“وداع قبل اللقاء”… محمود الجبور يرحل وهو ينتظر حرية نجله ياسر

اطلس:في مشهد يختزل معاناة المعتقلين وعائلاتهم، ودّعت مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، صباح الأحد 23 شباط/ فبراير 2025، المواطن محمود الجبور (76 عامًا)، بعد تعرضه لصدمة صحية أودت بحياته، نتيجة عدم التزام الاحتلال الإسرائيلي بالإفراج عن نجله المعتقل ياسر، الذي كان مقرراً الإفراج عنه يوم السبت ضمن الدفعة السابعة من “اتفاق وقف إطلاق النار” على قطاع غزة.

لحظات الانتظار الأخيرة

داخل منزل العائلة في منطقة “جورة اللوت” جنوب شرق خان يونس، كانت الأم مضحية، وهي ذات إعاقة حركية، تعيش لحظات انتظار ثقيلة مع زوجها الراحل.

تروي مضحية المراسل  كيف ظل زوجها يتابع نشرات الأخبار بقلق، منتظرًا لحظة حرية ابنه الذي لم يرَه منذ اعتقاله خلال حرب الإبادة التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.

تقول الأم والدموع تغلب صوتها: “كان أبو نبيل (والد المعتقل) ينتظر بفارغ الصبر رؤية ياسر. جلسنا في البرد القارس نستمع للأخبار، نبحث عن أمل بين كلمات المذيعين، لكن مع حلول منتصف الليل، تبددت الآمال. بقي زوجي مستيقظًا حتى ساعات الفجر الأولى، دون أن يأتي الخبر المنتظر، وفي الصباح، سقط أمامي مصابًا بسكتة قلبية”.

واعتقل الاحتلال ياسر (40 عامًا) خلال اجتياحه مدينة خان يونس دون معرفة مصيره لأسابيع، حتى تأكدت العائلة من وجوده في المعتقل. وكانت لحظة إدراج اسمه ضمن قائمة المفرج عنهم بمثابة بارقة أمل للعائلة، لكن تأجيل الإفراج عنه غيّر المشهد تمامًا.

زوجته، شذا الجبور، التي عاشت أيام الحرب بلا أخبار عن زوجها، تقول لمراسل “وفا”: “كنا ننتظر هذه اللحظة منذ أشهر، ونعتقد أننا سنحتضنه أخيرًا، لكن الفرح لم يكتمل. الاحتلال لم يطلق سراحه، وبدلاً من أن نستعد لاستقباله، وجدنا أنفسنا نستعد لدفن والده الذي لم يتحمل الصدمة”.

مشاعر مختلطة بين الفرح والحزن

أما شقيقه نبيل الجبور، فكان يعيش مشاعر متناقضة بين الفرح المفترض بخروج أخيه، والحزن العميق على فقدان والده، وقال بصوت يملؤه الحزن: “اختلطت المشاعر، لا نعرف هل نبكي أو نفرح؟ كنا ننتظر خروج ياسر ليعود إلى الحياة بيننا، لكن بدلاً من ذلك، علينا الآن أن نودع والدي. أخشى أن يصل الخبر إلى أخي داخل المعتقل، وأن تكون الصدمة عليه مضاعفة. كما أخاف على والدتي ذات الإعاقة الحركية، التي فقدت زوجها وتعيش على أعصابها بانتظار خروج ابنها”.

وفي بيت العزاء، وقف حازم الجبور، ابن عم المعتقل، محاولًا التخفيف عن العائلة، لكنه أقر بأن الصدمة كانت أقوى من الكلمات، خاصة على بنات الفقيد وأبنائه.

وقال المراسل”ما حدث ليس مجرد فاجعة عائلية، بل هو جزء من مأساة ممتدة تطال مئات العائلات التي تنتظر أبناءها المعتقلين. نحن نطالب بالتدخل العاجل للإفراج عن المعتقلين الذين نُشرت أسماؤهم، وإلزام الاحتلال تنفيذ تعهداته، لأننا نخشى أن نخسر زوجة عمي ذات الإعاقة الحركية بعد أن فقدنا عمي”.

وداع ثقيل وأمل مؤجل

خلال مراسم الدفن، لم يكن الحاضرون يستمعون فقط إلى كلمات التأبين، بل كانوا أيضاً يتابعون الأخبار على أمل سماع إعلان الإفراج عن المعتقلين. كان الجميع يتمنون أن يتمكن ياسر الجبور من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة على والده، لكن ذلك لم يحدث.

يذكر أن سلطات الاحتلال أجّلت الإفراج عن الدفعة السابعة من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار إلى إشعار آخر، بعد أن كان من المقرر الإفراج عنهم يوم السبت الماضي، بحسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني.

وتضم الدفعة السابعة، 402 معتقل، منهم 50 معتقلا من المحكومين بالمؤبد، و60 من الأحكام العالية، و47 من المعتقلين المعاد اعتقالهم في صفقة “شاليط”، و445 من قطاع غزة الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال خلال عدوانها الأخير على القطاع.

وكان مئات المواطنين وذوو المعتقلين، قد احتشدوا منذ ساعات صباح السبت، وفي ظل الأجواء شديدة البرودة، في رام الله والقدس المحتلة وقطاع غزة لاستقبال أبنائهم المفرج عنهم.

ويبلغ عدد المعتقلين في سجون الاحتلال أكثر من عشرة آلاف معتقل، وهذا المعطى لا يشمل معتقلي غزة كافة في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال، فيما استُشهد 58 معتقلا في سجون الاحتلال منذ العدوان الإسرائيلي على شعبنا في تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

عن Atlas

شاهد أيضاً

بالأسماء- قائمة الأسرى الفلسطينيين المقرر الإفراج عنهم اليوم

اطلس: أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، أسماء الأسرى الفلسطينيين المقرر الإفراج عنهم في دفعة جديدة …