اطلس:كتب فراس صالح: تشهد الطفولة في قطاع غزة واحدة من أشد حملات الإبادة الجماعية الممنهجة في العصر الحديث، حيث تستهدف حياة الأطفال ومستقبلهم وصحتهم النفسية والجسدية بشكل مباشر وقاسٍ.
حرب الإبادة الجماعية الممنهجة تستهدف كل مقومات الحياة، يدفع ثمنها الأبرياء وفي مقدمهم الأطفال، هؤلاء الصغار الذين يفترض أن يعيشوا طفولة آمنة ومليئة باللعب والتعليم، يجدون أنفسهم محاصرين بين نيران القصف وشبح الجوع، وانهيار الخدمات الأساسية، وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية.
إن ما يتعرضون له من قتل واستهداف ممنهج، وحصار خانق، واستخدام التجويع كسلاح، وتدمير شامل للبنية الصحية والتعليمية، يترك جروحاً لا تندمل، ويخلق جيلاً مثقلاً بالصدمات النفسية والجسدية.
منذ بداية الحرب، تحول القطاع إلى مقبرة للأطفال، وتكشف الأرقام والإحصائيات، حجم الكارثة التي يعيشونها فاقت كل التصورات وحجم الإجرام.
وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء، بلغ عدد الأطفال الشهداء في القطاع 11286 طفلاً، وتؤكد اليونيسيف أن أكثر من 50000 طفلاً قد قتلوا وأصيبوا بسبب الحرب، وأن هناك أكثر من 90 ألفاً معرضون للموت جوعاً وتعطيشاً لافتقداهم للحليب والغذاء والدواء، هذا العدد الهائل من الضحايا يوضح مدى وحشية العدوان، ويشير إلى أن الأطفال ليسوا مجرد ضحايا عرضيين، بل هم هدف مباشر وممنهج.
الحصار والجوع: سلاح حرب ضد المدنيين والسكان
يعد الحصار المفروض على قطاع غزة، والذي استمر لسنوات طويلة وتفاقم بشكل كارثي مع بدء حرب الإبادة الجماعية، تؤكد منظمة الصحة العالمية أن خطر المجاعة في غزة يتزايد بفعل تزايد الحصار، ومنع المساعدات من الدخول، واستخدام التجويع كسلاح حرب ضد المدنيين وخاصة الأطفال، فـ2,1 مليون نسمة في قطاع غزة يواجهون نقصاً حاداً في الغذاء، ونصف مليون في وضع كارثي من الجوع وسوء التغذية الحاد والمجاعة والمرض والموت، هذه الأرقام المروعة تعكس سياسة ممنهجة تهدف إلى إخضاع السكان عبر تجويعهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم في الحياة.
تعد وفيات الأطفال بسبب سوء التغذية دليلاً صارخاً على هذه السياسة منذ بدء الحصار في 2 آذار 2025، توفي 57 طفلاً بسبب سوء التغذية، وهذا العدد مرشح للزيادة بشكل كبير إذا ما استمر الوضع على ماهو عليه شهادات الهلال الأحمر الفلسطيني تؤكد حجم الكارثة، حيث تشير إلى أن أكثر من خمس سكان القطاع يعانون من مستوى كارثي من سوء التغذية، وأن 96% من سكان القطاع يعانون من غياب الأمن الغذائي، كما أن نفاذ الحليب يهدد حياة الأطفال الرضع.
إن المعاناة المستمرة للحصول على القليل من الطعام، في ظل استمرار الحصار والتجويع هي واقع يومي يعيشه أطفال غزة، حيث يبحثون عن أي مصدر للغذاء وللبقاء على قيد الحياة، يقفون في طوابير الموت والإذلال للحصول على القليل من المساعدات، طوابير المفاضلة بين الموت جوعاً او برصاص الاحتلال
إن الوضع في قطاع غزة يتجاوز كونه مجرد أزمة إنسانية عابرة، إنه تجسيد حي لمفهوم الإبادة الجماعية. أطفال القطاع الذين تحولت أحلامهم البريئة إلى كوابيس يومية، وساحات لعبهم إلى ركام، ومدارسهم إلى أطلال، وأجسادهم النحيلة التي تعاني من الجوع والمرض، شهادات حية على جريمة إنسانية ترتكب على مرأى ومسمع العالم أجمع.
إن ما يحدث في غزة يتجاوز كونه مجرد أزمة إنسانية، إنه جريمة ضد الإنسانية بكل المقاييس.
إن العالم اليوم يقف أمام إختبار حقيقي لضميره، فهل سيستمر في الصمت أمام هذه المأساة والواقع المرير، أم سيتحرك لوقف هذه الإبادة وإنقاذ ما تبقى من طفولة غزة؟!