للسنة الثانية على التوالي تمرّ أيام الحملة العالمية “ستة عشر يومًا لمناهضة العنف ضد النساء”، والتي تتبنّاها هيئة الأمم المتحدة ببرامجها وصناديقها المختلفة، ولا تنجح بمناهضة العنف الذي يتجلّى على أشُدّه ضدّ النساء في قطاع غزة نتيجة العدوان الصهيوني النازي، الذي اختطف أرواح ما يزيد عن اثني عشر ألفًا من النساء، وترك ندوبًا وجراحًا في أجساد ما يُقارب عشرين ألفًا لن تشفى بسهولة، بل على الأرجح ستُخلّف إعاقاتٍ لمدى الحياة لنسبةٍ كبيرة من هاتي الجريحات.
أمّا العنف الواقع ضد النساء والفتيات الأسيرات في سجون الاحتلال فمن الصعب وصفه،: كيف احتُجزن، وكيف جرى تعذيبهنّ والتحرّش بهن سواء أثناء التحقيق من عناصر المخابرات، أو من قبل الشرطيات داخل السجون.
وكذلك العنف النفسي الذي تعاني منه الأمهات الثكالى والنساء الأرامل اللواتي قتل الجيش أبناءهن وأزواجهن ببشاعة، ودمّر بيوتهن ودمّر معها ذكرياتهنّ وأحلامهنّ وأمنياتهنّ بحياة كريمة.
جرائم الإبادة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي تحدث أمام سمع وبصر العالم الذي ليس بغافلٍ عن هذه الجرائم، ولكنّه يتغافل. وما تزال الأنظمة ترى بعينٍ واحدة، أو ربما ترى جيدًا ولكنها تتذرّع بحججٍ واهيةٍ إمّا لعدم قدرة البعض على مجابهة المعسكر الصهيوأمريكي، أو لأنّها ببساطة لا تريد، حرصًا على مصالحها.
للأسف أيضًا، فإنّ بعض بعض مؤسسات المجتمع الدولي المتعاطفة مع قضية شعبنا لا تملك أن تفعل سوى إطلاق تصريحات الشجب والمطالبة بصوتٍ خفيضٍ من أجل وقف بعض العنف، أو بيانات تطالب بإدخال المساعدات الإنسانية من أجل التغطية على مواقفهم الهزيلة.
وبالرغم من أنه ليس من السهل لأيّ إنسان احتمال كُلّ تلك الهمجية والعنف من الكيان المُحتلّ، إلّا أنّ النساء في قطاع غزة، وخاصّةً أولئك القابعات في الخيام ومراكز الإيواء يتعرّضن فوق هذا للعنف المجتمعي والأسري. ويبقى السبب الرئيسي وراء تفاقم هذا النوع من العنف هو العدوان الصهيوني البغيض، حيث زادت الضغوطات النفسية نتيجة الفقر الذي لحق بكلّ العائلات لفقدان الرجال والنساء لوظائفهم ولوظائفهن ومشاريعهن الصغيرة الخاصة، وأيضًا بسبب الحصار المضروب على القطاع قصدًا وحرب التجويع المستمرة منذ عام وأكثر. كُلّ تلك الضغوطات خلقت المزيد من المشكلات العائلية اليومية، مما فاقم العنف الأسري الذي عادةً تكون ضحيته النساء، حيث يدفعن الضريبة مضاعفة، فمن جهة يواجهن عنف الحياة البدائية التي أجبرن على تحملها قسرًا بسبب النزوح، والانقلاب الكبير في حياتهن الذي لم يكن في خيالهن حدوثه، فمنهنّ من تطلّقن، ومنهن من هُجِرن، وأخريات فُصِلن عن أطفالهن، بالإضافة للعنف الجسدي وكافة أشكال العنف الأخرى.
للأسف، دائرة العنف تتّسع، والإحساس بالقهر والحرمان يتصاعد، ولا تستطيع النساء والفتيات كسر دائرة العنف طالما العدوان النازي قائم، لذا صوتُ الفلسطينيات يعلو: أوقفوا العدوان وكفى عنفًا.
“زينب الغنيمي، من مدينة غزة تحت القصف والحصار”