كتب حمزة البشتاوي : في خضم حرب الإبادة على قطاع غزة، تمر ذكرى ميلاد الشاعر سميح القاسم باعتبارها مناسبة لإعادة التذكير بعدد من قصائده الحاضرة في وجدان الثوار والفقراء والمضطهدين، وكذلك للتأكيد على دوره الكبير والمخلص للقضايا المبدئية وإبداعه في مجال الأدب والثقافة وشجاعة الإنتماء للأرض والإنسان.
وهو الذي ارتبط أسمه بشعر الثورة والمقاومة باعتباره أحد أهم وأشهر الشعراء العرب المعاصرين ومن أبرز أعلام الثقافة والأدب في الداخل الفلسطيني خاصة بما قدمه من قصائد تليق بفلسطين وكفاح شعبها نحو الحرية والإستقلال والخلاص من الإحتلال.
وفي ذكرى ميلاده التي تصادف في 11 أيار من كل عام، تعود سيرته ومسيرته لتضيئ طريق الحب والنور والقمح المفقود في ظل حرب الإبادة والتدمير على قطاع غزة الذي تحضر فيه قصيدة تقدموا تقدموا، كما حضرت أثناء حرب العام 2014 حيث كان سميح القاسم يكابد أوجاع السرطان الذي أخذ يفتك بجسده، وها هو يعود الآن ليقول بمواجهة الحرب: وأنا أعلن أني/ ما دفعت الثمن الكافي لقبر في الوطن/ ليس حبي ضعف الإيمان/ لكني أغني/ نحنا ما زلنا … وما زال الزمن.
وفي ذكرى ميلاد سميح القاسم نتذكر محمود درويش والعكس صحيح أيضاً حيث كان محمود درويش قد قال لسميح القاسم في ذكرى ميلاده الستين: بقيت أكثر فتوة، فتى في الستين، ولكن قل لي متى غافلت نفسك وغافلتنا وبلغت الستين؟ وهل يكبر الشعراء الذين لا مهنة لهم إلا تجديد شباب اللغة وفتوة الأمل وصيانة الروح من الصدأ والملل؟
واليوم وسط الصمت والحياد والخذلان نتذكر سميح القاسم وهو الشاعر الأكثر تجديداً واستخداماً للأغاني الشعبية والأساطير بهدف ترسيخ الهوية ورفع صوت وصورة الوجع الفلسطيني وهو الذي أهتم شعره بالصحراء بعد أن أهتم شعر صديقه محمود درويش بالبحر وخصه بقصائد عديدة، وقد كتب سميح القاسم قصيدة (خذلتني الصحارى) التي يقول فيها:
آه أدركت أن خذلتني الصحارى
أدركتُ أنْ خذلتني الصَّحارى
فلأكُن فيَّ ليلٌ.. وكوني نهارا
خذلتْنا الصحارى
قتلَتْكِ الصحارى
قتلتْنا الصحارى
قتلتْني الصحارى
ويقول أيضاً:
خذلتني الصحارى
ولوعة الأيتام في عرس الفجيعة
إزدحام الأشلاء
زغاريد النساء
غناء القبور
ودمعة فلسطين ضاعت بين الشوارع الكثيرة.
وتبقى التحية الأجمل لسميح القاسم في ذكرى ميلاده هي ذكر أسمائه وصفاته كما جاء على لسان الشعراء والنقاد، والذين وصفوه بـ هوميروس من الصحراء وقيثارة فلسطين ومتنبي فلسطين و شاعر العرب الأكبر والشاعر القديس وسيد الأبجدية ومغني الربابة وشاعر الشمس والغضب الثوري، وشاعر الملاحم والمواقف الدرامية الذي سيبقى حاضراً في مسيرة الدفاع عن الحق والعدل والأرض رغم الصمت والخذلان.