اطلس:تتسارع مؤشرات التذمر داخل الجيش الإسرائيلي، خاصة في صفوف جنود الاحتياط، مع استمرار الحرب المستمرة في قطاع غزة منذ أكثر من عام ونصف، وسط احتجاجات متزايدة وتحذيرات من تداعيات خطيرة على التماسك العسكري والسياسي في إسرائيل.
وكشفت وسائل إعلام عبرية أن مئات من جنود الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي وقّعوا على رسالة جماعية طالبوا فيها بوقف الحرب، مؤكدين أن العمليات العسكرية باتت تُستخدم لتحقيق أجندات سياسية، بعيداً عن الأهداف الأمنية للدولة.
تحذيرات من استنزاف القوات وتصاعد الخسائر
الرسالة التي أُرسلت إلى قيادة الجيش حذّرت من استنزاف قدرات قوات الاحتياط، وإرهاق الجنود في ظل عمليات عسكرية لا أفق لها، كما نبّهت إلى مخاطر تصاعد الخسائر البشرية في صفوف الجنود والمختطفين والمدنيين على حد سواء. واعتبر الموقعون أن استمرار الحرب يُعرّض حياة الجنود والمواطنين لمخاطر غير مبررة، ودعوا إلى مراجعة المسار السياسي والعسكري الحالي.
وبحسب التقارير، بدأت شرارة الاحتجاجات عندما بادر عدد كبير من جنود الاحتياط في سلاح الجو إلى توقيع رسالة عبّروا فيها عن رفضهم الصريح لنهج الحرب في غزة، مشددين على أن العمليات العسكرية قد تفضي إلى مقتل المختطفين وتوسيع دائرة الدمار.
ورغم أن الرسالة لم تحمل دعوة صريحة للتمرد أو رفض الخدمة، فإنها أثارت قلقاً عميقاً داخل قيادة الجيش، التي اعتبرت أن مثل هذه الخطوات تهدد الانضباط الداخلي وتبعث برسائل سلبية إلى باقي الوحدات.
في المقابل، بادر قائد سلاح الجو الإسرائيلي، اللواء تومر بار، بعقد اجتماعات عاجلة مع قيادات وحدات الاحتياط، وأصدر تعليمات صارمة تقضي بحرمان أي جندي يوقّع على الرسالة من الاستمرار في صفوف الاحتياط، في محاولة لاحتواء التمرد والحفاظ على هيبة المؤسسة العسكرية.
ولم تكن هذه الحادثة الأولى من نوعها؛ إذ سبق أن وجّه جنود من سلاح الطب رسالة مشابهة وصفوا فيها المسار السياسي الحالي بـ”التدمير الذاتي”. كما شهد الجيش حادثة فصل طيار احتياطي رفض تنفيذ مهام قتالية لدواعٍ أيديولوجية، ما ألقى بظلاله على العلاقة بين القيادة والجنود.
شرخ داخلي وتداعيات سياسية
الاحتجاجات داخل الجيش أثارت ردود فعل متباينة في الأوساط السياسية والعسكرية. ففي حين شدد مسؤولون على ضرورة الحفاظ على الانضباط العسكري، حذّر محللون من بوادر شرخ داخلي قد يهدد التماسك المؤسسي.
ووصلت أصداء الأزمة إلى مكتب رئيس الأركان الجنرال إيال زمير، الذي عقد اجتماعات مكثفة مع كبار القادة لدعم سلاح الجو والتأكيد على وحدة الهدف الاستراتيجي للعملية العسكرية.
وأثارت هذه التطورات نقاشًا واسعًا في إسرائيل حول العلاقة المتشابكة بين القيادة السياسية والعسكرية، وسط مخاوف من أن تؤدي الخلافات الحالية إلى إضعاف ما يُعرف بـ”حراس البوابة”، في إشارة إلى التغييرات التي طالت قيادات في الأمن والاستخبارات، والتي يعتبرها بعض المحتجين تهديداً مباشراً لاستقرار النظام وثقة الجمهور بالمؤسسة العسكرية.