كتب فراس الطيراوي: بعد تسعة أيامٍ من الاعتقال الوحشي، أفرج الاحتلال الإسرائيلي عن الزميل الصحفي ناصر اللحام، الذي خرج مرفوع الرأس، لكنه لم يخرج صامتًا. حمل معه شهادته على ما يجري خلف القضبان، وقالها بوضوح:
“الأسرى يُعذَّبون ويُجوَّعون داخل السجون الإسرائيلية.”
هذا ليس توصيفًا عابرًا، بل صرخة مدوّية من صحفي محنك، يعرف تمامًا ثقل الكلمة حين تُلقى، ويعلم أن قول الحقيقة في زمن الكذب يُعد مقاومة.
نُبارك لناصر اللحام حريته، ولكننا نعلم أن هذه التهنئة لا تكتمل، لأن آلاف الأسرى لا يزالون يقبعون في زنازين القمع، تُمارس ضدهم أبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، في ظل صمتٍ دوليّ مُخزٍ ومريب. هناك من يُنتزع من فراشه ليلاً دون تهمة، وهناك من يُحرم من الطعام والدواء، من التواصل مع أهله، من النوم، من النور، ومن الحياة.
اعتقال ناصر اللحام لم يكن حدثًا عابرًا، بل رسالة ترهيب موجهة إلى كل صحفي فلسطيني حر، وكل صوت يرفض أن يُصفَّق للجلاد. لكن اللحام خرج، كما عهدناه، أقوى من السجن، أشجع من السجان، شاهداً حياً على أن الاحتلال لا يخاف السلاح بقدر ما يخاف الحقيقة.
إننا، إذ نهنئ زميلنا بسلامته، نؤكد أن صوته لن يُسكت، بل سيتردد في كل منصة، وفي كل ساحة، دفاعًا عن الأسرى الذين لا يملكون إلا ضمير شعبهم، وعدالة قضيتهم، ووجعهم المتراكم.
المطلوب الآن ليس فقط التهنئة، بل حملة شاملة لكشف جرائم الاحتلال في سجونه، وتحويل ما قاله ناصر اللحام إلى ملف يُقدَّم أمام كل محفل حقوقي ومحكمة دولية.
فإن كنا نحتفل بحرية اللحام، فإن الواجب يُحتّم علينا أن نواصل النضال من أجل حرية كل أسير فلسطيني، لأن معركتهم هي معركتنا، ووجعهم وجعنا، وكرامتهم من كرامتنا.
الاحتلال إلى زوال… والكلمة الحرة أقوى من الزنازين.