اطلس:: قطاع غزة وصل إلى مرحلة “الجوع الكارثي” حد الموت وأطفاله يواجهون شبح الهلاك
د. رياض العيلة: مطلوب قرار فوري من مجلس الأمن لوقف الإبادة وتدخل دولي لإدخال المواد الأساسية
د. حسن خاطر: ما يجري في غزة منذ البداية كان حرب إبادة شاملة والتجويع جزءٌ منها مخططٌ له مسبقاً
باسل العكور: التقارير الدولية ساهمت في فضح جرائم الإبادة والتجويع لكنها غير مؤثرة فعلياً على الأرض
د. مخيمر أبو سعدة: استخدام التجويع أداة لتفريغ شمال غزة والمجتمع الدولي يبدو عاجزاً عن مساعدة الفلسطينيين
د. حسام الدجني: التحذيرات الأممية غير كافية ما لم تُترجم إلى قرارات ملزمة تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة
حذر محللون وخبراء أُمميون من أن المجاعة في قطاع غزة لامست خط “الجوع الكارثي” حد الموت، وهو أعلى تصنيف عالمي لدرجات الجوع، موضحين أن أسباب المجاعة كانت حاضرة منذ اليوم الأول للعدوان على قطاع غزة، من خلال الحصار المطبق وتدمير كل وسائل الحياه المتاحة، من أراضٍ زراعية ومصانع وبنى تحتيه وآبار مياه وأي وسيلة لاستمرار الحياة.
وأضافوا في أحاديث لـ”ے” أن غزة تجوع وتعطش بهدف التهجير القسري، حيث تُمنَع المساعدات الإنسانية من الدخول إلى غزة، وتتم عرقلة وصول الغذاء والماء والدواء، مشيرين إلى أن هناك أطفالاً يبكون جوعاً وبطونهم المنتفخة تصرخ طلباً للمساعدة.
ودعوا الأمين العام للأمم المتحدة إلى القيام بدوره الإنساني وإعلان المجاعة في غزة بشكل رسمي، مطالبين الدول الأعضاء بالعمل على فتح المعابر، واتخاذ خطوات جادة لتعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة.
وأوضحوا أن قطاع غزة يُقسّم حالياً إلى ثلاث مناطق: شمال غزة، ومدينة غزة، وجنوب غزة، حيث تفرض إسرائيل طوقاً عسكرياً على كل منطقة بهدف إفراغها من سكانها عبر سياسات التجويع والتقتيل المتعمدة والمخطط لها مسبقاً، مطالبين مجلس الأمن باتخاذ قرار فوري لوقف هذه الإبادة الجماعية، كما طالبوا بتدخل دولي عاجل لتمكين المؤسسات الإنسانية من إدخال المواد الأساسية إلى القطاع.
سياسة تجويع ممنهجة بهدف التهجير
“إنها المجاعة حد الموت”، بهذه الكلمات وصف المتابع لشؤون وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والناطق الرسمي باسمها سابقاً سامي مشعشع الوضع المأساوي في شمال غزة، حيث يواجه عشرات الآلاف من السكان خطر الموت جوعاً بسبب سياسة التجويع الممنهجة التي يمارسها جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ شهور طويلة.
وقال: وفقاً للجنة التصنيف العالمي، التي تضم خبراء متخصصين في مراقبة المجاعة وسوء التغذية، فقد وصلت غزة إلى مرحلة “الجوع الكارثي” حد الموت، وهو أعلى تصنيف عالمياً لدرجات الجوع.
وأشار مشعشع إلى أن الوقت لم يعد متاحاً للتحليل أو التفسير، فالوضع واضح ومعروف: غزة تُجوع وتُعطش بهدف التهجير القسري، حيث تُمنع المساعدات الإنسانية من الدخول، ويتم عرقلة وصول الغذاء والماء والدواء.
ودعا مشعشع إلى إنهاء محاولات “التذاكي” وتحميل المسؤولية لمن حاولوا الدفاع عن غزة، مؤكداً أن هناك أطفالاً يبكون جوعاً وبطونهم المنتفخة تصرخ طلبًا للمساعدة.
دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لإعلان المجاعة بغزة رسمياً
ووجّه سامي مشعشع نداءً للأمين العام للأمم المتحدة للقيام بدوره الإنساني وإعلان المجاعة في غزة بشكل رسمي، وحث الدول الأعضاء على فتح المعابر لإنقاذ القطاع أو اتخاذ خطوات جادة كتعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة.
كما دعا مشعشع الدول العربية والإسلامية والمنظمات الإقليمية والشعوب كافة، بل وحتى المشجعين الرياضيين حول العالم، للتحرك والتضامن مع غزة الجائعة، مشيراً إلى أنه لا يوجد ما يمنع رؤساء الدول وقيادات العالم من التوجه إلى المعبر من بوابة مصر والدخول إلى غزة لإنقاذ أهلها من الهلاك.
خطط لاقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه
وأوضح د. رياض العيلة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر، أن حكومة نتنياهو منذ السابع من أكتوبر 2023 وضعت خططتها لتنفيذ ما كان يحلم به نتنياهو واليمين الإسرائيلي المبني على اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه وجذوره الكنعانية، من خلال كل الوسائل، وبدأها بالقصف والقتل وتدمير الإنسان والشجر والحجر.
وأشار العيلة إلى أن عدد الشهداء والجرحى والمفقودين والمعاقين تجاوز 200 ألف، مضيفاً: إن عمليات الترحيل القسري تستهدف المواطنين بذريعة نقلهم إلى مناطق “آمنة”، ليتم قصفهم فيما بعد في إطار سياسة الإبادة الجماعية.
وبيّن د. العيلة أن قطاع غزة يُقسّم حالياً إلى ثلاث مناطق: شمال غزة، ومدينة غزة، وجنوب غزة، حيث تفرض إسرائيل طوقاً عسكرياً على كل منطقة بهدف إفراغها من سكانها.
وأكد أن شمال غزة يعاني منذ 42 يوماً من المجاعة والعطش، مع منع دخول المواد الغذائية والطبية.
وأشار إلى أن القصف المستمر شمل تدمير المنازل والمنشآت الصحية وآبار المياه، ما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني وسط صمت المجتمع الدولي.
ودعا د. العيلة مجلس الأمن إلى اتخاذ قرار فوري لوقف هذه الإبادة الجماعية، مطالباً بتدخل دولي عاجل لتمكين المؤسسات الإنسانية من إدخال المواد الأساسية.
وأعرب عن أمله أن تتحرك الإدارة الأمريكية، خاصة بعد الانتخابات، لتحقيق وقف فوري للعمليات العدوانية والسماح للفلسطينيين بممارسة حقوقهم المشروعة في الحرية والعيش بكرامة.
أسباب المجاعة كانت حاضرة منذ اليوم الأول للعدوان
وصرح د. حسن خاطر، مدير مركز القدس الدولي، إن حديث المؤسسات الأممية عن المجاعة في غزه والتحذير من ذلك فيه قدر كبير من التضليل والخداع للمجتمع الدولي، مشيراً إلى أن ما يجري في غزة منذ البداية كان حرب إبادة شاملة وتجويعاً مقصوداً ومخططاً له مسبقاً.
وأوضح د. خاطر أن أسباب المجاعة كانت حاضرة منذ اليوم الأول من خلال الحصار المطبق على قطاع غزه وتدمير كل وسائل الحياه المتاحة، من أراضٍ زراعية ومصانع وبنى تحتيه وآبار مياه وأي وسيلة لاستمرار الحياة.
وأشار إلى أن هذه المجاعة بدأت تتفاقم منذ اليوم الأول، إلى درجة أنها أصبحت جزءاً من الإبادة، ولم يعد ينفع معها مثل هذا التوصيف الاممي في هذه المرحله المتقدمة جدا من العدوان ومن الاباده التي تمارس في حق اهلنا في القطاع.
وأضاف: إن إعادة تكرار مثل هذا التوصيف من قبل المؤسسات الأممية يعد من زاوية معينة مشاركة فعلية فيما يجري وتهوين من حجم هذه الكارثة التي يعيشها القطاع، وإيهام لمن يتابع المشهد أن ما يجري في غزة ما زال بعيداً أو قريباً من المجاعة.
القطاع يغرق في المجاعة تماماً كما يغرق في الإبادة
وأكد أن الحقيقة هي أن قطاع غزة يغرق في هذه المجاعة، تماماً كما يغرق في هذه الإبادة التي يشاهدها الجميع على الهواء مباشرة.
ولفت خاطر إلى أن “المجتمع الدولي والمؤسسات الأممية لا يمكنها انتظار وصول الأوضاع إلى مرحلة يشاهدون فيها أهل غزة يموتون في الشوارع نتيجة الجوع ونقص سبل الحياة، حيث إن ذلك سيجعل الجميع شركاء في هذه الكارثة، بما في ذلك المؤسسات التي يُفترض بها دعم الشعوب في مثل هذه الأزمات، والتحرك بموجب القرارات الدولية والمعاهدات الإنسانية وحقوق الإنسان”.
ودعا خاطر المؤسسات الدولية إلى التحرك الفوري واتخاذ قرارات وسياسات حازمة لتغيير هذا الواقع، وعدم الاكتفاء بدور المراقب وإصدار بيانات الشجب والاستنكار، معتبراً أن هذا النهج يشبه دور المؤسسات الإعلامية التي تكتفي بوصف الأحداث بدلاً من اتخاذ خطوات ملموسة لمواجهة جرائم الاحتلال.
التحذيرات الأممية في مواجهة الروايتين الإسرائيلية والغربية
الإعلامي الأردني باسل العكور يرى أن التحذيرات الأممية قد تساهم في فضح الجرائم والانتهاكات وأعمال الإبادة والحصار الذي يعيشه الفلسطينيون، إذ يواجه اعتراف المنظمات الدولية بوقوع هذه الانتهاكات ويُفند النفي الرسمي الغربي، خاصة من الولايات المتحدة وبعض العواصم الغربية وإسرائيل.
ويرى العكور أن هذا الاعتراف يساهم في تعزيز التضامن الشعبي في الغرب مع القضية الفلسطينية، وهو التضامن الذي اتضح أنه أكثر التزاماً بالقيم الإنسانية والمبادئ من التضامن الرسمي الذي أبدته الدول العربية والإسلامية.
ويؤكد العكور أن هذه التقارير الدولية لعبت دوراً في نشر الوعي حول حقيقة الأوضاع والجرائم التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي، ولكنها لم تؤدِ إلى تغيير جوهري في المواقف السياسية الرسمية أو اتخاذ قرارات حاسمة في مجلس الأمن، كما لم تساهم في تخفيف الانحياز الرسمي الأمريكي والأوروبي لصالح إسرائيل.
تراجع تأثير القانون الدولي وتخلي الغرب عن مبادئه
ويشير إلى أن هذا الأمر يُظهر تراجع تأثير القانون الدولي وتخلي الغرب عن مبادئه لصالح دعم الاحتلال.
ويضيف العكور أن التقارير الدولية مهمة من ناحية التوثيق وكشف الحقائق أمام الأجيال الجديدة التي بدأت تدرك ما يجري في المنطقة، لكنها غير مؤثرة فعلياً على الأرض.
ويرى أن هذه الأزمة ساهمت في كشف طبيعة الأنظمة السياسية في الغرب التي تبدو غير وطنية، وأظهرت أن هذه النخب السياسية تحمل أجندات لا تعكس رغبات شعوبها الداعية إلى وقف العدوان، ما يعكس أزمة في الديمقراطية الغربية التي باتت تكشفها الأحداث في غزة.
محاولة لدق ناقوس الخطر دون أي خطوات فعلية
د. مخيمر أبو سعدة: استخدام التجويع أداة لتفريغ شمال غزة والمجتمع الدولي عاجزا عن مساعدة الفلسطينيين
بدوره، قال د. مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر: إن شمال قطاع غزة يعاني من شبه مجاعة نتيجة منع إسرائيل دخول المساعدات الغذائية والطبية.
وأكد أن السياسة الإسرائيلية تهدف إلى إفراغ وطرد السكان من منطقة شمال قطاع غزة من خلال قطع الإمدادات الأساسية من غذاء وماء ودواء.
وأشار أبو سعدة إلى أن المجتمع الدولي يبدو عاجزاً عن مساعدة الفلسطينيين، وأن ما يحدث حالياً من تحذيرات إنما هو محاولة لدق ناقوس الخطر دون أي خطوات فعلية والتحذير من مخاطر ما هو قادم.
أكد أنه من المفترض أن يتحمل مجلس الأمن والدول الداعمة لإسرائيل مسؤولياتها، وأن تستخدم نفوذها للضغط على إسرائيل لتجنب الكارثة الوشيكة في القطاع.
حث الدول والشعوب على التحرك لإنقاذ غزة
وأكد د. حسام الدجني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة، أن التحذيرات الصادرة عن الأمم المتحدة يجب أن تكون بمثابة جرس إنذار للمجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف سياسة التجويع والتعطيش الممنهجة التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والتي دفعت القطاع نحو المجاعة، في انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني.
ورأى د. الدجني أن هذه التحذيرات غير كافية ما لم تُترجم إلى قرارات ملزمة تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، خاصة في ظل رفض إسرائيل العديد من القرارات الأممية عقب عملية طوفان الأقصى.
وأكد ضرورة محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها، داعيًا المنظمات الدولية لحث الدول والشعوب على التحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في غزة.
كما شدد على أهمية وجود استراتيجية إعلامية شاملة لتوضيح حقيقة ما يجري في غزة للعالم، لضمان وصول رسالة واضحة للمجتمع الدولي حول خطورة الوضع الإنساني هناك.