كتبت الطالبة نور الهدى أبو عياش: في عام 2025، بلغ سعر غرام الذهب عيار 21 في فلسطين حوالي 344.20 شيكلًا (95.25 دولارًا)، وفقًا لموقع “Gold Bursa” بتاريخ 7 مايو 2025.
ومع هذا الارتفاع الحاد، تطلب بعض العائلات من العريس تقديم 200 غرام من الذهب كمهر للعروس، ما يعادل أكثر من 19,000 دولار – وهو مبلغ يمكن أن يُستخدم لشراء سيارة جديدة أو لتمويل مشروع ناشئ قادر على إعالة أسرتين، لا أسرة واحدة.
بهذا الواقع، تتحوّل بداية الحياة الزوجية إلى عبء مالي لا يُطاق، ويُصبح وعد الارتباط مرهونًا بقدرة الشاب على دفع ثمن لا علاقة له بالمحبة أو التفاهم، بل فقط بوزن المعدن الأصفر. لم تعد البداية مرتبطة بالعاطفة بقدر ما ارتبطت بالفاتورة، وكأن القلوب لا تُمنح إلا بعد تسديد ثمنها نقدًا.
حين يزن القلب بالدينار
في ظل ارتفاع تكاليف الزواج، أصبحت المشاعر الصادقة تصطدم بواقع مادي قاسٍ.
بحسب الشاب علاء المدموج، فإن: “غلاء المهور هو غلاء فاحش جداً، وتكلفة الزواج مرتفعة في ظل انخفاض أجور العمال بشكل كبير، مما يشكل صعوبة كبيرة على الشاب الفلسطيني من جمع المهر”.
هذا الواقع يدفع الكثير من الشباب إلى الاستدانة، مما يُهدد استقرار العلاقة منذ البداية، ويحوّل الزواج من حلم وردي إلى التزام مالي خانق، لا يحتمل رومانسية الحديث عن الورود والعصافير.
أساس الزواج التفاهم لا الأوزان
ليس في وزن الشبكة يكمن نجاح الزواج، بل في خفة التفاهم، وسعة الصدر، وقدرة الطرفين على مواجهة تحديات الحياة معًا.
بحسب تقرير نشرته وكالة فلسطين اليوم في 22 أبريل 2025، فقد شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا قياسيًا، مدفوعة بمخاوف الأسواق العالمية، مما أدى إلى ضغط متزايد على الشباب المقبلين على الزواج.
ومع هذا الواقع، تتضح المفارقة: فبيتٌ مليء بالمعدن قد يفتقر للدفء، بينما بيتٌ بسيط في الإمكانيات قد يفيض بالمحبة والسكينة. تبدأ العلاقات القوية من تفاهم صادق لا من صفقة مُكلِفة.
انسحاب من ساحة الزواج: واقع يفرض نفسه
الكثير من الشباب اليوم يتراجع عن خطوة الزواج، لا لغياب الرغبة أو الشريك، بل لأن الطريق إلى “عالم المتزوجين” بات مشروطًا بأثمان خيالية.
وفقًا لتقرير البنك الدولي حول شباب منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA Youth Report 2024)، فإن ارتفاع تكاليف الزواج يعد أحد أبرز أسباب تأخر الزواج، حيث تصل نسبة العزوبة في بعض الدول العربية إلى أكثر من 30% بين الذكور.
وكأن الحياة المشتركة لا تُفتَح إلا بمفتاح من ذهب، بينما القلوب الحقيقية لا تملك حتى مفتاح باب غرفتها.
بداية جديدة: بين البساطة والتقاليد
رغم هذا الواقع الضاغط، بدأت بعض العائلات تتجه نحو تبسيط مراسم الزواج.
بحسب تقارير محلية، ظهرت مبادرات في مدن مثل نابلس ورام الله لدعوة الأهل إلى الاكتفاء بـ”شبكة رمزية”، أو حتى إلغاء الذهب تمامًا من الاتفاق.
لكن، هذه المبادرات لا تزال تواجه رفضًا من بعض العائلات، التي تعتبر الذهب “رمزًا اجتماعيًا” لا غنى عنه.
مع ذلك، ترتفع أصوات شابة تؤمن بأن الزواج يُبنى على أسس روحية وعاطفية، لا مالية، وأن البساطة ليست تقليلًا من القيمة، بل تركيزًا على الجوهر.
الذهب المتحوّل: من شبكة العروس إلى تغطية أقساط الثلاجة!
لا يمر كثير من الوقت بعد الزواج حتى يبدأ العريس – الذي اقترض نصف عمره ليشتري الذهب – بالنظر إلى الشبكة نظرة حسابية بحتة.
فإذا تعطلت الغسالة، ذهب السوار. وإذا انكسر المكيف، اختفى الخاتم. وإذا حبلت الزوجة، فذهب العقد ليُعوّض بمقعد سيارة للطفل!
وكأن الذهب لم يكن وعدًا بالحب، بل ضمانًا لتمويل الطوارئ المنزلية!
وتتحوّل العبارة الشهيرة من: “ذهبك أمانك”، إلى: “ذهبك ضماني لو خربت الثلاجة!