اطلس:لم نكن بحاجة الى بيان من جيش “الدفاع” الإسرائيلي يعلن فيه تبنيه لاستهداف الصحفي الفلسطيني المميز في قناة الجزيرة أنس الشريف ، و معه ستة أشخاص بينهم ثلاثة صحفيين آخرين ينتمون لقناة الجزيرة ، بنفس القدر تقريبا الذي لم يكن هؤلاء الصحفيين ، ومعهم أكثر من مئتين و ثلاثين صحفيا و صحفية سبقوهم الى هذا القتل الأسود ، بحاجة الى إشارات التعريف بأنهم صحفيون ، تجدر حمايتهم ، بل و تسهيل مهمتهم وفق المواثيق و الأعراف الدولية .
لم نكن بحاجة تأكيد الجيش “الأكثر أخلاقية في العالم” انه استهدفهم ، و لا هم بحاجة التعريف بصحفيتهم ، و لا حتى بحاجة الملابس الواقية لرؤوسهم وأعناقهم و صدورهم ، لطالما ان جيش “الدفاع” يستهدفهم بالصواريخ ، هل كانت القبعة او السترة الواقية من الرصاص ستحميهم ، فتحول دون تمزيق اجسامهم أشلاء ؟ هل حمت شيرين أبو عاقلة من أن يقنصها القناص في رقبتها تحت أذنها ؟
لقد خدعوا أيما خداع ، و أكبر خداع ، و أحقر خداع ، من أن الصحافة حرة ، و هم انما يمارسون مهنة إنسانية ، بإجماع دولي ، مكفولة في الدساتير ، و لهذا ينضمون الى هذه المهنة بإقبال ، و بعلنية تصل أحيانا حد التباهي ، و لهذا كانت سياراتهم التي يتنقلون بها تحمل إشارات صحفية واضحة ، و الخيمة التي أوى اليها أنس و زملاؤه واضحة ، و لهذا كانت حمايتهم واجبة ، و لكن قتلهم كان أكثر وجوبا من حمايتهم .
لم يكونوا مقاتلين لكي يتم استهدافهم ، فيخرج جيش الدفاع للتباهي باغتيالهم ، لم يكن أنس الشريف سنوارا او ضيفا او مروانا ، لم يكن سياسيا حمساويا ، كما صالح العاروري في بيروت او إسماعيل هنية في طهران او فتحاويا كخليل المقدح في الجنوب .
خداع الصحفيين بسلامتهم و حمايتهم ، لم يكن الخداع الدولي العالمي الأول من نوعه ، فقد خدعوا المقاومين و حقهم المشروع في الدفاع عن وطنهم حين يسقط تحت الاحتلال الأجنبي ، فيقتلون و يقتلون الى ان يتحرر هذا الوطن المغتصب ، لكن ان تقتل ستين ألفا معظمهم من الأطفال و النساء ، و تجوعهم حتى الموت ، و تستدرجهم الى ما يسمى بالمساعدات الإنسانية ، فإنك بعدها لن تستثني علماء ايران بدعوى انهم علماء ذرة ، و معهم نساءهم و أطفالهم ، و تخرج الى العالم تباهيه انه قتل العلماء في ليلة واحدة ، فيقوم هذا العالم بالتصفيق لك و تهنئتك بهذا الإنجاز ، سيذهب بعدها مباشرة لاستهداف الصحفيين و على رأسهم أنس الشريف ، لكنه أيضا استهدف الأطباء و المدرسين و رجال الدفاع و الشرطة و حقوق الانسان و الصليب و الهلال و الأنروا وعمال المطبخ الدولي .
تذكروا لكي تضمنوا توقف التغطية ، ان تقصفوا قناة الجزيرة في الدوحة ، و أن تستهدفوا طفلة أنس “شآم” وفق فتوى الحاخام الياهو مالي العام الماضي بضرورة قتل كل أطفال غزة “من نقاتلهم اليوم هم أطفال الأمس” ، و وفق فتوى الحاخام رونين شالوف قبل حوالي أسبوع الاستمرار في تجويعهم حتى الموت لأنهم ارهابيو الغد .