اطلس:كتب اسماعيل الريماوي: لم يعد سراً أن السلطة الفلسطينية فقدت الكثير من مصداقيتها، ليس فقط بسبب ضعف أدائها السياسي، بل أيضاً بسبب استمرار التنسيق الأمني مع الاحتلال في ظل هذا الظرف الذي يتهدد الشعب الفلسطيني ووجوده ، ومحاولاتها الدائمة إجهاض أي جهد مقاوم في الضفة الغربية.
وفي ظل غياب أي استراتيجية وطنية واضحة لدى السلطة، يبدو أن الفلسطينيين ينظرون إلى المقاومة كفاعل سياسي حقيقي، قادر على تحقيق إنجازات على المستوى الدولي، كما فعلت في جولات التصعيد السابقة، حيث استطاعت انتزاع مكاسب سياسية ودبلوماسية وعسكرية عبر مفاوضات غير مباشرة بوساطة إقليمية ودولية.
حيث أن تصريحات المسؤولين الأمريكيين أنفسهم تكشف أن واشنطن باتت مضطرة للتعامل مع الواقع الجديد، وهو أن المقاومة اصبحت قوة فاعلة لا يمكن تجاهلها في أي ترتيبات مستقبلية، سواء على صعيد وقف إطلاق النار، أو فيما يتعلق بصفقة تبادل الأسرى، التي تشكل ملفاً حساساً بالنسبة للإدارة الأمريكية بسبب الضغوط الداخلية من عائلات الجنود الأسرى لدى المقاومة.
لم يكن مفاجئًا أن تخرج السلطة الفلسطينية بموقف مرتبك وغاضب، استنكرت فيه الاتصالات المباشرة بين المقاومة والولايات المتحدة، مدعية أن المقاومة تشتت الموقف الفلسطيني وتفتح قنوات اتصال مع جهات أجنبية دون تفويض وطني.
بل وزد على ذلك انها اعتبرت أن هذه الاتصالات “تتعارض مع القانون الفلسطيني الذي يجرّم التخابر مع جهات أجنبية”!
وهنا يطرح السؤال نفسه: إذا كانت السلطة الفلسطينية تعتبر أي تواصل مع جهات أجنبية جريمة، فكيف تفسر لقاءاتها المتكررة مع المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين، ناهيك عن تنسيقها الأمني مع الاحتلال؟
ومن المثير للسخرية أن السلطة اعتبرت اتصالات المقاومة مع الأمريكيين “التفافًا على الإجماع العربي”، وكأن القمم العربية أنجزت شيئًا حقيقيًا لصالح الفلسطينيين!.
وفي الوقت الذي تواصل فيه السلطة التقوقع في مربع التنسيق الأمني والتبعية السياسية، يبدو أن الفلسطينيين يتجهون بأصواتهم وعقولهم نحو الخيارات الأكثر واقعية وفعالية، تلك التي تعتمد على قوة المقاومة وتأثيرها على المعادلة الإقليمية والدولية.
ولو نتكلم بهذا المنطق التي تحدثت عنه السلطة الفلسطينية نستطيع أن نقول إن السلطة التي ليس لها سلطة إلا على المقاومة في الضفة ، يجب عليها أن تدرك بين من يتفاوض على عزة الشعب الفلسطيني ومن يتفاوض على إذلاله وإخضاعه وخنوعه للمحتل .
ويمكن القول إن السلطة الفلسطينية تعيش حالة إنكار للواقع الجديد، بينما تدرك المقاومة أن العالم بات مضطراً للتعامل معها، سواء شاءت السلطة أم أبت.