هل الذكاء الاصطناعي “حرامي”؟بقلم عبد الرحمن الخطيب

اطلس:تخيّل أنك تستخدم هاتفك لتحديد مكان ذهابك أو تستعرض منتجا عبر الإنترنت، وفي غضون دقائق سوف تصلك إعلانات متتالية تناسب مع مكان ذهابك أو المنتجات التي استعرضتها بدقة، ودائما ما نتسائل كيف حدث ويحدث ذلك؟ هل الفيسبوك واليوتيوب مثلا يشاركوننا أفكارنا؟ هل سمعوا حديثي الصباحي مع أطفالي؟ كيف تعرف تلك الشبكة والتي تتحكم بها خوازميات الذكاء الإطناعي كل هذه التفاصيل؟ من هنا سألت نفسي صباح اليوم السؤال التالي: هل الذكاء الإصطناعي خوازميات وتطبيقات ذكية أم أنها تسرق بيناتنا الشخصية؟

كيف يجمع الذكاء الاصطناعي بياناتنا؟

في كل مرة نضغط على “موافق” على شروط الاستخدام الطويلة والمملة التي ترافق استخدامنا لأي من التطبيقات، فإننا تفتح الباب لجميع بياناتنا الموجودة على الهاتف فهواتفنا تعرف مكاننا، تطبيقاتنا تعرف عاداتنا الشخصية والمجتمعية، ومحركات البحث تحفظنا عن ظهر قلب، ربما يبدو هذا الأمر طبيعيا وجيدا في البداية، خاصة أن تلك التحسينات في الإجابات المرجوة توفر علينا الجهد والوقت، لكن في نقاشي مع أحدهم سألني أيضا: “وين بتروح هاي البيانات؟”

وجهتي نظر: سرقة أم استخدام قانوني؟

عندما وقّعنا على شروط الاستخدام السابقة الذكر دون أن نقرأ ما ورد فيها، هل كنا ندرك أننا قد منحنا ذلك التطبيق أو المنصة الإذن بالدخول إلى جهات اتصالنا وصورنا وأيضا حتى المايكروفون والكاميرا في هواتفنا؟ البعض يعتبر هذا استغفالا،  وحتى سرقة مقننة، حيث يتم جمع بياناتنا دون إدراك كامل منا، فالشركات الكبرى تستفيد من هذه البيانات في تحسين منتجاتها، لكنها أيضا قد تبيعها لطرف ثالث، وهنا تكمن الخطورة.

في المقابل، يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي ليس “حرامي”، بل هو أداة ذكية تعمل وفق القوانين وتحتاج إلى البيانات لتقديم خدمات مميزة. لكن، كمستخدمين، هل نحن حقا نثق بأن بياناتنا لن يساء استخدامها؟

لكن ماذا عن خصوصيتنا وخصوصية بياناتنا؟

ذكرت العديد من التقارير مؤخرا كيف أُستخدمت بيانات الناخبين مثلا للتأثير على أرائهم وأصواتهم في الانتخابات الأمريكة وغيرها مؤخرا، حيث بات مكشوفا لدوائر الحملات الإنتخابية ما هي اهتمامات وميول الناخبين، بات مكشوفا احتياجاتهم وتذمرهم! ومن هنا بات استهداف كل شريحة أو منطقة جغرافية مبني على توفره أجهرة وحسابات وتطبيقات السكان من بيانات.

من المسؤول؟

هل الذكاء الاصطناعي بخوارزمياته وتطبيقاته هو الجاني الفعلي وحده؟ باعتقادي الشخصي أجيب: لا، فالتكنولوجيا كما أشرنا مرارا ليست إلا أداة فهي لا تحمل  خيرا ولا شرا لأحد، هي إنعكاس لاستخدامنا لها، وهنا أقول أن المشكلة الحقيقية هي بالأشخاص مستخدمو ومطورو هذه الأدوات أو من يستغلها لأغراض قد تكون غير أخلاقية.

السؤال الأهم: كيف نحمي بياناتنا؟

كنا سابقا نختصر الإجابة ونقول اعزل بيناتك الشخصية عن اي اتصال بالانترنت، ربما بات ذلك صعبا وصعبا جدا الآن مع التطور التكنولوجي الهائل  الذي بات يلامس حتى أدق تفاصيل حياتنا، وعليه فإنني أقترح التالي للحفاظ على بيناتنا الشخصية على هواتفنا أو أجهزتنا أو مناصاتنا الرقمية:

1- اقرأ الشروط قبل الموافقة: قد تبدو مملة، لكنها تحتوي على تفاصيل مهمة.

2- استخدم التطبيقات الموثوقة فقط: تلك التي تلتزم بالشفافية في تعاملها مع بياناتك.

3- السعي إلى استصدار قوانين محلية أو دعم القوانين الدولية: مثل “القانون الأوروبي لحماية البيانات” الذي يعزز حقوق المستخدمين.

أخيرا:

هل الذكاء الاصطناعي “حرامي”؟ الجواب ليس سهلا، الذكاء الاصطناعي أداة يمكن أن تكون مفيدة جدا، لكنها قد تتحول إلى خطر إذا استُخدمت دون رقابة أو أخلاقيات، فالمسؤولية تقع على الشركات، الحكومات، والأهم علينا نحن كمستخدمين، علينا أن نكون أكثر وعيا بما نقدمه طوعا من بيانات، لأن خصوصيتنا هي جزء منا ومن حريتنا

عن Atlas

شاهد أيضاً

مروان طوباسي يكتب : ارث الواقع العربي بين الأنظمة الأستبدادية وتمدد المشاريع الخارجية.. الحاجة إلى تيار وطني تقدمي ديمقراطي جامع

اطلس:ما تعيشه سوريا اليوم كنموذج عربي هو انعكاس لتعقيدات داخلية مجتمعية وإقليمية ودولية، فمن جهة، …