اطلس:يفخر الجيش الإسرائيلي ان النساء يشغلن أدوارًا متعددة ومهمة فيه، فقد تم دمجهن تدريجيًا في مختلف وحدات الجيش على مر العقود فإسرائيل تُعتبر واحدة من الدول القليلة التي تفرض الخدمة العسكرية الإلزامية على النساء، إلى جانب الرجال.
تكون الخدمة العسكرية إلزامية لكل مواطنة إسرائيلية يهودية (باستثناء بعض الفئات مثل المتدينات الأرثوذكس)، وتبدأ عند بلوغهن سن 18 وتكون مدة الخدمة للنساء عامين، في حين ان الرجال يخدمون سنتين ونصف، مع وجود استثناءات لبعض الوحدات الخاصة التي تتطلب تمديد المدة. كذلك يمكن للنساء المتزوجات أو الحوامل الحصول على إعفاء من الخدمة. في حين غالبية النساء العربيات في إسرائيل لا يخدمن في الجيش، باستثناء بعض النساء الدرزيات أو المسيحيات اللواتي ينضممن طوعًا.
تاريخيًا، كانت للنساء أدوار في الجيش الإسرائيلي تتركز في أدوار دعم مثل الإدارة، الاتصالات، الطبابة، والتعليم. منذ التسعينيات، بدأت النساء في الانضمام إلى الوحدات القتالية. وحاليًا، هناك نساء يخدمن في وحدات المشاة، المدفعية، الدفاع الجوي، القوات الجوية (بما في ذلك كطيارات مقاتلات). وفي السنوات الأخيرة، تم فتح بعض الوحدات الخاصة أمام النساء مثل وحدة “كاراكال” و”النمر” التي تضم أفرادًا من الجنسين. وتشارك النساء في الدوريات والحواجز وقمع المظاهرات للفلسطينيين وقد شاركن بكثافة في وحدات الرصد والمتابعة خصوصا في وحدات غزة ولبنان وهو ما أدى الى وقوع عدد كبير منهن في الاسر على يد حماس والجهاد الإسلامي في السابع من أكتوبر 2023.
ورغم ان الجيش الإسرائيلي يعمل على تعزيز المساواة بين الجنسين في الخدمة العسكرية. ، حيث أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قرارًا يسمح للنساء بالانضمام إلى كافة الوحدات العسكرية في 2000 ما لم يكن هناك مبرر واضح يمنع ذلك. الا انه لا تزال هناك تحديات متعلقة بالتكافؤ في الفرص والترقيات، خاصة في الوحدات القتالية. وقد حققت بعض النساء مناصب قيادية عالية في الجيش الإسرائيلي ومثال ذلك أورنا باربيفاي وهي اول امرأة تصل إلى رتبة لواء (Major General) وتترأس مديرية الموارد البشرية. وكذلك أليزا لافي والتي خدمت في منصب كبير في سلاح الجو. وبعض النساء اللواتي تقلدن مناصب مثل مديرة الإدارة المدنية او ضابطات في مختلف الوحدات.
تواجه النساء في الجيش الإسرائيلي تحديات شأنهن في ذلك شأن النساء في كل الجيوش حيث تواجه بعض النساء مشكلات تتعلق بالتحرش الجنسي أو التمييز، رغم الجهود المبذولة لمكافحة ذلك حسب ما يقول الجيش وتحويل كثير من القضايا الى المحاكم العسكرية في محاولة لردع ذلك. كذلك قان النساء اللواتي يخدمن في الوحدات القتالية يواجهن تحديات جسدية ونفسية، خاصة في بيئة كانت تاريخيًا مخصصة للرجال. وكان لواقع سقوط النساء في الاسر أثر كبير عليهن وعلى عائلاتهن والمجتمع الإسرائيلي بشكل عام.
النساء اللواتي يخدمن في الجيش يتمتعن بمكانة خاصة في المجتمع الإسرائيلي، حيث يُنظر إلى الخدمة العسكرية كجزء من الهوية الوطنية. وكذلك فان تجربة الخدمة العسكرية تفتح لهن فرصًا في سوق العمل، خاصة في مجالات التكنولوجيا والأمن. الا ان الحرب تؤثر على النساء المجندات بطرق معقدة تشمل التأثيرات النفسية، الاجتماعية، والجسدية. وعلى الرغم من أن الحرب يمكن أن تعزز قدرات النساء على الصمود والاستقلالية، إلا أنها قد تخلف آثارًا طويلة الأمد تحتاج إلى دعم ومساندة للتعافي وإعادة الاندماج..
ومن اهم التأثيرات النفسية التي تتعرض لها النساء اضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD) نتيجة الأحداث العنيفة التي يشهدنها أو يشاركن فيها. إذا فقدن زملاء أو شاركن في أعمال عنف، قد يواجهن شعورًا عميقًا بالذنب أو الحزن. قد تواجه النساء تحديات إضافية، مثل التحرش أو التمييز في بيئة عسكرية يهيمن عليها الرجال، مما يزيد من التوتر النفسي. كما مشاركة النساء في الحرب قد تؤدي إلى تغيير تصورات المجتمع عن دور المرأة. قد يُنظر إليهن كبطلات، ولكن في بعض الثقافات قد يواجهن استنكارًا إذا تخلى المجتمع عن تقبلهن كجزء من الحياة المدنية التقليدية. إضافة ان بعض النساء قد يشعرن بالعزلة بعد الحرب، خاصة إذا عانين من صعوبة في إعادة الاندماج في مجتمعاتهن أو أسرهن.
ورغم ان النساء اللاتي يواجهن تحديات الحرب قد يصبحن أكثر صلابة واستقلالية نتيجة التجارب الصعبة. الا ان هذه الظروف قد تطور النساء بسببه سلوكيات دفاعية أو عدوانية كاستجابة للبيئة العسكرية. وقد يصبحن أكثر حذرًا أو يقظة، خصوصًا في البيئات المدنية، نتيجة لتجاربهن في الحرب.
النساء في الجيش أيضا قد يواجهن إصابات جسدية أثناء الحرب، ما يؤثر على حياتهن اليومية. وقد نشر الجيش الإسرائيلي مؤخرا ان 13500 جندي قد تعرض للقتل او الإصابة منذ السابع من أكتوبر مع ذلك، لم تُنشر تفاصيل محددة حول عدد النساء بين هؤلاء القتلى أو الجرحى. نظرًا لأن النساء يشكلن جزءًا من القوات المسلحة الإسرائيلية، فمن المرجح أن يكون بين القتلى والجرحى عدد من المجندات. وبالتالي قد تزيد الحرب من احتمالات الاكتئاب، والقلق، واضطرابات النوم.
ورغم ان النساء اللواتي شاركن في الحرب قد يصبحن أكثر نشاطًا في الشؤون المدنية والسياسية، بناءً على أدوارهن خلال الحرب. الا ان تجارب الحرب قد تؤثر على العلاقات الشخصية والعائلية، سواء بسبب تغير الأولويات أو التأثيرات النفسية. فقد لوحظ مثلا ان المجندات على الحواجز اكثر عنفا ضد السكان الفلسطينيين وقد قدمت عدة شكاوي بذلك.
تعرضت مجندات الجيش الإسرائيلي للاسر في طوفان الأقصى الذي تفذته حماس ورغم انه اطلق سراح بعضهن في صفقات التبادل التي تمت حتى اللحظة الا ان بعضهن ما زال في الاسر او قتلن في الغارات التي حدثت سواء من حماس او حزب الله وفي العمليات التي نفذها الفلسطينيين في الضفة الغربية سواء بالصواريخ او الرصاص او تفجير العبوات واحيانا بالسكاكين.
ويبقى التساؤل الأهم بعد انتهاء الحرب ماذا سيكون تأثير مشاركة النساء في الجيش وتعرضهن للقتل او الإصابة او الاسر او الفقدان لزملائهم وزميلاتهن على المجتمع الإسرائيلي كون هؤلاء النساء سيعدن للحياة المدنية وينخرطن في اسرهن وينجبن الأطفال فهل سيكون المجتمع الإسرائيلي اكثر عنفا وتشددا وتعصبا؟