اطلس:نظم مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية “شمس” بالتعاون والشراكة مع لجنة الانتخابات المركزية، مؤتمراً بعنوان “انتخابات الهيئات المحلية كمدخل ومقدمة لاستعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام”، حضره ممثلي المؤسسات الرسمية والأمنية ومؤسسات المجتمع المدني، ممثلي الهيئات المحلية، ممثلي الفصائل الحزبية، ممثلي القوائم المستقلة، ممثلي المؤسسات الإعلامية ووسائل الإعلام، خبراء في الشأن الانتخابي، شخصيات اعتبارية، أكاديميين، ومواطنين.
هدف المؤتمر إلى تسليط الضوء على أهمية الانتخابات المحلية كمسار ديمقراطي حيوي لإعادة بناء الثقة الوطنية، وتعزيز الشراكة السياسية، وتفعيل دور المواطنين في صياغة مستقبلهم السياسي والاجتماعي، وإنهاء الانقسام الفلسطيني المستمر منذ سنوات.
وفي الكلمات الافتتاحية للمؤتمر رحب المدير التنفيذي للجنة الانتخابات المركزية الأستاذ أشرف الشعيبي بالحضور والمشاركين، وأكد بدوره على جاهزية لجنة الانتخابات المحلية لإجراء الانتخابات المحلية والعامة بالتعاون مع الشركاء من أحزاب ومؤسسات مجتمع مدني والجهات ذات الإختصاص حال الدعوة لإجرائها في الضفة الغربية وغزة، ومؤكداً على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها وبشكل مستمر، من أجل تكريس الديمقراطية وتعزيز المشاركة الشعبية، وأن اللجنة تبذل كل الجهود الفنية واللوجستية لضمان سير العملية الديمقراطية بنزاهة وشفافية.
من جانبه شكر الأستاذ إسماعيل حماد المستشار القانوني لوزارة شؤون المرأة مركز “شمس” على تنظيم المؤتمر وعلى دعوة وزارة شؤون المرأة لتكون حاضرة على منصة هذا المؤتمر، موضحاً أن ما تشهده الأرض الفلسطينية في كافة المحافظات يهدد التماسك المجتمعي والأسري وصون السلم الأهلي وبالتالي تدهور في حالة حقوق الإنسان، وأمام ذلك نحن بحاجة إلى أداة قانونية تعيد توحيد الجغرافية والديمغرافية، لذلك انتخابات الهيئات المحلية هو أولوية في صميم برنامج العمل الخاص في الحكومة بالتطوير والتنمية، مؤكداً أن الهيئات المحلية هي الأكثر اتصالاً مع المواطنين الفلسطينيين، وهي الأداة الخدماتية الرئيسة وخط الاستجابة والدفاع الأول بالنسبة لهم، وتقوية هذه المؤسسات من خلال إشراك المواطن الفلسطيني في عملية صنع القرار وعلى وجه الخصوص في عملية الترشح والاقتراع وهو واحد من أهم الضمانات للحديث عن مؤسسات مسؤولة تقدم الخدمات على نحو كفؤ وفعال وجودة عالية بما يلامس احتياجات المواطنين بكافة الفئات. وأن مسألة العمل على قانون محسن في الانتخابات للهيئات المحلية هو احتياج ومطلب حقيقي ورافعة لعملية الحوار الوطني المسؤول وتحقيق الوحدة الوطنية، مؤكداً أن مشاركة النساء في هذا الحوار الوطني المسؤول هي مسألة هي شديدة الإلحاح لأن النساء مكون رئيس في عملية صنع القرار.
بدورها رحبت المدير التنفيذي لمركز “شمس” أمل الفقيه بالحضور، وأكدت على أهمية المؤتمر وعلى أهمية الانتخابات المحلية في جوهرها كاستحقاق إداري وخدماتي ووطني في ظل الواقع الوطني البالغ الخطورة والإبادة المستمرة في غزة والعدوان المستمر في الضفة الغربية، مؤكدة أن انتخابات الهيئات المحلية اليوم تمثل مقدمة ضرورية للانتخابات العامة – التشريعية والرئاسية، التي طال انتظارها، وتمثل مدخلًا حقيقيًا لإعادة بناء الثقة بين المواطن ومؤسساته، وتجسير الهوة التي أحدثها الانقسام، ومساحة مفتوحة لإشراك كافة القوى السياسية والمجتمعية، بما يُعيد إنتاج الحياة الديمقراطية من القاعدة إلى القمة .إضافة إلى أنها تُسهم في تعزيز الثقة في جدوى الحلول الديمقراطية والسلمية، وتُعيد الاعتبار للمشاركة الشعبية، في وقت بات فيه الكثير من المواطنين يشعرون بالعزلة و اليأس من جدوى الانخراط في الحياة السياسية.
كما شكرت بدورها لجنة الانتخابات المركزية، إدارة وطاقماً، على شراكتهم ودعمهم المتواصل، وحرصهم على إشراك مؤسسات المجتمع المدني كشركاء فاعلين في تعزيز الوعي الديمقراطي، ومراقبة العملية الانتخابية، وتكريس مبادئ الشفافية والنزاهة.
وأدار الجلسة الأولى للمؤتمر الأستاذ محمود الإفرنجي، والتي ناقشت ” انتخابات الهيئات المحلية كفرصة لإعادة بناء الثقة واستعادة الوحدة الوطنية”، قدمت فيها المديرة التنفيذية للمبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية – مفتاح الدكتورة تحرير الأعرج ورقة تحدثت فيها حول أهمية التمثيل العادل للنساء والشباب وذوي الإعاقة في الانتخابات المحلية كمدخل للمصالحة الوطنية، ناقشت من خلالها مجموعة من المؤشرات الوطنية والإحصاءات المتعلقة بالفئات الثلاث وكيف يسهم ذلك كله في تحقيق المصالحة الوطنية، فمشاركة هذه الفئات يعزز توسيع قاعدة المشاركة الشعبية وشمولها والخطاب عدم اقتصارها على النخب والأحزاب الكبرى، وأيضاً تحييد الخطاب السياسي وإبراز احتياجات المجتمع، وبروز فئات شبابية ونسوية وذويات الإعاقة مما يزيد من وجود قيادات مجتمعية جديدة تتجاوز الانقسام السياسي والصراعات الحزبية وأكثر قدرة على العمل الجماعي.
من جانب آخر تحدث المحامي بلال البرغوثي من الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة – أمان، حول نزاهة الانتخابات ضمانة للنزاهة في الحكم، فوضح بدوره أن الانتخابات يجب أن تقوم على فكرة النزاهة حتى نصل إلى مفهوم النزاهة، وهناك ضمانات واعتبارات ومعايير يجب أن تتمتع بها التشريعات الانتخابية لتحقيق ذلك، وأبرز هذه المعايير هي الجهة المشرفة على الانتخابات وفقاً لهذه التشريعات ومدى استقلاليتها و مدى اعتبارها من قبل الجمهور وثقتة بها ومدى تمثيل الأحزاب السياسية فيها ومدى وجود أشخاص قانونيين وجهات قضائية، وأيضاً من الضمانات مدى سماح هذه التشريعات للأحزاب السياسية بإدارة حملاتهم الانتخابية بحرية وتمكينهم من الوصول للجمهور من دون قيود وتدخلات من السلطة التنفيذية، وكم هناك حصانة لقوانين الانتخابات والأنظمة الانتخابية، وغيرها من الضمانات لتكون الانتخابات حرة ونزيهة. موكداً أن أحد أسباب ما نعيشه اليوم من إبادة جماعية هو غياب الديمقراطية الناجمة عن غياب الانتخابات والتي كانت المعبر الأساسي عن مفهوم الوحدة الوطنية والإرادة الحرة للشعب الفلسطيني.
وأدار الجلسة الثانية للمؤتمر الدكتور أيمن الزرو، والتي جاءت بعنوان “نحو بيئة انتخابية داعمة للمصالحة الوطنية والإصلاح السياسي”، تحدث فيها مدير المرصد العربي للديمقراطية والانتخابات الأستاذ عارف جفال حول البيئة الانتخابية الداخلية المركبة والتي وزادت تعقيداً بسبب الانقسام، و البيئة الخارجية الضاغطة بسبب الاحتلال والتقسيمات المختلفة، مؤكداً أن أي عملية سياسية بمستوى الانتخابات العامة لا يمكن إجراءها دون أن يكون هناك حالة توافق بالحدود الدنيا على تقبل الآخرين، ومن أجل أن تكون الانتخابات حرة وتكون باختيار الناخب المستقل الحر، وحتى نعمل الأطراف ككل نحن بحاجة للحرية السياسية والتي سقفها لدينا هو القانون الأساسي الذي نص على التعددية السياسية والحريات، وأيضاً التوافق الداخلي بأن لا يلغي أحد الآخر حينها نستطيع أن نتقدم ونخلق بيئة انتخابية ملائمة. ونحن بحاجة إلى بيئة وطنية نجتمع عليها ونبادر نحن بها وننطلق بها ونحترم بها قانوننا الأساسي ويكون هو الموجه لخطواتنا القادمة.
من جانبه قدم الباحث في قضايا الحوكمة والإدارة العامة الأستاذ مؤيد عفانة ورقة عمل ناقش فيها كيف تساهم الانتخابات في إعادة إنتاج العقد الاجتماعي، وأوضح بأن الانتخابات ترتبط بشكل مباشر وجوهري بـ “العقد الاجتماعي”، لأنها تمثل إحدى الوسائل العملية التي يُفعّل بها هذا العقد في الدولة الحديثة، وهي مدخل رئيس لإعادة انتاج العقد الاجتماعي وتجديده، إذ تُمكّن الانتخابات الأفراد من المشاركة في الحكم، وتضمن أن تبقى السلطة مستمدة من الشعب، وفق اتفاق ضمني غير مكتوب بين الحاكم والمحكوم، كما أن الانتخابات هي رافعة رئيسة لإنفاذ مبدأ فصل السلطات، كونها تنتج السلطة التشريعية، وتمنع احتكار السلطات في يد السلطة التنفيذية. مؤكداً على ضرورة إجراء الانتخابات، ضمن مبادئها الرئيسة الدورية، لأنها الضامن لإنفاذ تجديد العقد الاجتماعي أو إعادة انتاجه ما بين السلطة السياسية والشعب، وتقادم الانتخابات أو عدم اجراؤها يعني بالضرورة تآكل العقد الاجتماعي، وفقدانه لمضمونه.
وتناول مستشار سياسات المركز الفلسطيني لقضايا السلام والديمقراطية الأستاذ ناصيف معلم ورقة تناول فيها فرص وتحديات إجراء انتخابات محلية شاملة في الضفة الغربية وغزة، كغياب الإرادة السياسية، والاحتلال والحرب التدميرية على غزة وتردد المرشحين والواسطة والمحسوبية والانقسام وغيرها، وضرورة تشكيل كتلة انتخابية في القدس كنوع من التحدي للاحتلال الإسرائيلي والذي سيكون له أثر كبير في تعزيز مكانة الفلسطيني في القدس، مؤكداً أن الانتخبات تشكل فرصة في مواجهة الاحتلال ومنع بأن يكون الفلسطيني خدم للاحتلال، وفرصة لمحاسبة المرشحين الانتخابيين ولتأييد الشرعية وفرصة للتعرف على النواقص الشرعية ولإدخال تعديلات على القوانين وفرصة لتعزيز التشاركية الديمقراطية.
وناقش المشاركون في المؤتمر العديد من القضايا الهامة في ذات السياق موضحين أن انتخابات الهيئات المحلية هي الواجهة الأولى في تحدي الاستيطان ومواجهة الاحتلال ،وأن الحالة الفلسطينية بحاجة إلى حلول خلاقة من أجل الذهاب إلى مرجلة انتقالية وصولاً إلى الانتخابات التشريعية، مؤكدين على ضرورة تطوير البنية التحتية والعمل على تعزيز الصمود خاصة في ظل التحديات التي تعصف بالمجتمع وفي مواجهة الاستيطان وإرهاب المستوطنين، تظافر جهود كافة الجهات وتطوير تدخلات من أجل تعزيز المصالحة المجتمعية وتعزيز السلم الأهلي وإنهاء الانقسام، تعزيز مشاركة النساء والشباب والفئات المهمشة وإشراكهم في عملية صنع القرار وتعزيز الشفافية والمساءلة المجتمعية، تفعيل الاقتصاد المحلي من خلال تشجيع ودعم المشاريع الصغيرة، تعزيز دور المواطنين في المشاركة في الخطط التنموية وعملية صنع القرار، إعادة بناء الأجهزة الامنية بناء على أسس وطنية لا حزبية، إعادة توحيد وإصلاح القضاء ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة، و ضرورة التوعية والإرشاد وتعزيز الثقافة المجتمعية من قبل كافة جهات الاختصاص ليكون المواطن وسيلة ضغط من أجل المطالبة بالتغيير وفرض حالة جديدة على صاحب القرار بإلزامه بالتغيير.