اطلس: أدان مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية “شمس” بأشد العبارات الجريمة المستمرة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة، من خلال استخدام سياسة التجويع كسلاح حرب ممنهج ضمن عدوانها العسكري المتواصل منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. إن هذا النهج الإجرامي ينتهك بصورة جسيمة قواعد القانون الدولي الإنساني، ويمثل جريمة حرب مكتملة الأركان.
وقال مركز “شمس” في بيان وصل لوطن نسخة عنه أن سياسة التجويع كأداة من أدوات العدوان العسكري بدأت منذ العدوان، حيث فرضت سلطات الاحتلال حصاراً مطبقاً على قطاع غزة، وقيدت دخول المواد الغذائية، والوقود، والمياه، والمستلزمات الطبية، ما أدى إلى انهيار شبه كامل للقطاع الغذائي في غزة. وتشير بيانات وكالات الأمم المتحدة إلى أن 100% من سكان القطاع يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأن مئات الآلاف يواجهون خطر الموت جوعاً.وقد تعمدت سلطات الاحتلال عرقلة وصول المساعدات الإنسانية عبر المعابر الحدودية، وهاجمت قوافل الإغاثة والمخابز ومراكز تخزين الأغذية، وقيدت تحركات المنظمات الإنسانية، الأمر الذي يشكل خرقاً صارخاً للمادة (54) من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977، التي تحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب القتال.
وشدد مركز “شمس” على أن سياسة التجويع التي تنتهجها دولة الاحتلال تجاه المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة هي جريمة حرب وفق القانون الدولي يُصنف استخدام التجويع ضد السكان المدنيين كوسيلة للحرب جريمة حرب بموجب المادة (8/2/ب/xxv) ) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تحظر “تجويع المدنيين عمداً كأسلوب من أساليب الحرب، بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك عرقلة إمدادات الإغاثة على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف”.
وإذ يتزامن التجويع مع هدم البنية التحتية، وقصف المستشفيات والمدارس، وتدمير الأسواق ومصادر المياه، فإن ذلك يؤكد أن هذه السياسات لا تحدث بمحض المصادفة أو في سياق عرضي، بل هي سياسة متعمدة ومنظمة، تهدف إلى كسر الإرادة المدنية وتهجير السكان قسراً.
وأوضح مركز “شمس” أن هناك آثار إنسانية واجتماعية لجريمة التجويع ، فقد أدى الحصار والتجويع إلى مجاعة فعلية في شمال قطاع غزة، مع تزايد معدلات الوفيات بين الأطفال وكبار السن بسبب سوء التغذية الحاد. وتفيد تقارير منظمات إنسانية دولية بأن هناك انتشار لأمراض فتاكة ناجمة عن نقص الغذاء والمياه النقية.
وقال مركز “شمس” أن استخدام التجويع كسلاح وبشكل متعمد للسكان المدنيين واحداً من أبشع الأساليب التي تُرتكب في النزاعات المسلحة، وقد حظرت قواعد القانون الدولي الإنساني هذا الفعل بشكل صريح، واعتبرته جريمة جسيمة، لما يمثله من انتهاك خطير لكرامة الإنسان وحقه الأساسي في الحياة ، حيث حظرت اتفاقيات جنيف ذلك ، حيث نصّت المادة (54) من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 على أنه (يُحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب القتال).كما يحظر تدمير أو إتلاف الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين، كالمواد الغذائية، المحاصيل الزراعية، مصادر المياه، ومرافق الري.هذا الحظر يستند إلى مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين، ومبدأ الإنسانية، ويكرّس واجب حماية السكان المدنيين من أي استخدام للحرمان من الغذاء كأسلوب لتحقيق أهداف عسكرية. كما نص نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (1998) في المادة 8 (2) (ب2) واعتبر التجويع جريمة حرب تجويع المدنيين عمدًا كأسلوب من أساليب الحرب، بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك عرقلة إمدادات الإغاثة، يعد جريمة حرب”.
كما كفل القانون الدولي لحقوق الإنسان الحق في الغذاء ، حيث نص العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966) في المادة (11) على “حق كل فرد في مستوى معيشي كافٍ له ولأسرته، بما في ذلك الغذاء الكافي”. ، كما وفسّرت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية هذا الحق بأنه “يتطلب عدم اتخاذ أي تدابير تحرم الأفراد من الحصول على الغذاء الكافي أو من وسائل الحصول عليه”. وإن الحصار والتجويع ينتهك هذا الحق بصورة فاضحة، ويمثل إنكاراً متعمداً لهذا الحق الإنساني الأساسي.كما أكدت المبادئ العرفية للقانون الدولي حتى في ظل غياب تصديق بعض الدول على البروتوكول الإضافي أو الانضمام إلى نظام روما، فإن حظر تجويع المدنيين يُعد اليوم قاعدة عرفية ملزمة في القانون الدولي الإنساني تنطبق على جميع أطراف النزاع، في الحروب الدولية وغير الدولية.
وحمّل مركز “شمس” مجلس الأمن، ومجلس حقوق الإنسان، ومكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، المسؤولية القانونية والأخلاقية عن فشلهم في وقف هذه الجريمة الجماعية. وقال المركز أن تجاهل هذه الانتهاكات لا يعد فقط تواطؤاً بالصمت، بل مشاركة غير مباشرة في الجريمة، في ظل استمرار الدعم العسكري والمالي والسياسي الذي تتلقاه دولة الاحتلال ، حيث أن صمت المجتمع الدولي يعني القبول الضمني بتجويع الأطفال وقتلهم ببطء، ويُقوض القيم التي بُنيت عليها منظومة القانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية.ولذلك فإن تحريم استخدام التجويع كسلاح ليس فقط التزاماً قانونياً بل أيضاً واجب أخلاقي على المجتمع الدولي. ويفرض على الدول والمنظمات الدولية واجب التحرك العاجل لمنع الجريمة، ومساءلة مرتكبيها أمام العدالة الدولية.
وطالب مركز “شمس” بفتح تحقيق فوري من قبل المحكمة الجنائية الدولية في جريمة التجويع كأسلوب من أساليب الحرب. وبتفعيل آلية الإنذار المبكر من قبل لجنة الأمم المتحدة المعنية بالوقاية من الإبادة الجماعية. وبفرض عقوبات دولية على المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في سياسات الحصار والتجويع. وبضمان دخول فوري وآمن للمساعدات الإنسانية عبر قنوات تابعة للأمم المتحدة. وإلى أوسع تحرك حقوقي، قانوني، ودبلوماسي لوقف جريمة التجويع في غزة، التي تُمارس على مرأى ومسمع من العالم.