اطلس:في التاسع عشر من كانون الأول الماضي، قرابة الساعة العاشرة صباحا، كانت المسنة حليمة أبو ليل (80 عاما)، عائدة من عيادة مخيم بلاطة شرق نابلس، لتصاب بأربع رصاصات اخترقت جسدها، ما أدى إلى استشهادها على الفور.
الرصاصات الأربع أطلقتها وحدة خاصة تابعة لقوات الاحتلال، عقب تسللها إلى حارة الجماسين في المخيم، عبر ثلاث مركبات تحمل لوحة ترخيص فلسطينية.
الصدمة التي عاشها أهالي مخيم بلاطة، كانت بعد اكتشاف تسلل وحدات الاحتلال الخاصة عبر استخدام مركبة إسعاف خاصة، تحمل إشارة للخدمات الطبية، وهو الأمر الذي اعترف به جيش الاحتلال، يوم الاثنين الماضي، باستخدام قوة تابعة له سيارة إسعاف للتسلل إلى المخيم.
ويقول الصحفي جمال ريان، وهو أحد سكان مخيم بلاطة، إن ثلاث مركبات تسللت إلى داخل حارة الجماسين داخل المخيم، إحداها تحمل إشارة “سيارة إسعاف”، توقفت فجأة بالقرب من تجمع لعدد من الشبان، وترجل منها جنود الاحتلال، وباشروا بإطلاق النار بشكل جنوني، الأمر الذي أدى إلى إصابة مسنة في البداية بأربع رصاصات، وبقيت تنزف حتى أُعلن استشهادها، في ظل منع الاحتلال من وصول مركبات الإسعاف الفلسطينية من الوصول إليها“.
ويضيف في حديث لمراسل “وفا”، أن المسنة أبو ليل، أُطلق عليها النار من مسافة صفر، فيما أُطلق النار على الشاب قصي حامد سروجي، بعد أن أطل برأسه ليرى ما يحدث حول منزله، ليقع أرضا بين أحضان والديه، اللذين كانا يتحضران لتناول وجبة الفطور معا“.
وفي مقطع فيديو وثقته إحدى الكاميرات داخل مخيم بلاطة، وتداوله نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، أظهر عددا من جنود الاحتلال، الذين ترجلوا من مركبة تحمل إشارة الإسعاف، وباشروا بإطلاق النار، الأمر الذي أدى إلى استشهاد مسنة وشاب وإصابة تسعة آخرين برصاص الاحتلال.
صحيفة “يديعوت أحرونوت” عبر موقعها الإلكتروني، أوردت أن الجيش الإسرائيلي ادعى أنه يحقق في انتهاك قواته للقانون الدولي، عبر استخدام مركبة إسعاف مدنية لمهام عسكرية، خلال اقتحام قوة خاصة تابعة له لمخيم بلاطة، في مداهمة أسفرت عن استشهاد مسنة فلسطينية، ووثقتها كاميرات المراقبة في أحد متاجر المخيم.
الناطق باسم جمعية الهلال الأحمر أحمد جبريل، يقول: إن استخدام قوات الاحتلال لمركبة تحمل إشارة الإسعاف أمر مخالف ومنافٍ للقوانين والأعراف الدولية، ويشكل خطرا على طواقمنا”.
ويضيف في حديث لوكالة “وفا”، أن الجميع يعلم أن جيش الاحتلال استخدم كل الوسائل في عدوانه على الشعب الفلسطيني، دون حسيب أو رقيب، باقتحامه المستشفيات في زي تنكري، وممارسته الخطف والقتل داخل المستشفيات، واستخدام كل شيء للوصول إلى أهدافه، ومنع طواقم الإسعاف من الوصول إلى الإصابات، أثناء اقتحامه مخيم بلاطة”.
ويشير جبريل إلى أن قوات الاحتلال فضلا عن استخدام إشارات الإسعاف، نفذت العديد من الانتهاكات على مدار عقود، في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث استهدفت مركبات إسعاف، ما أدى إلى استشهاد طواقم وإصابة أخرى.
فخلال اجتياح عام 2002، استُشهد مدير إسعاف الهلال الأحمر في جنين خليل سليمان، خلال محاولته الدخول لإنقاذ طفل مصاب، بعد التنسيق مع الصليب الأحمر الدولي، وتبعه إبراهيم أسعد في طولكرم، لكن عقب السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تصاعدت عمليات الاستهداف بحق مركبات الإسعاف والطواقم الطبية بشكل ملحوظ، خاصة في قطاع غزة، الذي يتعرض يوميا لاستهداف مباشر، استُشهد على إثره العشرات.
ويؤكد أنه تم التوجه إلى كل المؤسسات الدولية، من أجل المطالبة بوقف الانتهاكات بحق الطواقم الطبية والإسعافات، ولكن لا توجد استجابة من جيش الاحتلال، الذي يزيد استهداف طواقمنا العاملة، بل تعدى ذلك إلى استخدام إشارة الإسعاف لتحقيق أهدافه.
يشار إلى أن قوات الاحتلال تستخدم أساليب عدة للتسلل إلى القرى والبلدات والمدن الفلسطينية، لتنفيذ علميات اغتيال أو اعتقال فلسطينيين، من التنكر بزي أطباء وممرضين، لاقتحام المستشفيات، وعمال نظافة ورجال دين، باستخدام مركبات نقل، وشاحنات كبيرة، لتوزيع البضائع.
يذكر أن القانون الإنساني الدولي، ويُعرف أيضا بقوانين الحرب، يفرض على الأطراف المتنازعة جمع المصابين والمرضى والاهتمام بهم، وتتمتع سيارات الإسعاف، كما المستشفيات، بحماية خاصة، يُمنع استهدافها في حال كانت تُستخدم لتقديم الرعاية الطبية مهما كانت، بما في ذلك علاج مقاتلي الأعداء.
ويجب السماح لسيارات الإسعاف وآليات نقل طبية أخرى بالعمل، وحمايتها في جميع الظروف، وهي تخسر حمايتها فقط في حال استُخدمت لارتكاب “أعمال ضارة بالعدو”، مثل نقل ذخيرة أو مقاتلين أصحاء.
كما يشكل استخدام سيارة إسعاف في عمليات عسكرية انتهاكا لقوانين الحرب، ويثير مخاوف كبيرة في شأن سلامة المرضى، والعاملين الطبيين