اطلس:تعيش بلدتا كفر الديك وبروقين غرب سلفيت منذ ثلاثة أيام حالة من الرعب والتهجير، بعد أن حوّلت قوات الاحتلال الإسرائيلي منازل الأهالي إلى ثكنات عسكرية، وأجبرت العائلات بمن فيها من أطفال ونساء وشيوخ، على مغادرة منازلها تحت ذرائع أمنية واهية.
لكن خلف هذه الذرائع، تتوارى جريمة ضد الإنسانية تتمثل باقتلاع الأشخاص من بيوتهم، وسلبهم أبسط حقوقهم في الأمان والكرامة.
لم تكن عملية “تفتيش” كما يحاول الاحتلال تبريرها، بل كانت سياسة إذلال ممنهجة، إذ تحوّلت منازل المواطنين إلى ثكنات عسكرية مؤقتة، تعج بالجنود ومعداتهم وطعامهم وشرابهم.
وتحولت منازل المواطنين التي كانت قبل أيام تصدح بأصوات العائلة، وضحكات الأطفال، إلى مسرح متاح لانتهاكات قوات الاحتلال التي تفرض واقعا جديدا بقوة السلاح والضرب والتنكيل المستمر.
يختار جنود الاحتلال المنازل التي يقتحمونها بعناية واضحة، حيث يعمدون خلال ساعات الظهيرة إلى اقتحام المنازل المجهزة بأجهزة التكييف، ويحولونها إلى مواقع “استراحة مؤقتة” في ظل الأجواء الحارة.
وبينما ينعم الجنود ببرودة المكيفات، يبدأون بإجراء تحقيقات ميدانية مع أصحاب المنازل، بأساليب تعسفية، وبذرائع أمنية واهية، تترافق مع ممارسات إذلال وتخريب متعمد.
غرف النوم في المنازل المقتحمة تداس بالأحذية العسكرية، والأثاث المنزلي قلب رأسا على عقب، والمطابخ تحولت إلى مطاعم يجتمع فيها الجنود لتناول طعامهم، والشرفات، التي طالما شهدت جلسات الأمهات في المساء، باتت نقاط مراقبة للاحتلال يتمركز فيها القناصة، وفي الخارج، تقف العائلات التي طردت من منازلها بالقوة، عاجزة، مكسورة.
تظهر الصور ومقاطع الفيديو، التي يتناقلها المواطنون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، جانبا من الواقع القاسي الذي تعيشه بلدات غرب سلفيت تحت وطأة اقتحامات الاحتلال المتواصلة.
إحدى السيدات من بلدة كفر الديك، التي لجأت مع أطفالها إلى منزل جارتها، وثقت بعدسة هاتفها مشهدا مؤلما: جنود الاحتلال يقيمون حفلا صاخبا داخل بيتها المسلوب، وضجيج الموسيقى والأغاني كان يملأ المكان، يتردد صداه في الحي بأكمله.
وكتبت على مقطع الفيديو: أعوذ بالله من كمية القهر، أخرجونا من بيتنا وحولوه لثكنة عسكرية، والآن اسمع صوت الأغاني والحفلة.. متخيلين أن هذا منزلي؟ وهذا ما يحدث به!
وأكد المواطنون أن عمليات الاقتحام يرافقها نهب وسرقة أموال وممتلكات خاصة من منازل المواطنين، إذ أفاد عدد من الأهالي بأن الجنود استولوا على مبالغ مالية ومقتنيات شخصية، شملت مجوهرات، وأوراقا ثبوتية، وأجهزة إلكترونية، أثناء عمليات التفتيش التي جرت بطريقة همجية وعمليات السرقة ترافقت مع تخريب واسع في أثاث المنازل وتكسير الأبواب والخزائن، ما يعكس سياسة ممنهجة تقوم بها قوات الاحتلال بهدف الضغط على الأهالي وترويعهم، ضمن سياق العقاب الجماعي المستمر بحق سكان البلدة.
وقال الناشط في مجال مقاومة الاستيطان نظمي السلمان: ما جرى في بروقين وكفر الديك خلال هذه الأيام القاسية، لم يكن مجرد حدث عابر، بل جزء من مخطط متواصل لفرض السيطرة، وكسر إرادة الناس، وفتح الطريق أمام الزحف الاستيطاني الذي لا يعرف التوقف، إنه نموذج مكثف لمعاناة يومية يعيشها أهالي سلفيت، حيث تتحول البيوت الآمنة إلى نقاط عسكرية، وتنتزع العائلات من خصوصيتها قسرا، تحت حماية سلاح جيش الاحتلال.
ويكمل: ما يدل على ذلك، هو تزامن هذا النشاط مع أعمال تجريف مكثفة تجري على قدم وساق في محيط المنازل، حيث واصلت جرافات الاحتلال، التي يقدّر عددها بما يقارب عشر آليات ثقيلة، أعمال التجريف في محيط منازل المواطنين في المنطقة الشمالية، وقامت بشق طرق ترابية جديدة داخل أرض المواطن، لا تبعد سوى أمتار قليلة عن المنازل، في خطوة واضحة لفرض واقع استيطاني جديد على الأرض.
قبل عدة أيام، كانت الطريق الوحيدة التي تربط بلدة بروقين بمدينة سلفيت سالكة بصعوبة، بعد أن أقدم الاحتلال الإسرائيلي على إغلاق المدخل الشمالي للمدينة، في خطوة تصعيدية لفصل التجمعات الفلسطينية داخل المحافظة عن بعضها.
وهذه الأيام، أعلن الاحتلال بشكل رسمي عن إغلاق الطريق الواصلة بين بلدتي دير بلوط وبروقين غربا، وهي إحدى الطرق الأخيرة المتاحة أمام المواطنين للوصول إلى سلفيت، ما يعني قطعا فعليا لأوصال المحافظة، وتقييد حرية الحركة والتنقل لسكان القرى الغربية بشكل خانق.