يتابع جيش الاحتلال الإسرائيلي توغّله في المنطقة العازلة جنوب سوريا، مع الدفع بتعزيزات جديدة، وإقامة مراكز عسكرية في عدد من المناطق، فضلاً عن إطلاق عمليات تهجير ممنهجة بعد إبلاغ سكان عدد من القرى بمغادرة قراهم. يأتي هذا وسط حالة استنكار عربية ودولية خجولة، وتجاهل تام في أروقة «حكومة تصريف الأعمال» المؤقتة التي شكّلها قائد «غرفة العمليات العسكرية»، أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني).
وفي ظل حالة الفوضى التي تعيشها سوريا، ومع انشغال وسائل الإعلام المحتشدة في دمشق بتغطية الأوضاع في المدن الرئيسيّة بعد سقوط النظام السوري، يعيش الجنوب السوري وضعاً ضبابياً، أصبحت خلاله وسائل الإعلام العبرية المصدر الأبرز لمتابعة تطورات التوغل الإسرائيلي، في وقت بدأت تعلو فيه أصوات سكان تلك المناطق بشكل تدريجي، للإبلاغ عمّا يحدث في قراهم ومدنهم الواقعة في المنطقة العازلة وفق «اتفاقية فضّ الاشتباك» الموقّعة بين سوريا والاحتلال عام 1974، والتي أعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سقوطها.
في هذا السياق، تكشف مصادر أهلية أن القوات البرية الإسرائيلية تقدمت في عمق الأراضي السورية، وتمركزت في مدينة البعث وعدد من القرى في القنيطرة. كما قامت بالدفع بمزيد من التعزيزات وإقامة حواجز ودوريات في إطار عمليات تضييق مستمر على السكان، بحجة «التأكد من خلوّ المنطقة من أية تهديدات»، حسبما نقل عدد من الوجهاء عن قائد الجبهة الشمالية لدى جيش الاحتلال، أوري غوردين، الذي دعاهم إلى عقد اجتماع، حاول خلاله تبرير تقدم قوات العدو والسيطرة على تلك المناطق.
وأمام حالة التضييق الإسرائيلي، وفرض حظر للتجول، وعمليات التفتيش المستمرة في بعض المنازل، وتدمير عدد من المنازل بحجة أنها تعود إلى قياديين في المقاومة، وفق شهادات أهلية، بدأ سكان عدد من القرى إطلاق مناشدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصاً بعد إبلاغهم بضرورة إخلاء منازلهم، في مخالفة لتصريحات غوردين وتطميناته.
ونشرت صفحة «أخبار القنيطرة» تسجيلاً مصوّراً لعدد من وجهاء بلدة الحرية في ريف القنيطرة، يناشدون خلاله المسؤولين في بلدهم وكل القوى الدولية الفاعلة وقف عمليات التهجير التي تحاول إسرائيل تنفيذها. وبحسب التسجيل، فقد وجّهت سلطات الاحتلال إنذاراً إلى السكان عن طريق الوجهاء، وعبر مكبرات المسجد، بمغادرة قراهم خلال بضع ساعات، في وقت أكد فيه الأهالي رفضهم المغادرة، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام مواجهات بين قوات الاحتلال المدججة بالسلاح، والأهالي العزّل، بعيداً عن عدسات التلفزيون والصحافة.
وتزامن التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية، والسيطرة على مناطق استراتيجية بينها قمة جبل الشيخ، مع عدوان جوي هو الأعنف على البلاد، طاول المطارات العسكرية، وألوية وبطاريات الدفاع الجوي، ومخازن للأسلحة، والأسطول البحري، ومراكز البحوث العلمية، إلى جانب عمليات برية خاطفة استهدفت تدمير مخازن للصواريخ في بعض المناطق في ريف دمشق، وفق مصادر أهلية. وفي مقابل العدوان الإسرائيلي غير المسبوق على سوريا، عبر احتلال الأراضي، والقضاء على ما تبقى من القدرات العسكرية، خرجت بعض التصريحات العربية والإقليمية والدولية الخجولة، التي تدين هذا السلوك، ومن بينها تصريحات تركية ومصرية وعمانية وروسيّة، دارت جميعها حول إدانة الخرق الإسرائيلي للاتفاقيات والقرارات الدولية، من دون أن تترافق مع أي إجراءات حقيقية رادعة على الأرض.