النازحون.. آمال بالعودة القريبة لأماكن سكناهم وآلام الفقد وأهوال الحرب ترافقهم

اطلس:يواصل النازحون في مناطق النزوح المختلفة على طول محافظات قطاع غزة، حزم أمتعتهم ولملمة مقتنياتهم وما تبقّى لهم من حاجات في مخيمات النزوح من أجل العودة المرجوة إلى مناطق سكناهم مع دخول “وقف إطلاق النار” يوم أمس حيز التنفيذ بعد 470 يومًا من الحرب الطاحنة التي شنتها إسرائيل ضد البشر والحجر وكل مرافق الحياة في القطاع.

فهذا بدأ بتفكيك خيمته وذاك بدأ بجمع أمتعته وآخر أخذ يودع جيرانه في المخيم وكلهم ترنو عيونهم إلى وطء أقدامهم مناطق سكناهم أو ما تبقّى من بيوت أو أشباه بيوت للعيش فيها وفوق ركامها، سواء في خيام أو بيوت مؤقتة بدلًا من حياة المرارة والتشرد وحرب الأعصاب التي عاشوها طوال هذه الأيام على مدار قرابة ستة عشر شهرًا متتالية.

المواطن ماجد عويضة يقول: “رغم مرارة الفراق وألم ما ينتظرنا من بيوت مهدمة وأخرى مُسحت بشكل كامل وبنية تحتية مدمرة، فإننا متشوقون لأن تطأ أقدامنا غزة الحبيبة مدينتنا الجميلة التي نزحنا عنها قسرًا طوال أيام الحرب المسعورة ضد شعبنا”.

ويضيف: “سنعيش ونبني ونعمر بيوتنا ووطننا من جديد رغم أن المصاب جلل، إذ فقد البعض الولد والأخ والأب والأم والزوجة والمسكن والعمل، إلا أننا سنؤثر على أنفسنا ونعمل كل ما بوسعنا لتعود بلادنا كما كانت وأفضل”، مردفًا: “عندما تنتهي الحرب لا تعود الأشياء كما كانت، فالدمار لا يصيب الأرض فقط بل يترك أثره في القلوب والعقول لسنوات طويلة آمل ألا تطول”.

بينما يقول المواطن سفيان صبح: “كلي أمل وشوق لا ينتهيان لأهلي وإخواني الذين لم ينزحوا إلى جنوب القطاع وبقوا صامدين، فقد أرغمتنا الحرب على النزوح تارة وترك الأهل في غزة تارة أخرى وكلا الخيارين كان صعبًا، إلا أننا لم نتوقع أن تطول أيام الحرب لهذه الدرجة، ولا أدري ما شعوري عند لقائهم بعد هذه الفترة الطويلة”.

ويردف: “فور سماعي خبر دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، لم أتمالك نفسي فقد أجهشت بالبكاء، فلم أدرِ أهو من الفرح أن أزيلت الغمة أم لعدم رؤيتي لبعض أقاربي الذين استُشهدوا ودُفنوا ولم أرهم”، متمنيًا أن “تتم عودة جميع النازحين وأن يطلق سراح جميع الأسرى”.

بدوره، يقول المواطن خالد راضي: “يعز علينا فراق أهلنا في خان يونس، وتعز علينا الأيام التي عشناها معهم وفي ضيافتهم، ولكن كما يقول المثل الشعبي: (البلاد طلبت أهلها)، لذا سنعود إلى مناطقنا لنبني بها خيامًا من جديد، ولتبدأ حياة صعبة تشاطر الحياة التي عشناها على مدار 470 يومًا، ولكننا نأمل أن يكون فيها الخير ويعم السلام ليحيا أطفالنا ونحيا معهم بأمن رغم قسوة حياة الخيام التي تنتظرنا، ولا نعرف متى سنشيّد بيوتنا لنسكن فيها كما سكن حب فلسطين في عروقنا على الدوام”.

ويضيف: “لم أتخيل شعوري وأحاسيسي عندما تطأ قدماي ركام بيتي، سأذرف الدموع وستختلط وتمتزج في تلك اللحظات آلام فقدان المنزل ووجعه، وفرحة النجاة من حرب لم تشفع لأحد من الموت إلا من نجّاه الله”.

أما الحاج أبو حسين عبد الله فيقول: “لقد آثرت على نفسي وتجرعت مرارة العيش في الخيام، حيث التقلبات الجوية ونقص الإمدادات الغذائية والطبية وأدنى متطلبات الحياة الآدمية، وتجرعت علقم الحياة بين قماش متهالك يسمى خيمة من أجل إراحة جسدي المتعب الهزيل من عمليات النزوح المتكررة التي قمت بها كلما عدت إلى منزلي في بلدة القرارة”.

ويضيف: “لقد نزحت قرابة عشر مرات، كل مرة فيها أتكبد المزيد من التعب والإرهاق سواء الجسدي أو المادي، حيث ارتفاع أسعار المواصلات”.

ويتابع: “لقد منّ الله علينا مرات عدة بالنجاة بعد قصف الاحتلال الكثير من الخيام في منطقة مواصي خان يونس، حيث لا تحمي تلك الخيام والأقمشة من الرياح الهادئة، فكيف ستقي من الصواريخ والشظايا”.

ويردف: “أشعر بالألم والغصة والجرح النازف الذي لا تضمضه كل ساعات الفرح التي من الممكن أن ترافقني طول حياتي، فقد فقدت العشرات من الأقارب والأحبة منهم أخي الأصغر و23 شخصًا من أبنائه وأحفاده في قصف الاحتلال الإسرائيلي على مخيم جباليا في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، ما يهون علينا في هذه اللحظات أن شلال الدم النازف سيتوقف وستُحقن فيه دماء العشرات بل المئات كلما استمرت الحرب”.

أما المواطن هادي خضير فيقول: “من شدة فرحي بقرب عودتي الأسبوع المقبل إلى غزة المدينة الجميلة رغم جرحها الغائر والدمار الهائل الذي لحق بها ورغم رائحة دماء شهدائنا الزكية التي لم تجف، وكيف لها أن تجف وآلاف الشهداء ما زالوا تحت ركام المنازل المقصوفة وحطامها، إلا أننا نريد أن نثبت للعالم أننا شعب يعشق الحياة والسلام ولكن إسرائيل ترفض في كل مرة فرحتنا وتجبرنا على العيش بألم وحزن وفقدان وتشرد”.

ويضيف: “سأذهب إلى غزة وسأبني خيمة فوق ركام بيتي المدمر في حي الشيخ رضوان، وسأعيش فيه وسأعلم أبنائي وأغرس فيهم ككل أبناء شعبنا حب الوطن وعشق ترابه وعدم التفريط في ذرة من ترابه مهما صنع المحتلون والغزاة فيه، فغزة لن تنكسر كما كانت على مدار التاريخ مقبرة الغزاة وستبقى عيوننا ترنو نحو القدس العاصمة التي لا بد أن تعود إلينا ويعود مجدها من جديد، وسينجلي الاحتلال وستبقى فلسطين”.

بدوره، يقول المواطن محمد شاهين: “لكم تمنيت أن يعيش من استُشهدوا فرحة توقف الحرب رغم أنني ومن داخلي أشعر بأنهم استراحوا من العيش بين الركام وفوق الحجارة وتحت سحب الغبار، فإن الغصة على فراقهم لن تزول وستبقى ذكراهم حاضرة في كل حركة وسكنة”.

ويضيف: “تنازلت عن بقايا خيمتي في مواصي خان يونس التي تهالكت من عوامل التعرية والتقلبات المناخية وتعرضت للغرق في المنخفض الجوي السابق لجيراني في المخيم، للاستفادة مما تبقّى منها، أما أنا فسأبني خيمة جديدة فور وصولي إلى غزة وسأبدأ بممارسة حياتي السابقة من داخل خيمتي بدلًا من بيتي، وآمل أن تتم إعادة الإعمار والبناء في أسرع وقت لنتمكن من العيش في بيوت بدلًا من العيش تحت قماش الخيام التي لا تقي برد الشتاء ولا حر الصيف”.

ويلفت هنا إلى أن “مليوني نازح يعيشون ظروفًا إنسانية كارثية كنتيجة مباشرة لجريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبها الاحتلال على مدار 470 يومًا، حيث دمر مئات آلاف المنازل وأجبر سكانها على العيش كنازحين داخل وطنهم يعيشون في خيام تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الكريمة، حيث اهترأ منها 110,000 خيمة من أصل 135,000 خيمة، وأصبحت خارج الخدمة وغير صالحة للاستخدام، وهذا يزيد معاناتهم ويكبدهم خسارة جديدة بعد عودتهم إلى مناطق سكناهم الأصلية، لأن الخيام المهترئة لا يمكن نقلها من مكانها، وفي أحسن الأحوال من الممكن أن يستفيد صاحبها فقط من بعض الأخشاب والأعمدة الحديدية”.

يشار إلى أن الاحتلال ارتكب خلال حرب الإبادة التي شنها على قطاع غزة أكثر من 7.182 مجزرة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، ومن بين هذه العائلات 1600 عائلة فلسطينية أبادها الاحتلال ومسحها من السجل المدني، بقتل الأب والأم وجميع أفراد الأسرة، وعدد أفراد هذه العائلات 5,612 شهيدًا، في حين أن 3,471 عائلة فلسطينية أبادها الاحتلال ولم يتبقَّ منها سوى فرد واحد، وعدد أفراد هذه العائلات فاق 9,000 شهيد.

فيما ذكرت شبكة المنظمات الأهلية في غزة في بيان لها، أن نحو 80% من المنازل والبنى التحتية دُمرت خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وقالت، إن تقديرات إعمار قطاع غزة تحتاج من 60 إلى 80 مليار دولار ووقت زمني من 6 إلى 8 أعوام، وهذا منوط بتوفر الدعم المالي وإدخال البضائع دون تعقيدات أو عرقلة.

وأضافت أن القطاع يحتاج إلى مراحل عدة منها الإغاثة الفورية (توفير المأوى والغذاء والدواء)، والتعافي المبكر لإعادة تأهيل البنية التحتية نسبياً، والمرحلة الأخيرة إعادة الإعمار التي هي بحاجة إلى مخططات هندسية جديدة، وأن الإغاثة والتعافي المبكر يتطلبان تدخلا فوريا، وهما بحاجة وفق التقديرات إلى عامين على الأقل.

عن Atlas

شاهد أيضاً

تشييع جثمان الطفل الشهيد أحمد جزر في بلدة سبسطية

اطلس:شيع أهالي بلدة سبسطية شمال غرب نابلس والقرى المجاورة، اليوم الاثنين، جثمان الشهيد أحمد رشيد …