اطلس:قالت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطينيّ، أنّه وبعد مرور نحو 600 يوم على الإبادة الجماعية، ما يزال معتقلي غزة تحت وطأة جرائم التّعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة الإنسانية، وما تزال شهاداتهم، وإفاداتهم هي الأشد والأقسى، وتزداد فظاعة التفاصيل وثقلها على المعتقلين مع مرور المزيد من الوقت.
-وخلال شهر- أيار/ مايو الجاري، نفّذت الطواقم القانونية، عدة زيارات لمجموعة من معتقلي غزة شملت المعتقلين في معسكري (سديه تيمان، وعوفر)، وذلك امتداداً لسلسلة زيارات جرت على مدار الشهور الماضية. وقد عكست إفاداتهم مجدداً جرائم التّعذيب الممنهجة، ومستوى غير مسبوق من سوء المعاملة وأساليب الإذلال الحاطة بالكرامة الإنسانية، ومحاولتهم المستمرة لترسيخ هذه الجرائم، وتطويع كل ما هو داخل المعسكرات لتعذيب الأسرى وقهرهم.
ففي معسكر (سديه تيمان) الذي شكّل وما يزال عنواناً لجرائم التعذيب الممنهجة إلى جانب معسكر (عوفر) الذي لا يقل مستوى الجرائم فيه عما يجري في معسكر (سديه تيمان)، ومعسكرات وسجون أخرى يحتجز الاحتلال فيها معتقلو غزة، روى عدداً من المعتقلين تفاصيل عما واجهوه خلال مرحلة الاعتقال الأولى، وتحديدا خلال فترة التّحقيق، وما رافقها من أساليب تعذيب نفسيّ وجسديّ، إلى جانب تأكيدهم مجدداً على الظروف الاعتقالية المأساوية التي تهدف بشكل أساس إلى سلبهم إنسانيتهم، والحط بكرامتهم.
“جردوني من ملابسي قبل التحقيق وقاموا بتصويري عبر الهاتف”
المعتقل (ي.س): “اعتقلت في تاريخ 27.12.2024، من مستشفى كمال عدوان، تم نقلي إلى سجن في القدس، لمدة 24 يوما، طول هذه الأيام كنا مقيدين، تعرضت للتحقيق لمدة 20 يوما، ثم جرى التحقيق معي لثلاث مرات إضافية، كل مرة كانت تستمر لـ 4 ساعات، تم تهديدي بتحقيق (الديسكو)، بعد مرور شهرين على اعتقالي تم إحضاري لمحكمة عبر الهاتف، وتم تمديد اعتقالي حتى إشعار آخر، مدة الجلسة فقط 3 دقائق فقط، علماً أنه وقبل التحقيق معي تم تجريدي من ملابسي -بشكل كامل- وقاموا بتصويري عبر الهاتف، على صعيد الواقع الاعتقالي في المعسكر أكّد (ي.س)، أنّهم محتجزون في ظروف قاسية جداً، لا توجد أواني للأكل، منذ أن حضرت إلى معسكر (سديه تيمان) بدلت ملابسي مرة واحدة.
“وتيرة الاعتداءات وعمليات التنكيل والتعذيب مرهونة بمزاج جنود الاحتلال”
فالأسير (م. د)، وهو معتقل منذ شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، روى تفاصيل عملية اعتقاله: “كنت مع عائلتي عند الاعتقال إلى جانب نحو 180 شخصاً تم احتجازنا في بناية إلى جانب الحاجز الذي يعرف بحاجز (الإدارة المدنية)، وبعدها جرى نقلنا إلى معسكر (سديه تيمان)، وأنا ما أزال منذ يوم اعتقالي في المعسكر، في بداية الاعتقال تم التحقيق معي على مدار أيام منها 18 ساعة بشكل متواصل، خلالها تعرضت للضرب باستمرار، ثم خضعت لتحقيق (الديسكو) لمدة 24 ساعة، بعد 35 يوما على اعتقالي تم إحضاري لجلسة محكمة عبر الهاتف، وأمر القاضي باستمرار اعتقالي حتى انتهاء الحرب”.
أما على صعيد الواقع الاعتقالي اليوم داخل المعسكر أفاد المعتقل (م.د)، أن كل 25 معتقلا يتم احتجازهم في براكس، يجبر المعتقلين على الجلوس طوال الوقت، يمنع الحديث بين المعتقلين، جميع المعسكر مزود بكاميرات، الاعتداءات والمعاملة المهينة والمذلة، لا تتوقف، قد تختلف وتيرتها بحسب مزاج جنود الاحتلال، فكل شيء مرهون هنا بمزاج الجنود، بما في ذلك خروج المعتقلين إلى ما تسمى (بالفورة).
أشار المعتقل إلى أنّه ومنذ 90 يوما لم يسمح له بتغيير ملابسه الخارجية، ومنذ 30 يوما يرتدي ملابسه الداخلية، كل 5-6 معتقلين يستخدمون نفس (المنشفة) عند الاستحمام، ومدته دقيقتان.
“(الفورة) فرصة لجنود الاحتلال للتنكيل بالأسرى”
المعتقل (أ.ر): “اعتقلت في تاريخ 27.12.2024، من على (الممر الآمن)، تم حجزنا في مكان قريب، قضينا ليلة كاملة تحت البرد الشديد في مكان مكشوف، اُجبرنا على ارتداء أرواب (الكورونا) البيضاء، تعرضنا للضرب المبرح طوال مدة نقلنا من مكان الاعتقال حتى وصولنا إلى معسكر (سديه تيمان)، وحتى اليوم ورغم مرور كل هذه المدة ما زلت أعاني من آلام في الكتف والغضروف، أتوسل لهم من أجل إعطائي مسكنا، دون استجابة، بعد 40 يوما على اعتقالي عقدت لي محكمة عبر الهاتف، وتم تمديد اعتقالي لمدة غير محدودة، أما على صعيد ظروف الاعتقال، أكّد المعتقل (أ.ر)، أنّه يرتدي الملابس ذاتها منذ أكثر من شهر، مدة الاستحمام المسموح بها فقد لدقيقتين، طوال النهار نجبر على أن يبقوا جالسين على (الأبراش)، لا يسمح لنا بالحديث، توجد كاميرات مراقبة على مدار الساعة، يمنع عليهم رفع رؤوسهم خلال خروجهم إلى (الفورة)، ومن يرفع رأسه يتعرض للإهانة والتنكيل.
المعتقل (م.و):” اعتقلت في 29/12/2024، أعاني من إصابة في البطن، نقلت إلى معسكر (سديه تيمان) وأنا مصاب، تعرضت للضرب المبرح رغم إصابتي، ورغم إبلاغهم بذلك، اليوم أعاني من أوجاع دائمة.” -خلال الزيارة المعتقل استمر بالبكاء”.
“41 يوما بقيت معصوب الأعين ومقيد اليدين”
المعتقل (ي.ن): “اعتقلت في 27/12/2024، بقيت ثلاثة أيام وأنا عار دون ملابس، ثم أحضروا لنا روب (الكورونا)، جرى نقلنا إلى القدس وبقيت هناك محتجزاً لمدة 41 يوما خلالها بقيت معصوب الأعين ومقيد اليدين، تعرضت للضرب، وما زالت أعاني من أوجاع صعبة، وانتفاخ في ساقي اليسرى، ونتيجة لذلك لا أستطيع الخروج إلى (الفورة)، واعتمد على الأسرى في تلبية احتياجاتي”.
“من خمسة شهور لم أبدل ملابسي”
المعتقل (أ.ل): “اعتقلت في شهر تشرين الثاني 2024، تعرضت لمعاملة صعبة وغير إنسانية، عند إخراجنا إلى ساحة الفورة، يجبروننا على خفض رؤوسنا والخروج على شكل (قطار)، منذ خمسة شهور لم أبدل ملابسي، خلال مدة الشتاء كانوا يستخدمون الماء البارد لتعذيبنا من خلال إجبارنا على الاستحمام بالماء البارد، ينتهجون سياسة (العقاب الجماعي)، كما يتعمدون تعذيب بعض الأسرى أمامنا، لترهيبنا، على صعيد الاحتياجات الأساسية للأسرى، نحن محرومون من توفير الحد الأدنى منها كفراش الأسنان، وحتى معجون الأسنان، تزود كل غرفة لفة ورق واحدة للمرحاض في اليوم، لا توجد أواني يتم وضع لقيمات الطعام في أيدينا دون أواني.”
-في هذا الإطار- تؤكّد هيئة الأسرى ونادي الأسير، أنّ هذه الإفادات تعكس نهج منظومة السجون والمعسكرات في استمرار استهداف الأسرى والمعتقلين، كامتداد لجريمة الإبادة، والعدوان الشامل على شعبنا، يشار إلى أنّ عدد معتقلي غزة الذين ارتقوا بعد الإبادة في سجون ومعسكرات الاحتلال (44)، وهم من بين (70) أسيراً استشهدوا في سجون الاحتلال بعد الإبادة، وما يزال العشرات من شهداء غزة رهن جريمة الإخفاء القسري.
يذكر أنّ آخر معطى أعلنت عنه إدارة سجون الاحتلال عن معتقلي غزة المصنفين (بالمقاتل غير الشرعي)، (1846) معتقلاً، وهذا المعطى لا يشمل كافة أعداد معتقلي غزة المحتجزين في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال.