اطلس:بدأت المناكفة بين “مدير العالم” ترامب ، و بين نتنياهو مدير الدولة المدللة ، دفيئة أمريكا و بقية دول الاستعمار في العالم ، هذه المناكفة التي كنا معظمنا نتوقعها ، لكن ليس بهذه السرعة مع وصوله المئة يوم الأولى في البيت الأبيض . ناهيك اننا شهدنا مثلها مع المدير السابق الديمقراطي جو بايدن .
الملفت للنظر ان يكون احد أسباب انفجار المناكفة ، هو موضوع الاتفاق مع اليمن ، و بالتحديد مع انصار الله “الحوثيون” و بدون علم او معرفة نتنياهو بالأمر . هؤلاء الوحيدون تقريبا في النظام العربي الذين انتصروا لغزة منذ اليوم الأول لمحاصرتها و ابادتها و تدميرها و تجويعها ، و لم يحصلوا من توليفة هذا النظام ، على كلمة “شكرا” ، و كأن هذا النظام ليس عربيا ، او لكأن الحوثيين هم ليسوا عربا . لكن ترامب تعامل معهم كما لو انهم ليسوا بشرا ، تماما كما تعامل نتنياهو مع غزة ، فشن عليهم حربه الاسطولية ، و استحضر حاملة طائرات ثانية و بدأ بقصفهم متشاركا و متناوبا مع بريطانيا و مع إسرائيل . صمدوا و أكدوا على مبدئية موقفهم و انسانيتهم و انتمائهم ، في منطقة لا يجرؤ أي زعيم ان يعارضها او يعاندها ، فما بالك ان يحاربها .
و بغض النظر عن كيفية التوصل الى الاتفاق ، و الأسباب الصحيحة ، فهل حقق ترامب هدفه في وقف الحوثيين من قصف إسرائيل او سفنها و السفن الذاهبة اليها و الآيبة منها ، أم انه استمر في قصفها ، و أنه بعد ان اغلق البحر أمامها ، اغلق الجو أيضا ، و ها هي مئات شركات الطيران العالمية من عشرات الدول تعلن الالتزام بالقرار و توقف رحلاتها الى الدفيئة . حتى ترامب نفسه ، أشاد بالحوثيين و امتدح شجاعتهم و التزامهم بما يقولون . إذن المشكلة ليست في ترامب ، لا و لا حتى عندما منح القدس كلها لنتنياهو في ولايته الأولى ، و لا عندما قال بامتلاك غزة و تحويلها لريفيرا جديدة بعد تهجير شعبها منها . المشكلة فيك أيها العربي المسؤول ، في تربيتك و خلقك و فكرك وعبوديتك و قلة انتمائك و شهوانيتك و جهلك و خوفك و كل تكوينك النفسي و الروحي . هل تصدق ، على مدار سنتين تقريبا ، ان لا زعيما عربيا واحدا قام بتهديد نتنياهو “أوقف هذه المذبحة الإبادة ، وإلا” ، و ما كنا لنطمع في عزة او الضفة ، بأن يكون هذا التهديد بأكثر من وقف التطبيع أو طرد السفير ، ما قام به اخ لنا لم تلده امنا من أمثال التشيلي و جنوب افريقيا و نيكاراغوا … الخ .
قبل خمسة وأربعين سنة كتب نزار قباني قصيدة الديك التي نفي على اثرها من سوريا : في حارتنا ديك سادي سفاح / ينتف ريش دجاج الحارة كل صباح / ينقرهن يطاردهن يضاجعهن ويهجرهن ، ولا يتذكر أسماء الصيصان / في حارتنا ديك يصرخ عند الفجر كشمشون الجبار / يطلق لحيته الحمراء ويقمعنا ليلا ونهار / في حارتنا ثمة ديك عدواني ، فاشيستي ، نازي الأفكار / سرق السلطة بالدبابة ، ألقى القبض على الحرية والأحرار / ألغى وطنا ، ألغى شعبا ، ألغى لغة ، ألغى أحداث التاريخ ، وألغى ميلاد الأطفال ، و ألغى أسماء الأزهار . لكن نزار لم يقل لنا كيف يتحول الى فرخة بمجرد وصول ديك اجنبي الى حظيرته