اطلس:العقبات في طريق تعيين دافيد زيني رئيسًا لجهاز الشاباك تتزايد، إذ إن رئيس الحكومة الإسرائيلية في حالة تضارب مصالح، وآلية الاختيار تم وصفها بأنها معيبة، واللجنة المخولة بالمصادقة على التعيين مشلولة. ومع ذلك، في محيط نتنياهو “لا يرون ما قد يوقف التعيين”. القرار قد ينتهي في ما تسمى المحكمة العليا، فيما تتخذ بهرب-ميارا إجراءات لمنع تأثير غير سليم على رأس أكثر جهاز حساس في الدولة.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة يديعوت احرنوت العبرية، من الناحية القانونية، لا تزال الطريق نحو تعيين قائد القيادة الوسطى الجنرال دافيد زيني رئيسًا لجهاز الشاباك طويلة ومعقدة، حتى بعد أن أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أنه المرشح المفضل وأكد أنه سيطرح تعيينه للمصادقة عليه في الحكومة.
في بداية الأسبوع، من المتوقع أن تعرض المستشارة القانونية للحكومة الإسرائيلية غالي بهرب-ميارا تعليماتها بشأن الكيفية التي يجب أن تتبعها الحكومة لاستكمال عملية تعيين سليمة. أوضح مصدر قانوني رفيع أمس أن المسألة تتعلق بتعقيد قانوني متعدد الطبقات، يتمركز حول قرار نتنياهو تعيين زيني، رغم أن المحكمة العليا والمستشارة القانونية تؤكدان أنه في حالة تضارب مصالح جوهري ولا يحق له قيادة عملية التعيين.
ووفقا للتقرير، رغم ذلك، رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي لم يرغب في انتظار ترتيب تضارب المصالح الذي ستقدمه له المستشارة القانونية، اختار إعداد ترتيب خاص به: ففي بيان صادر عن مكتبه جاء أن زيني لن يشارك في تحقيق “قطر-غيت”، وهي القضية التي يُحقق فيها مع ثلاثة من أقرب مستشاري نتنياهو، وهم يوناتان أورِيخ، إسرائيل (شروليك) أينهورن، وإيلي فلادشتاين. وتُعتبر هذه القضية، وفقًا للمحكمة العليا، في صميم تضارب المصالح، وكانت منذ البداية أحد الأسباب لفرض القيود.
أشار مقربون من نتنياهو مساء اليوم لموقع “يديعوت احرنوت” إلى أن رئيس الحكومة “مصمم جدًا على تمرير تعيين زيني. لا ينظر إلى الوراء، ويمضي بكل قوة. لا يرون ما قد يوقف التعيين”. ويُقدر مسؤولون سياسيون أن نتنياهو يسعى أيضًا لتصعيد المواجهة مع الجهاز القضائي كجزء من التحضير لاستجوابه المتوقع بعد أسبوعين.
في صميم تضارب المصالح تقف قضيتان لا تزالان قيد التحقيق: قضية التسريبات لصحيفة “بيلد” الألمانية، وقضية “قطر-غيت”. ورغم أن رئيس الحكومة لا يُعتبر مشتبهًا في هاتين القضيتين، إلا أن رئيس المحكمة العليا، القاضي يتسحاق عميت، كتب: “لا حاجة للذهاب بعيدًا لفهم أن لنتنياهو مصلحة شخصية في نتائج الإجراءات. بين رئيس الحكومة وبعض مستشاريه المشتبه بهم في القضايا، توجد علاقة وثيقة تثير قلقًا حقيقيًا بشأن تضارب المصالح”. كما حذر عميت من أن “تجاهل تحذيرات الجهات القضائية المختصة يزيد من احتمال وقوع تضارب المصالح بالفعل”.
بعيدًا عن مسألة تضارب المصالح، فإن عملية التعيين ذاتها تُعتبر غير سليمة في نظر جهات قانونية. وقال أحدهم إن زيني التقى نتنياهو لقاءً قصيرًا داخل سيارته، حيث تم الاتفاق على ترشيحه، من دون أي تنسيق مع رئيس الأركان حينها هرتسي هليفي، قائده المباشر. إضافة إلى ذلك، فإن مؤهلات زيني وخبرته في المجال الاستخباراتي وضعت موضع تساؤل، ولم يُقدَّم أي تبرير علني لاختياره.
في ظل التساؤلات حول ملاءمة زيني لرئاسة جهاز الشاباك، تحدث والده يوسف مؤخرًا عن مسار حياة ابنه المبكر، مشيرًا إلى أنه لم يُقبل كطفل في مؤسسات يهودية رفيعة المستوى رغم توصيات حارة من حاخاميه. وذكر الوالد، وهو حاخام حيّ في أشدود، أن زيني قُبل في النهاية في “الصف العمّالي – المخصص للطلاب الذين يواجهون صعوبات في قراءة حروف راشي – في مدرسة حيسفين”. وأضاف الأب في الأيام الأخيرة: “الإطار الذي رفضه هو الخاسر، وبشكل كبير”.
في المنظومة القضائية، يشددون على أن بهرب-ميارا ليست مخولة بمنع التعيين، لكنها قد تُقرر ما إذا كان يمكن البدء بالإجراء من جديد، من خلال عمل مهني وشفاف يوضح لماذا تم اختيار زيني بالتحديد، وعلى أي أسس استند القرار. في الوقت نفسه، تُجري المستشارة القانونية، ونائبها جيل ليمون، وفريق مساعديها سلسلة من المشاورات لمحاولة حل التعقيد القانوني الناجم عن التعيين.
من بين الخيارات قيد الدراسة، من المتوقع أن توصي بهرب-ميارا بفرض قيود واضحة – على غرار “جدار صيني” – بين نتنياهو ورئيس الشاباك المُرتقب، في حال تسلم مهامه، على خلفية التحقيقات الجارية والخوف من تأثير غير مشروع على رأس أكثر جهاز حساس في الدولة.
تفويض الصلاحيات أم “إسرائيلوف”؟
في حكومات سابقة، عندما كان هناك تضارب مصالح من طرف رئيس الحكومة أو الوزير المعيّن، كان من المعتاد تفويض صلاحية التعيين إلى وزير آخر. لكن في الحالة الحالية، ونظرًا للسيطرة التامة لنتنياهو على وزراء حكومته، ترى جهات قانونية أن تفويضًا كهذا لا قيمة له، أو كما وصفوه: “إسرائيلوف”.
وتطرق الرئيس يتسحاق عميت إلى ذلك في قراره الذي تناول قرار الحكومة إنهاء ولاية رئيس الشاباك رونين بار، وكتب: “في ظروف الحالة، قد يُفهم أن وزراء الحكومة عملوا كأداة بيد رئيس الحكومة خلال النقاش والتصويت. رئيس الحكومة كان المحرك الأساسي وراء القرار، هو من بادر لإدراج مسألة إنهاء ولاية رئيس الشاباك على جدول أعمال الحكومة، وعلى موقفه وقراره استند الوزراء أيضًا في موقفهم من المسألة”.
اللجنة التي لا يمكنها الانعقاد
وسط هذا التعقيد تدخل أيضًا مسألة لجنة غرونيس – اللجنة الاستشارية للتعيينات الرفيعة – التي من المفترض أن تصادق على نزاهة المرشحين لسبعة مناصب حساسة، من بينها رئيس الشاباك، ورئيس الأركان، ومحافظ بنك إسرائيل، والمفتش العام للشرطة. في المنظومة القانونية، يُقدّر أن اللجنة هذه المرة لن تكتفي بفحص النزاهة فقط، بل ستُطلب منها فحص الكفاءة، والملاءمة، والحياد السياسي للمرشح.
أوضح مصدر قانوني قبل نشر تعيين زيني أن “لجنة غرونيس، التي عادةً ما تكتفي بفحص قانونية التعيين وخلو المرشح من الشبهات، ستضطر هذه المرة لأداء عمل أكثر عمقًا مما كان معتادًا في الماضي”.
لكن فعليًا، لا يمكن للجنة أن تنعقد، لأنها ناقصة التشكيل: لا يوجد اليوم مفوض خدمة دولة، بعد أن ألغت المحكمة العليا التغييرات التي قادتها الحكومة في تعيينه، كما لا يمكن للبروفيسورة تاليا أينهورن المشاركة في النقاش لأن ابنها، إسرائيل أينهورن، مطلوب للتحقيق في قضية “قطر-غيت”. النتيجة: سيتطلب الأمر تعيين عضو جديد في اللجنة ومفوض جديد لخدمة الدولة، وهما إجراءان يحتاجان لموافقة المستشارة القانونية.