ترامب التهم زيلنسكي مباشرة وعلى الهواء. والمشاهد الصادمة من اللقاء الذي جمعهما في البيت الأبيض، قالت بأن هذا الرئيس المتوحش يعبر عن وحشية الرأسمالية و”تغولها”، التي همها الأول والأخير مصلحتها،وهي تنظر للبشر على انهم مجرد سلع،حيث كان هذا المتوحش ينشب مخالبه القوية في جسم فريسته الصغيرة بلا رحمة،وكذلك كان يعاونه في عملية الإنقضاض تلك نائبه جيمس دي فانس، حيث تلاحقت الضربات على رأس زيلينسكي تقريعاً وتعنيفاً وإهانات، أمام الكاميرات، سمع خلالها زيلينسكي كلمات مثل أنت غير محترم ولم تحترم أميركا ولم تشكرها، وشعبك يباد وأنت غير جاهز لصنع السلام. وانتهى اللقاء بطرد زيلينسكي من البيت الأبيض كما قال المسؤولون الأميركيون بينما قال الأوكرانيون إن رئيسهم غادر بملء إرادته احتجاجاً على سوء المعاملة خارج البروتوكول والأصول الدبلوماسية للتعامل بين رؤساء الدول.
أمريكا عندما كان له مصلحة في اشعال هذه الحرب،وجعلت من اوكرانيا ساحة لها،دعمت هذا الرئيس وساندته،وقدمت له المال والسلاح والمعلومات الإستخبارية وشبكات الإتصال،خدمة لمصالحها واقتصادها ولجشعها ولطمعها،وليس مهماً ان كانت تدمر مدن اوكرانيا ويقتل شعبها ويتفكك جيشها،وينهار اقتصادها،فالرأسمال لا يعرف الرحمة ولا يقيم وزناً ولا قيمة لحياة البشر،المهم مصلحة امريكا فوق اوكرانيا وشعبها وجيشها،وعندما اصبحت المصلحة وقف هذه الحرب،فعلى زيلنسكي ان لا يجادل او يعترض،او يعبر عن وجهة نظرة،بل عليه ان يتصرف “كالولد المطيع” ،كحال زعماء النظام الرسمي العربي، مطلوب منه أن ينفذ ويلتزم، ويدفع كل الأموال التي تلقها من امريكا من أجل اشعال هذه الحرب،وان يكون الدفع من خلال معادن بلاده الثمينة والنادرة،بحيث تستولي عليها امريكا.
هذه المشاهد الصادمة في العلاقات الدولية من قبل الرئيس الأمريكي ونائبه في اذلال الرئيس الأوكراني ومن ثم طرده،تؤكد بان امريكا مصلحتها اولا وعاشراً ولا حلفاء لها،وهذا يجب ان يكون انموذجاً وعبرة لقادة الدول العربية،الذي يعتمدون في حمايتهم وبقاء عروشهم على امريكا،بدل شعوبهم، فمسألة التهامهم،هي مسألة وقت،ولعلنا نتذكر،كيف ابتز ترامب في ولايته الأولى دول الخليج العربية مالياً،حيث دفعت له مئات المليارات من الدولارات،وهو سيطبق هذا الإبتزار في ولايته هذه على نحو اشد واشرس،والدول العربية التي تقدم لها أمريكا مساعدات مالية وعسكرية،مثل مصر والأردن، كان ترامب يقول، بأنه ستقبل خطته المتعلقة بطرد وتهجير سكان قطاع غزة،وأكد أكثر من مرة بانهم سيقبلون ..سيقبلون ..سيقبلون،وعندما رفضوا ذلك قال ،انا استغرب أنهم يرفضون ونحن نقدم لهم المساعدات المالية والعسكرية.
هذا رجل بلطجي ورجل شوارع، لا يشكل خطر على دول العالم،بل على الولايات المتحدة نفسها،ولعل عملية إذلاله لزيلنسكي،هذا الزيلنسكي المعادي لحقوق شعبنا الفلسطيني،والداعم الأساسي لدولة الإحتلال،فعدا عن ان اوكرانيا مرتع لل”موساد الإسرائيلي”،فهي من أكثر الدول التي تمد اسرائيل بالعنصر البشري من المهاجرين اليهود الأوكران
عملية ” الردح” المباشرة على وسائل الإعلام،والتي رغم أن زيلنسكي،داعم اساسي لدولة الإحتلال،ولكن وقوفه في وجه هذا البلطجي، يؤكد بأن هذا البلطجي،ليس قدر العالم،فهو يتراجع عندما يشعر بأن هناك من يتمرد على قراراته،ولنا عبرة في المكسيك وحتى كندا والدنمارك وبنما،التي رفضت قراراته ،التي تمس بسيادتها واقتصادها والسيطرة على اراضيها وثرواتها.
هذه البلطجة والغطرسة التي تحكم سلوك قادة امريكا ودول الغرب الإستعماري،وخاصة الرؤوساء الجمهوريين،من امثال جورج بوش الإبن،وهذا البلطجي ترامب،تقول بشكل واضح لا يقبل التأويل لقادة دول النظام الرسمي العربي، بأن الإصابة بحالة من الذعر والخوف والإرتباك من مثل هؤلاء القادة البلطجية،والخنوع والخضوع لهم،والجلوس أمامهم مثل “الأطفال الشطار”،ليس شكل من اشكال الدبلوماسية وضبط النفس،بل ستقود الى المزيد من الخنوع والتنازلات.
امريكا ودول الغرب الإستعماري ومؤسساته الدولية ،صندوق النقد الدولي والبنك الدولي،ليسوا بجمعيات خيرية،بل يقدمون المال والمساعدات،التي سيدفعها المتلقي من أمنه وكرامته،ومطلوب منه التنازل والصمت على كل ما ترتكبه أمريكا من جرائم ،وكذلك شريكتها اسرائيل، مطلوب ان تصمت على احتلال جنوب سوريا وجنوب لبنان،واقامة مناطق عازلة في القطاع،محور فلادلفيا،مطلوب منها ان تتبنى الخطة الأمريكية لطرد وتهجير أكثر من مليون فلسطيني في القطاع،وعشرات الألآف في الضفة الغربية.
العرب الذين سيعقدون قمتهم قريباً في القاهرة،والذين القى ترامب عملية اعادة اعمار القطاع في حجورهم،وان عليهم تحمل تبعيات الإحتلال،وان يطرحوا خطة بديلة لخطته،بطرد وتهجير سكان قطاع غزة،التي يتحمس لها قادة دولة الإحتلال،ويصفونها بالخلاقة والمبدعة،في تلاقي مصلحة البلدين وتطابقها،والعرب في قمتهم، إما ان يقبلوا بان يكونوا عبيد اذلاء عند نتنياهو،ويوافقوا على ما يريده ترامب،حتى لا يغضب عليهم ولا يلتهمهم كما التهم زيلنسكي،او يعلنوا تمردهم على ترامب،ويختاروا مصالح بلدانهم وقضيتهم وامنهم القومي،وقبل القرار عليهم ان يشاهدوا فيلم التهام ترامب لزيلنسكي أكثر من مرة،ليعرفوا جيداً بأن ثمن الإستسلام ،اعلى بكثير من ثمن المقاومة،وترامب ليس قدراً ، فهناك عربياً من لم يرتجف،او يجبن وتمرد على أمريكا وترامب ومن قبله بايدن ، إنها يمن العرب والعروبة،يمن العزة والكرامة،هو الذي اذل ترامب ومدمراته وحاملات طائراته في البحر الأحمر، إمتلكوا إرادتكم وقراركم السياسي لمرة واحدة،وكانوا على مستوى التحديات والمخاطر المحدقة بامتكم وشعوبكم،ستنتصرون وستحجزون لكم مكانة لائقة بين الأمم،وستعيدون جزء من كرامة امتكم التي اهدرتموها، في سبيل ارضاء الأجنبي،وحماية المصالح الخاصة،كونوا عرب أقحاح وتمردوا على ترامب ووحشيته.
أمريكا انهزمت في حرب أوكرانيا، ولهذا لجأ ترامب الذي يُفكّر بجيبه وليس بعقله، إلى المُصالحة مُكرَهًا ومُستَسلِمًا مع روسيا تقليصًا للخسائر، والفضْلُ في ذلك يعود لتهوّر زيلينسكي، وقُبوله لدور “الدّمية” في أيدي أمريكا والدّول الأوروبيّة الأُخرى.