د. رمزي عوده يكتب : لعبة القتل للغزيين الجوعى!

لم ينجح أحد الغزيين في تجنب رصاص الاحتلال أثناء تسلمه للمساعدات من مؤسسة “إغاثة غزة الإنسانية”، حيث أصيب في ساقه وهو يستلم كيس طحين من فئة الخمسين كيلو، ولكنه نجح بأعجوبة في الوصول مشياً على قدميه إلى مستشفى ناصر وهو يحمل على ظهره كيس الطحين، حيث ألقاه تحته في قسم الطوارئ خوفاً من فقدانه، واستلقى عليه طالباً العلاج ! هذا هو حال عشرات الآلاف من الذين يتضوّرون جوعاً في القطاع، ما يضطرهم للذهاب إلى هذه المؤسسة الأميركية الصهيونية وهم يعرضون أنفسهم لخطر الموت. ومنذ بدء عمل هذه المؤسسة قبل عدة أسابيع، استشهد أكثر من 653 فلسطينيا أثناء استلام المساعدات وأصيب نحو 4500 فلسطيني. وهذا ما استرعى انتباه مقررة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيز، التي وصفت هذه المؤسسة بأنها “فخ موت” مصمم لقتل وتهجير الفلسطينيين. وفي نفس السياق، طالب غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة بوقف عمل هذه المؤسسة واستبدالها بآليات عمل منظمات الأمم المتحدة، والتي ترفض إسرائيل التعامل معها بحجة دعمها للإرهاب!.

في الواقع، إسرائيل سمحت بعمل هذه الشركة ذات الاستثمارات الأميركية الاسرائيلية في قطاع غزة وذلك من أجل الالتفاف على حقيقة أنها تمنع وصول المساعدات إلى الغزيين بما يؤدي إلى استمرار المجاعة، وهذه هي جريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولي، ولذلك فإن السماح بعمل هذه الشركة يعطيها السند القانوني على الأقل للادعاء بأنها تسمح بوصول المساعدات ضمن آليات وأدوات بعيدة عن التعامل مع الأونروا وهي المنظمة الأممية الوحيدة في غزة التي لديها القدرة اللوجستية على توزيع المساعدات. إلا أن آليات التوزيع المعمول بها، وقتل الفلسطينيين المنتظرين للمساعدات، وافتقار هذه المساعدات لآليات الشفافية، تجعل من عملية توزيع المساعدات إدانة لإسرائيل في استمرار جرائم الإبادة وليست طريقة لمواجهتها والتخفيف منها!

ومع هذا، فإن هذه المؤسسة لم تضع أي آليات محددة ومعلن عنها لاستلام المساعدات، حيث ينتظر يومياً عشرات الآلاف من المدنيين الجوعى منذ ساعات الفجر الأولى في المساحات المقابلة لمعسكرات جيش الاحتلال الذين يوفرون حماية لمقرات المؤسسة، وعندما تفتح أبواب المؤسسة يتدافع المدنيون لكي يحصلوا على حصتهم قبل أن تغلق أبواب المؤسسة التي توفر فقط ثلاثة آلاف حصة يومياً بينما ينتظر أكثر من عشرين ألفا دورهم، وهذا يؤدي إلى التدافع ومن ثم الموت. ولا تقوم هذه المؤسسة بتسجيل أسماء الذين يحصلون على المساعدات، وإنما تكتفي فقط بتصويرهم من خلال طائرات الكواد كابتر، والتي تتعرف على العديد منهم وتطلق النار على بعضهم إذا تطابقت صورهم الرقمية مع المطلوبين لجيش الاحتلال.

من الواضح أن القاعدة العسكرية التي تحمي مقرات هذه المؤسسة بالقرب من محور موراغ تمارس نوعاً من ممارسة القتل في إطار ما يمكن تسميته بـ “لعبة القتل”. إنها لعبة مصممة لقتل الضعفاء وهروب الأقوياء والأذكياء من رصاص القناصة. حيث إن جنود القاعدة يمارسون شهوتهم بالقتل أثناء توزيع المساعدات ويحددون بعض الأهداف العشوائية ويتنافسون فيما بينهم على  قتل أكثر عدد من هذه الأهداف، محتفلين في آخر اليوم بالفائز منهم. وهذا بالضبط ما دفع “ألبانيز” لوصف مؤسسة المساعدات بأنها فخ مصمم للموت، ولكنها في الواقع ليست مجرد فخ، إنها لعبة مصممة للقتل يمارسها جنود الاحتلال في ظل صمت دولي وعدم وجود أي لجان دولية للتحقيق!.

عن Atlas

شاهد أيضاً

الشرق الأوسط الجديد .. بين نيران الحرب الشاملة وصراع القوى العظمى

اطلس:كتب خالد سعيد نزال: تشهد منطقة الشرق الأوسط تصعيدًا هو الأعنف منذ عقود، حيث تتلاقى …