اطلس:ما وُصف بالإعلان الدستوري في بلد بلا دستور، يبدو اجتهاداً للإجابة عن سؤالٍ مطروحٌ من الخارج، أكثر مما هو مطروحٌ من الداخل.
حكاية الفلسطينيين في جانب هامٍ منها، هي حكاية النظام السياسي الذي قام على ازدواجية إن أُحسن استخدامها فستؤدي إلى استقرارٍ سياسيٍ ووطني، وإن أُسيءَ، فسوف تزيد من تعقيد أزمة النظام والابتعاد عن الحلول.
ازدواجية النظام جسّدها قديمٌ هو نظام منظمة التحرير، الذي أدار مرحلة ما قبل السلطة الوطنية، حين كانت مؤسساته وقياداته تعمل من خارج الوطن، ثم أُلحق به نظام السلطة الوطنية الذي أسسته أوسلو، وقد وجد الفلسطينيون صلةً نظاميةً وقانونيةً بين الاثنين، خلاصتها أن السلطة المستجدة والمنتخبة، هي جزءٌ لا يتجزأ من منظمة التحرير، أي أن الجديد جزءٌ من القديم.
فشلت الازدواجية، بفعل غياب التوازن بين حالة منظمة التحرير التي كان السعي للتسوية قد أفلسها واكتفى منها بشرعية التمثيل، وازداد الفشل حين وُضعت كل الإمكانيات المادية بين يدي السلطة لتقلب المعادلة، وتصبح المنظمة التي هي الأصل مجرد جسم استهلاكي عند الفرع، ذلك أدّى بفعل سوء الأداء إلى اندماجٍ غير صحي بين النظامين، ارتبط مصير كليهما بالتطورات السياسية وتحديداً بمآلات التسوية.
أزمة النظام السياسي الفلسطيني تعقدّت حين ألغيَ المجلس التشريعي، وتهمشّت منظمة التحرير، واستقر الانقسام وتعمّق، وأُغلقت الأبواب بإحكام أمام التسوية التي بُنيت عليها ازدواجية النظام.
الآن… وصلت الحالة الفلسطينية إلى وضعٍ تبدو فيه بلا نظامٍ سياسي تدعمه وحدة وطنية، بل نظامان مختلفان، واحدٌ يدير غزة ويحارب بها وفيها، والآخر لا يدير الضفة ولا يحارب فيها وعنها، في غزة نظام أمر واقع يتعامل العالم معه بلا شرعية، وفي الضفة نظام شرعي قانوناً إلا أنه عاجزٌ عن أداء مهامه البديهية بفعل سطوة الاحتلال وتدخلاته وبفعل إنهاء دور مؤسساته.
حالة كهذه، لا تعالج بمرسوم وإعلان، ولا ترتيبات كما لو أن الأمر إقالة موظف وتعيين بديل عنه، ولأن أقصر مسافة بين نقطتين هي الخط المستقيم، فلا مناص من توفر نقطة بداية صحيحة، تجسّدها الانتخابات العامة، لتكون المصدر الأساسي لإعادة بناء النظام السياسي، وتأمين استقرارٍ للحالة الوطنية، سواءً ذهبت إلى مواجهة أزمات “اللاتسوية”، أو إلى أي خيارات أخرى.
الانتخابات وإن وردت فيما وُصف بالإعلان الدستوري، إلا أنها تبدو غير جديةٍ بحكم كثرة المخارج منها، والتي تسمى “حسب الظروف”.