شروط “إسرائيل” الخيالية تصطدم بالواقع: حزب الله لايزال قوياً!

اطلس: طفت على الواجهة في “إسرائيل” تقديرات وتحليلات تتحدّث عن «اتفاقية وشيكة لوقف الحرب مع حزب الله»، استند معظمها إلى تصريحات مسؤولين أمنيين وسياسيين، من بينهم رئيس الموساد دادي برنياع الذي حضر لقاء مصغّراً في الدوحة إلى جانب مدير الـ«سي أي إيه» وليام بيرنز ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إذ نقلت عنه صحيفة «إسرائيل اليوم» أن «هناك سبيلاً آخر لدفع حماس نحو الصفقة يمر بلبنان (…) وينبغي اشتراط وقف النار في الجبهة الشمالية (مع لبنان) لتحرير المخطوفين (لدى حماس)»، معتبراً أن «لإيران وحزب الله تأثيراً على حماس أكبر بكثير من الوسطاء (الحاليين)».

بدورها، أشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» في تقرير لمحللها السياسي في واشنطن، نداف أيال، إلى أن المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين «أحرز تقدّماً جوهرياً حول الحرب في الجبهة الشمالية»، وأنه سيصل إلى المنطقة قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية (المقررة في 5 تشرين الثاني المقبل) لـ«صياغة الاتفاق النهائي مع حزب الله».

وعلى عكس التفاؤل الذي أبداه البعض، رأت «هآرتس» في تقرير لتسفي برئيل أن «الاتفاق النهائي لا يزال بعيداً حتى عن مسوّدة متفق عليها. فالمصطلح الرئيسي (القرار 1701) الذي يقدّم ظاهرياً رداً رسمياً على نشاطات قوات اليونيفل وانتشار الجيش اللبناني، مختلف عليه، إذ إن موقف حكومة لبنان وحزب الله و(رئيس مجلس النواب) نبيه بري، أنه يجب تطبيق الاتفاق بصياغته الحالية من دون أي تغيير أو تعديل أو توسيع صلاحيات قوات اليونيفل، ومن دون تطبيق القرار 1559 الذي ينص على حل جميع الميليشيات المسلحة»، ونوّه بأن «هذا الموقف يستند إلى حقيقة أن حزب الله، رغم ضربات إسرائيل ضده، لا يزال يمتلك قوة سياسية مهمة، وممثلوه أعضاء في الحكومة وفي البرلمان، وموافقته على أي اتفاق ضرورية لمنع مواجهات داخلية عنيفة تصل إلى حرب أهلية»، مشيراً إلى أن «هذا الموقف يتصادم مع إسرائيل وأميركا اللتين تطالبان بتوسيع بنود القرار ليعطي إسرائيل صلاحية المتابعة الجوية لتنفيذ القرار، وعند الحاجة السماح بتنفيذ رقابة برية، أي القيام بمطاردة ساخنة» داخل لبنان في كل حالة خرق، وتوسيع صلاحية عمل قوات اليونيفل».

ونقلت الصحيفة عن مصادر إسرائيلية أن تل أبيب ستطلب أيضاً السماح ببقاء قواتها في جنوب لبنان لـ«فترة انتقالية» يتم فيها فحص الترتيبات العسكرية التي ستقوم بها حكومة لبنان واليونيفل، وإذ قلّلت من احتمالات الرد بالإيجاب على هذا الطلب، لفتت إلى أن تغيير صيغة القرار 1701 سيحتاج رسمياً إلى إصدار قرار جديد من مجلس الأمن، وهو إجراء قد يشكل بحد ذاته عائقاً صعباً، إذ يصطدم بالفيتو الروسي، موضحة أنه «من دون قرار كهذا، فإن قوات اليونيفل لا يمكنها العمل».

وتحت عنوان «الليطاني لن يمنحنا الأمان»، كتب مدير الموساد السابق تامير فاردو في موقع «n12» أنه «حتى هذه اللحظة، تطالب حكومة إسرائيل بمنطقة آمنة في لبنان كأمرٍ واقع، تبدأ من الحدود مع إسرائيل حتى نهر الليطاني»، مشيراً إلى أن «أمان سكان المستوطنات الإسرائيلية مشروط بعدم وجود حزب الله جنوبي النهر، ولا يوجد خطأ أكبر من هذا»، إذ رأى أنه «منذ الآن، يشير حزب الله إلى صورة الحرب المقبلة»، فـ«عند بداية المناورة البرية، نقل الحزب الحرب إلى منطقة العمق القريب – من نهاريا حتى منطقة حيفا. وإطلاق النار الكثيف، باستعمال أدوات مختلفة، حوّل هذه المنطقة إلى منطقة حرب. علينا القول إن اختيار هذا الحل يمنح الأمان الجزئي فقط من الاجتياح البري على خط التماس عدة كيلومترات من الحدود، ويمكن أن يحوّل ثلث الدولة إلى منطقة حرب».

وأضاف: «بشكل غير مفهوم، تحوّل نهر الليطاني إلى الحدود الأمنية. هذا كان صحيحاً قبل أكثر من عقد، عندما كانت قدرات الحزب النارية أقل من الحالية، ومن دون قدرات مناورة. وكي لا يتم تضليلنا، هذه الكيلومترات المعدودة ليست منطقة أمان، وليست حتى الحد الأدنى من ذلك، بالنسبة إلى سكان الشمال، ليس على صعيد القدرة على إطلاق النار، ولا المناورة البرية السريعة».

وحول مساعي وقف الحرب، قال فاردو إن «فرنسا والولايات المتحدة مستعدتان اليوم للدفع إلى إنهاء الحرب بثمن ممنوع أن ترضى به إسرائيل. حكومة إسرائيل، ولأسباب غير مبررة، مستعدة للتنازل في مجال استمرار عمليات حزب الله المستقلة في لبنان، إذ توافق فعلياً على استقلالية عمل إيران من داخل لبنان».

وفي «يديعوت أحرونوت»، كتب يديديه ياعر أن «مَن يحلم بالسيطرة على منطقة فاصلة حتى الليطاني، مع حُكم عسكري ومستوطنات في غزة، والدفاع عن المستوطنات في الضفة الغربية، بالإضافة إلى القوات المطلوبة في هضبة الجولان، وفي وادي الأردن، والجبهات المتوقعة في مواجهة الميليشيات العراقية، يعيش في عالم موازٍ للواقع».

وقال: «ليس لدينا ما يكفي من الفرق العسكرية، حتى لو ارتدى كل طلاب اليشيفوت الزي العسكري، وهذا لن يحدث. ولن نجد لبنانياً واحداً مستعداً ليتجند في جيش لبنان الجنوبي مرة أُخرى، كذلك، لن نجد فلسطينياً يجرؤ على التعاون مع حُكم عسكري إسرائيلي.

وسيقع كل العبء على قوات الاحتياط. وليس لدى إسرائيل القدرة على تحمُّل هذا العبء. هذه الأحلام واهية». ودعا إلى استثمار نتائج العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، معتبراً أن «التغيير الدراماتيكي في ميزان القوى العسكرية يشكّل فرصة لتسويات ثابتة، أو محسّنة على الأقل».

في غضون ذلك نقلت صحيفة الاخبار اللبنانية عن مصادر سياسية مطّلعة إن حزب الله ليس بعيداً عن الاتصالات الجارية. وإن ثوابت حزب الله في المفاوضات واضحة، ولخّصتها بالآتي:

أولاً، يؤكد الحزب أن الرئيس بري هو من يمثّله في أي مفاوضات تجري بما خصّ ملف الحرب ووقف إطلاق النار، وأنه في حالة تنسيق مستمرة مع بري، كما لديه قنوات اتصال مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وجهات أخرى في الدولة معنية بملف التفاوض.

ثانياً، لم ينقطع التواصل بين حزب الله وبعض الجهات الخارجية التي تعمل على خط المفاوضات، من مصر والجزائر وقطر وفرنسا. ويكرر الحزب أمام هذه الأطراف على ثوابته التي تستند أولاً وأخيراً إلى أن وقف العدوان بصورة تامة هو شرط إلزامي لأي بحث حول ما يفترض حصوله لاحقاً.

ثالثاً: لا يرى حزب الله أن ما قام به الاحتلال يمنحه أي أفضلية لفرض أي تعديل على الوضع الذي قام بعد عدوان عام 2006، والحزب لن يقبل تحت أي ظرف بإدخال أي تعديل لا على بنود القرار ١٧٠١ ولا على آليات التنفيذ، وهو لم يعارض أصلاً زيادة عديد القوات الدولية أو الجيش اللبناني وفق ما كان مقرراً أصلاً في القرار 1701. لكنّ الحزب يرفض إضافة أي دولة جديدة على القوات الدولية، وهو يطالب بإبعاد ألمانيا بصورة نهائية عن عمل القوات الدولية، بعدما تحوّلت إلى شريك للعدو في الحرب.

رابعاً، لا يراهن الحزب على تغييرات دراماتيكية في الموقف الأميركي، ولذلك يتعامل بشكل هادئ مع كل ما يسرّبه الأميركيون، ويعتقد بأن الاحتلال يريد مواصلة الحرب لفترة أطول، ما يعني أن على المقاومة التجهّز لمواجهة المزيد من الضربات الإسرائيلية، والإعداد الجيد لضرب قوات الاحتلال وإفشال أهداف العدوان.

خامساً، لا يزال حزب الله يضع في بياناته العسكرية العبارات التي تقول بأن ما تقوم به المقاومة هو إسناد للمقاومة في غزة مع إضافة عبارة «الدفاع عن لبنان». وهو لم يقدّم أي التزام، لأي طرف في لبنان أو خارجه، بالقبول بفك الارتباط بين جبهة لبنان وجبهة غزة. ولا يرى الحزب بعد كل ما حصل، ووسط استمرار الوحشية الإسرائيلية في غزة، أنه من المنطقي ترك غزة، كما أن مثل هذا الموقف يتعارض مع كل بنيته العقائدية وتفكيره السياسي، ومعرفته الوثيقة بالترابط الحقيقي بين كل الجبهات المتعلقة بالمقاومة ضد العدو.

سادساً، إصرار العدو على التفاوض تحت النار، يعكس حقيقة أن إسرائيل تراهن على انكسار المقاومة او إضعاف حزب الله، والحزب يتصرف على أساس أنه قد يكون عرضة لعمليات اغتيال جديدة، لكن آليات العمل داخل الحزب، خصوصاً في الجسم الجهادي، أخذت طريقاً لا يتأثر بأي عملية اغتيال تصيب أي قائد في الحزب.

سابعاً، الحزب لا يتعامل بتوتر أو انفعال مع كل ردود الفعل الداخلية التي أظهرت حقداً على المقاومة، أو حتى تلك التي تظهر في موقع الشريك للعدو، ويرى أن حفظ السلم الأهلي مهمة مركزية، علماً أنه لن يتعامل بلامبالاة مع أي محاولة للنيل من حضوره السياسي أو قاعدته الاجتماعية.

ثامناً، يعتقد الحزب بأن على الحكومة القيام بواجباتها تجاه المواطنين لناحية تأمين مستلزمات صمودهم وتوفير بيئة حاضنة للنازحين، علماً أنه يتحضر لمواجهة أي تحديات تخص هذا الجانب، وهو عندما وعد الناس بإعادة الإعمار فلأن لديه كل الإمكانات المالية والمادية لإنجاز هذا الأمر في أسرع وقت بعد وقف العدوان.

أخيراً، يأمل حزب الله أن يفهم كل اللبنانيين بأن سلاح المقاومة لن يكون محل تفاوض مع أحد، وأنه بعد هذه الحرب فإن المقاومة تمثّل خياراً إلزامياً وسيعمل الحزب بكل ما يملك لحفظها.

صحيفة الأخبار اللبنانية

عن Atlas

شاهد أيضاً

نقطة تفصل بين ترامب وهاريس

اطلس:قبل أقل من أسبوع على يوم الحسم في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرر في الخامس من …