لم تعد هذه الصُّور، وهذا البث الحي للقتل والقصف والدمار والمجازر، وهذا العدد الضخم من القتلى والجرحى و أكثرهم من الأطفال والنساء والشيوخ، والتي تستهدف جيلا فلسطينيا كاملا يقضي به على المستقبل الفلسطيني، بكل الطرق؛ ومن حصار وتجويع ومحاولات التهجير، وقصف المستشفيات والمساجد والكنائس، وتدمير المباني، التي يسكنها المئات والآلاف، وليس في داخلها سوى الأطفال والنساء، وتدميرها على رؤوس ساكنيها، ومساواتها بالأرض وأكثر، والضحايا الذين تحت الأنقاض، أكثر من الذين فوقها.
كل هذا الإجرام والقتل والدمار طوال الاشهر الماضية، والأيام القادمة، وعلى مدار الساعة، لم يحرك ضميراً لدى كل الأمم بمختلف مسمياتها وعقائدها، وادعاءات احترامها لحقوق الإنسان والقانون الدولي.
لقد تحول العالم المحيط بغزة إلى عالم “دراكولا” ومصاص للدماء، وتحول العرب والمسلمون إلى نعاج وخرفان تنتظر متى يأتي دورها لذبحها، إنه لأمر في منتهى الخزي والبشاعة التاريخية، لقد تطورت تلك القصة القديمة، التي كان المغولي يقول للعربي المسلم: انتظرني هنا، ولا تتحرك، سوف أذهب لإحضار سكين لكي أذبحك، إلى القصة التالية حيث يقول العربي المسلم للصهيوني: تعال لتذبحني، وأرفق بي.
إنَّ صور مجازر أولئك الأطفال تُقطِّع قلب أي إنسان سوي، فما بال كل الإنسانية، التي تتفرج لكل تلك البشاعة، ولا تحدد موقفاً، فهل ماتت الضمائر كل هذا الموت؟!!
إن مجرد تصور هؤلاء الأطفال كأبنائنا وفلذات أكبادنا، يدفع الإنسان الحقيقي إلى الجنون، والقيام بكل ما يمكن القيام به من تضحيات.
إنَّ ما يحدث في غزة لن يغفره التاريخ للصهاينة والعالم، الذي يقف إما مُحرِّضاً لمزيد من القتل والذبح والإجرام، أو يقف متفرجاً أمام شاشات التلفاز، بمئات القنوات، لمشاهدة شعب يُذبح، ويُقصف، ويُدمَّر بكل بساطة على مرأى ومسمع مليارات البشر والحجر.
إنَّ هذا القتل العبثي الصهيوني الهمجي، وهذه الحرب الشعواء، حرب وجود على مدار الساعة في غزة وفلسطين عموماً، لن يتسامح التاريخ والمؤرخون، ولن تتسامح كل تقنيات العصر وكاميرات العالم، التي تتطور كل يوم، ولن يتسامح المستقبل مع القتلة والمتواطئين والداعمين لكل هذا الهدر للإنسانية.
أما في العالم الذي يقال له عربي فيما حولنا فإنهم ينظرون الى هذه الدماء المخذولة دماء اخوانهم .
هذه الدماء والأرواح البريئة التي سُيسألون عنها أمام ربهم و يسألون عن كل من تخاذل عن نصرتها .
أما نحن فلن نسامح كل متخاذل ولن نغفر لكل ظالم.. ولن ننسى يا غزة لن ننسى…
لن ننسى ولن نسامح ولن نغفر فما بالكم بأهل غزة الذين سيقفون خصوماً أمام الله ويقولون: يا رب هذه الأمة خذلتنا .
الى من يقال لهم عرب في كل مكان .. نقول لهم سيلاحقكم عار تخاذلكم وجبنكم وتقصيركم عن نصرة اخوانكم ابد الدهر.
فمن العار أن تقفوا مع النظام العربي متفرجين على المذابح التي ترتكب بحق المدنيين ، في مشهد مخزٍ من التخاذل عن الوقوف في وجه الآلة الوحشية لهذا الكيان الغاصب .
إن حالة الخذلان التي يتعرض لها قطاع غزة كبيرة جدا وهي بكلام واضح تخلي الجميع عن غزة في معركة حرقها وإبادتها، فيا ترى ما يثير الحمية في قلوب ونفوس أبناء الأمة وقواها الحية لتتجاوز حالة الخذلان هذه وتتحرك الحركة المطلوبة لتخليص غزة وسائر أرض فلسطين من هذا الاحتلال الغاشم؟!، وهل ستبقى مكامن المروءة وشيم الرجل تغيب من بلادنا؟
إن ما يحل على غزة هذه الأيام ستبقي لعنة الشهداء والجرحى على كل المتآمرين وكل المتخاذلين أبد الدهر وستبقى أجيال الأمة المتعاقبة وعلى مر التاريخ تلعنهم، وستكتب صفحات التاريخ أن هؤلاء لطخوا جبين الأمة بالعار والخزي وعند الآخرة ستجتمع عند الله الخصوم.
سيذكر التاريخ في فصوله المدوّنة بحبر العار، أنّ العالم المتحضر و معه العرب وقفوا موقف المتفرج على المذابح والمجازر الوحشية التي يندى لها جبين الإنسانية، وجرائم الاغتصاب والحصار والتجويع التي ترتكب بحق أهلنا في غزة،
لم تفضح غزة تخاذل النظام العربي والإسلامي فحسب، بل فضحت تخاذل شعوبها الصامتة، وكشفت واقعهم المتردي، ومواقفهم الضعيفة المخزية، وشيعت جثمان العروبة إلى مثواه الأخير.
لقد عرّت غزة سوءاتهم جميعًا، وهتكت ستر كرامتهم التي أهدرت عن بكرة أبيها وهم يراقبوا شلال الدم الفلسطيني وهو يراق بغزارة ، ومع ذلك لم نرَ أي غضب أو حتى نبس ببنت الشفة وكأنهم موتى، بل الموتى أعزّ نخوة وشرفًا وكرامة منهم.
أين الشوارع العربية التي تخرج عن بكرة أبيها لحضور مهرجان غنائي لمطرب أو مطربة ؟ وأين الجماهير الإسلامية التي تحتشد لمباراة كرة قدم ؟ ولماذا غابت الشعوب عن نصرة الشعب الفلسطيني الذي يذبح أمامها ، وغضّت طرفها عنه إلا من رحم ربي ؟
والدهى من ذلك هناك من الاعراب من يتشمتون و يبررون للصهاينة جرائمهم فهناك كثيرون يجادلونني على مواقع التواصل الاجتماعي بأن المقاومة هي السبب في ذلك وهي من اوصل الوضع في غزة إلى هذه النكبة و يتناسون وجود الاحتلال و بأنه السبب الرئيسي لكل ما يحل بشعب الفلسطيني و أن المستهدف ليست المقاومة فقط بل الوجود الفلسطيني ذاته على أرضه وهو ما تثبته محاولات الاحتلال و من وراءه إلى تهجير الفلسطينيين من كل فلسطين أو الخلاص منهم بكل الطرق وهنا يحضرني سؤال لم يسأله أولئك المتخاذلين أو المتباكين بأنه لو انتهت اسرائيل من الشعب الفلسطيني من سيكون الهدف التالي؟؟!