منظمة التحرير … غائبة ام مغيبة

اطلس:كتب اسماعيل جمعه الريماوي: صحيح أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ورغم هذه الشرعية، تعرضت لانتقادات شديدة والى احتكار من حركة “فتح” لقراراتها وعدم تمثيلها الكامل لجميع الفصائل الفلسطينية، سواء وطنية ام اسلامية منها.

وعلى مر العقود، تم إطلاق عدة مبادرات تهدف إلى إصلاح المنظمة، لكنها غالبًا ما فشلت بسبب العقبات السياسية الداخلية والخارجية.
وبعد توقيع اتفاقية “أوسلو”، في 13 سبتمبر/ أيلول 1993، وهو أول اتفاق رسمي بين “إسرائيل” ومنظمة التحرير، تعمق تفرد حركة “فتح” في اتخاذ القرار الفلسطيني الرسمي، مما أضعف المعارضة بشكل عام. وظلّت حركتا “حماس والجهاد الإسلامي” خارج إطار المنظمة، رغم أن لهما تأثيرًا جماهيريًا كبيرًا، لا سيما بعد الانتفاضة الأولى (1987) ، وفي وقت لاحق، بدأت السلطة الفلسطينية تأخذ مكان منظمة التحرير، رغم أنها مرجعية السلطة والمسؤولة عنها.

وقد حاولت بعض الفصائل، على رأسها حركة “فتح”، وفي ظل عملية الإضعاف التي تعرضت لها منظمة التحرير، الترويج إلى أن اتفاقات “أوسلو” ستؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية، هذا التصور كان مرفوضًا من العديد من الفصائل الوطنية و الإسلامية والتي اعتبرت ان الاتفاقات تتناقض مع ثوابت الشعب الفلسطيني وتضيّع حقوقه ، وعلى الرغم من ذلك، استمر التفرد باتخاذ القرارات حتى وصلت المفاوضات الفلسطينية إلى نقطة “اللا شيء”، مع تدهور المشروع الوطني الفلسطيني.

وفي ضوء التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني، كانت هناك دعوات مستمرة لإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية ، هذه الدعوات لم تكن مقتصرة على الفصائل الفلسطينية فقط، بل شملت المجتمع الفلسطيني في الشتات.

هذه المطالب كانت تهدف إلى إعادة تفعيل المنظمة، بمراعاة التطورات السياسية والاجتماعية التي طرأت على المجتمع الفلسطيني، فضلاً عن الأحداث السياسية في العالم العربي والإسلامي.
و لاحقا عقدت اتفاقات كثيره كان هدفها إعادة هيكلة منظمة التحرير و إشراك حماس و الجهاد فيها و لكنها لم تنفذ ومنها اتفاق القاهرة عام 2005 واتفاق مكة عام 2007 .

ولكن بعد حدوث الانقسام الفلسطيني تفردت حركة فتح و السلطة الفلسطينية بمنظمة التحرير وعطلت مؤسساتها و منها المجلس الوطني و المجلس التشريعي و استفردت باللجنة التنفيذية واللجنة المركزية و اصبح القرار بيد حزب واحد .
ومن ثم حاول الأشقاء المصريين والعرب عقد اتفاقات للمصالحة و تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الفصائل الفلسطينية ككل من عام 2011 في القاهرة إلى اتفاق بيروت عام 2017 إلى اتفاق الامناء العامين عام 2020 إلى اتفاق بكين عام 2024 .

وفي وقت يشهد فيه الشعب الفلسطيني فظائع إنسانية ترتكبها دولة الاحتلال، بما في ذلك عمليات إبادة جماعية في قطاع غزة وإعادة الاحتلال المباشر لمدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية.
وفيها عمل الاحتلال على إضعاف السلطة الفلسطينية التي لازالت تراهن على خيار التسوية و التنسيق الأمني مع الاحتلال و العمل على اختصار عمل السلطة الفلسطينية الى وكيل أمني يعمل لصالح الاحتلال والعمل على استمرار شل منظمة التحرير و تعطيل مؤسساتها .
العقبات أمام إصلاح منظمة التحرير
تواجه عملية إصلاح منظمة التحرير عدة عقبات رئيسية، أبرزها:
احتكار حركة “فتح” للمنظمة: حيث تُحجم قيادة فتح عن تقديم تنازلات قد تؤثر على سيطرتها على القرار الفلسطيني.
غياب الإرادة السياسية: إذ تُستخدم المطالبات بالإصلاح كأداة تفاوضية دون تنفيذ فعلي، مما يعطل تحقيق التغيير المنشود.
استمرار الانقسام الفلسطيني: حيث يُعقد الانقسام السياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة أي جهود إصلاحية حقيقية.
الضغوط الخارجية: بعض الدول تفضل بقاء الوضع الراهن لضمان استقرار المشهد السياسي الفلسطيني بما يتناسب مع مصالحها الإقليمية والدولية.
عدم تنفيذ الاتفاقيات السابقة: إذ بقيت العديد من الاتفاقات الموقعة “حبرًا على ورق”، وبقيت الأزمة السياسية والهيكلية في منظمة التحرير تراوح نفسها، مع تدهور المشروع الوطني.
رغم الجهود المستمرة لإصلاح منظمة التحرير، فإن الواقع السياسي والظروف الداخلية والخارجية ما زالت تشكل عقبات كبيرة أمام تحقيق الإصلاحات، ويتطلب إصلاح مؤسسات المنظمة تغييرات شاملة، أبرزها إعادة توحيد عملها بين الداخل والشتات، بعد أن تم تهميش دور الشتات إثر انتقال القيادة الفلسطينية من الخارج إلى الداخل.
حيث يجب أن يشمل إصلاح المنظمة العمل مع جميع الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك إشراك حركتي “حماس والجهاد الإسلامي” داخل المنظمة، وتخفيف عدد أعضاء المجلس الوطني الذي زاد بشكل مفرط ،ومن المهم أيضًا اعتماد مبدأ الانتخابات حيثما أمكن، وتوحيد الاستراتيجية الوطنية بين جميع الفصائل على برنامج سياسي واجتماعي واضح.
ولتحقيق الإصلاح، يجب تحديد آليات واقعية تضمن تنفيذ التغييرات المطلوبة ،وقد تم التوافق على بعض هذه الآليات في اتفاقيات مثل القاهرة 2005، والدوحة، وغزة، ومكة المكرمة، بالإضافة إلى وثيقة الأسرى ، وفي ظل الظروف الراهنة، أصبح إصلاح النظام السياسي الفلسطيني ضرورة عاجلة.
أن إصلاح منظمة التحرير سيسهم في إنهاء الانقسام الفلسطيني واستعادة الوحدة السياسية والجغرافية، الذي أصبحت ضرورة ملحة لتوحيد القرار الفلسطيني في ظل استغلال الاحتلال لذلك لضرب الوجود الفلسطيني على أرضه والاستفراد بالشعب الفلسطيني بحرب الإبادة الجماعية و التهجير ، أن عودة منظمة التحرير كجسم سياسي جامع للشعب الفلسطيني يمكنها من استعادة دورها النضالي ، و يعمل على جمع القوى والفصائل لتحقيق هذا الهدف، و يؤدي إلى إعادة الاعتبار لشعبنا في الوطن و الشتات، مما يعزز النضال الفلسطيني نحو العودة، وتقرير المصير.

عن Atlas

شاهد أيضاً

م. شوكت الراميني يكتب : المؤتمر الوطني الفلسطيني بين نظرية التآمر والمطلب الوطني الشعبي

في ظل المحاولات المستمرة لاقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه وتشريده، عبر حروب الإبادة والتطهير العرقي …