يلفت النظر ، من بين أشياء كثيرة هامة و مفصلية و ربما تاريخية تمر بها المنطقة و العالم ، انهيال المدائح من نتنياهو على ترامب ، واسباغ اوصاف ترتقي الى ما تتصف به الملائكة و الأنبياء ، فيضطر ترامب الى مبادلتها مع نتنياهو و توجيهها الى شخصه بالمثل ، و نحن عوام الناس في بلدي الزعيمين “إسرائيل و أمريكا” و المنطقة و العالم ندرك تماما اننا امام شخصين خسيسين سفليين ، الأول متهم من قبل محكمة الجنايات الدولية انه مجرم حرب مطلوب اعتقاله لمن يظفره في دول العالم ، و يمثل منذ سنوات امام قضاء بلده للمرة الأربعين بتهم الفساد و الرشوة و خيانة الأمانة ، اما السيد ترامب فقد أدين لتوه و قبيل وصوله البيت الأبيض بثلاثة و ثلاثين جريمة جنائية ، بعضها يندى لها الجبين ، و تبدو فيها ممثلة اباحية “ستورمي دانييلز” اكثر شرفا منه عندما رفضت الرشوة التي قدمها لها عبر محاميه “مايكل كوهين” و البالغة 130 ألف دولار لشراء صمتها . تخيلوا نتنياهو يسبغ على ترامب صفة العظمة ، و ستورمي دانييلز تنظر و تسمع الى هذين العظيمين .
يلفت النظر أيضا ، كيف يجاهر نتنياهو ، بكل فخر و اعتزاز ، انه قضى على علماء الذرة الإيرانيين ، و يحظى هذا القتل ، بمباركة ترامب ، نحو عشرين عالما في ليلة واحدة ، و معهم بالتأكيد زوجاتهم و أولادهم و بناتهم . الى هذا الحد من الحضيض يصل العالم الذي يتزعمه ترامب بصحبة بنيامين نتنياهو .
يشكل العلماء ، في الذرة و غير الذرة ، ذخرا إنسانيا هائلا و عظيما ، بدونهم ما كان لنتنياهو ان يحمم جسمه بماء ساخن ، و لا ان يرتدي معطفا في الشتاء ، او يشرب كوبا من الحليب المبستر ، حتى الكنيسة في عصور الظلام ، كفت عن قتلهم و ملاحقتهم حين “اعتذروا” عن منجزاتهم ، فوصلنا الى عصر الحضارة و العولمة و الديمقراطية ان نقتلهم مع عائلاتهم ، بتهمة انهم علماء ، و بدلا من التماس العذر عن ارتكاب مثل هذه الجريمة التاريخية بحقهم ، يقوم مجرم الحرب الدولي بالمفاخرة انه قتلهم ، فيقوم المجرم الجنائي في البيت الأبيض ، بالتصفيق له . ان جريمة قتل العلماء مع سبق الإصرار و الترصد في أي مكان في العالم ، جريمة موصوفة مؤلمة مخزية ، تبقى عالقة لدى الشعوب و الأمم على مر التاريخ ، لا يوازيها من جرائم غير تلك التي يقتل فيها الأطفال بعشرات الالاف ، كما يحدث في غزة على يد نتنياهو و بدعم من أمريكا ترامب ، و قبله بايدن ، على مدار عشرين شهرا . و كما قال يائيرغولان ان جنود اسرائيل يقتلون الأطفال في غزة كهواية . انها مهزلة القرن الأول من الالفية الثالثة ، ان يقوم الخسيس بقتل العالم ، بل العلماء بالجملة استنادا الى جنسيتهم . ما يتطلب في الحد الأدنى تشكيل نقابة لحمايتهم اسوة بالمحامين و الصحفيين و الحلاقين و الخياطين و الكندرجيين .
إن الذين قصفوا مفاعل ايران ، هم نفسهم الذين يقصفون مدارس و مستشفيات و مسارح و مساجد و جامعات غزة على مدار عشرين شهرا .