الأقسام المخصصة لهم، وجريمة التّجويع، فغالبية الأطفال ينامون وهم جوعى، ويعانون من البرد الشديد مع حلول فصل الشتاء في ظل النقصان الحاد بالملابس، عدا عن وجود أسرى أطفال بحاجة إلى رعاية صحيّة ونفسيّة خاصّة، كم وأشار الأطفال الأسرى إلى تصاعد عمليات القمع بحقهم.
ولفت الأسرى في (عوفر) إلى أنّ إدارة السّجن أقدمت على فرض عقوبات على إحدى الغرف، بعد أن حوّل الأسرى أكياس الخبز لحبل من خلال ربطها ببعضها البعض، من أجل نشر الملابس بعد غسلها، وعلى أثر ذلك تم حرمان الأسرى من الخروج (للفورة – ساحة السجن)، وأصبحت إدارة السّجن تدخل شرائح الخبز بدون الأكياس.
-إدارة سجن (مجدو) تصادر أبواب دورات المياه والشراشف الخاصة لتغطيتها
أما في سجن (مجدو)، فقد نقل الأسرى آخر ما أقدمت عليه إدارة السّجون، وهو مصادرة أبواب الحمامات في أحد الأقسام، والشراشف التي يستخدمها الأسرى لتغطية الحمامات والتي أصبحت دون غطاء، كجزء من عمليات (الابتكار) لأدوات الإذلال والتّنكيل والتّعذيب، كما أن عمليات القمع والضرّب ما تزال قائمة رغم أنها تختلف من فترة إلى أخرى من حيث وتيرتها، وما يزال هناك المئات من المرضى والجرحى يواجهون الجرائم الطبيّة داخل السّجن الذي يعتبر أحد أبرز السّجون المركزية التي يحتجز فيها الأسرى، والذي شكّل أحد السجون التي صعّد اسمها مع بداية الحرب بسبب سياسة التّعذيب التي طالت الآلاف من الأسرى فيه، علماً أنّ سجن (مجدو) أحد السّجون التي يحتجز فيها الأسرى الأطفال.
ولفت نادي الأسير إلى أنّ كافة التفاصيل التي استعرضت أعلاه، هي ذات السّياسات الممنهجة التي عكسها الأسرى في بقية السّجون التي تمت زيارتها ومنها سجون (النقب، وشطه، وجانوت)، مع الإشارة إلى أنّ قضية مرض الجرب مرة أخرى شكّلت المحطة الأبرز في إفادات أسرى سجن (النقب)، بينما ركزت معظم إفادات الأسرى في سجن (شطة) على عمليات القمع والنقل، وكذلك في سجن (جانوت).
كما وأكّد نادي الأسير على أنّ كافة السّياسات والجرائم تحوّلات إلى واقع دائم، يعيشه الأسرى بشكل لحظي منذ بداية حرب الإبادة، والمتغير الوحيد هو اختلاف مستوى وكثافة تلك الجرائم من فترة إلى أخرى، وهناك مخاوف كبيرة على مصير الآلاف من الأسرى، بعد ارتقاء (49) أسيراً ومعتقلاً منذ بداية حرب الإبادة.
يبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال حتى بداية شهر كانون الأول الجاري أكثر من عشرة آلاف و300، إضافة إلى المئات من معتقلي غزة المحتجزين في المسكرات ولا تتوفر معطيات واضحة عن أعدادهم، وهم رهن الإخفاء القسري، كما ويبلغ عدد الأسيرات حتى إعداد التقرير (89) أسيرة في سجن الدامون من بينهن أربع من غزة، وعدد الأطفال (280).