اطلس:
كتب اسماعيل جمعه الريماوي: أن عودة العدوان وحرب الإبادة على قطاع غزة تعود إلى عدة عوامل، أهمها الأزمة الداخلية لحكومة بنيامين نتنياهو، ومحاولته التقرب من وزراء اليمين المتطرف قبيل إقرار الميزانية، بالإضافة إلى محاولته الضغط على المقاومة للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين دون الدخول في المرحلة الثانية من الصفقة.
ولكن الضغط العسكري الأكبر من الذي يحدث الان لم يدفع المقاومة إلى تقديم تنازلات في المفاوضات حتى الآن، فلماذا يظن البعض أن العدوان الجديد قد ينجح في تحقيق ذلك؟.
أن عودة العدوان على غزة بضوء اخضر امريكي والهجوم الأمريكي البريطاني على اليمن في هذه المرحلة ما هو الا تمهيد لزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسعودية، وهو يسعى إلى إحداث تغيير جيوسياسي عميق في المنطقة .
أن الهدف من الحرب ليس هو موضوع الأسرى، بل تعبيد الطريق نحو الشرق الأوسط الجديد بشطب غزة من الخارطة ديموغرافياً، و استعدادا للعاصفة التي تقترب من طهران .
أن جميع الظروف الإقليمية المحيطة بدولة الاحتلال، سواء في لبنان أو سوريا أو اليمن، بالإضافة إلى الدعم الدولي من الإدارة الأمريكية والتهرب من أزمة الاحتجاجات المتجددة في تل أبيب، تدفع نتنياهو إلى تجديد العدوان وهو الآن في مأزق كبير بعد تنحية رئيس الشاباك و قرب التصويت على مشروع الموازنة الذي يهدد حكومته إذا لم ينجز .
ان ادارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وحكومة الاحتلال الإسرائيلي قد ألغت الاتفاق وستعيد الأمور إلى ما كانت عليه قبل شهور، من حيث إعادة طرح أهداف الحرب عبر القصف والتدمير إلى تنفيذ خطة ترامب بالتهجير .
حيث اني كنت أستغرب عندما أقرأ تأكيدات على أن الحرب لن تعود، مع أن الحرب لم تتوقف، بل طرأ تغيير على حجمها وأدواتها، والآن عادت لسياقها السابق دون الالتفات للعوامل التي قد تكبح سياسات نتنياهو.
فإنه لو نزل 90 بالمئة من المجتمع الإسرائيلي للتظاهر ضد الحرب والمطالبة بإعادة الأسرى الإسرائيليين، فلن يغير ذلك من قرار حكومة نتنياهو وحكومته المتطرفة ، حتى لو مات جميع الأسرى.
ان الفرصة متاحة امام حكومة الاحتلال المنسجمة مع الإدارة الأمريكية الحالية ، والظروف الإقليمية والدولية أصبحت متكيفة الان مع إبادة الفلسطينيين، فإن اليمين الحاكم في واشنطن وتل أبيب يرى أن الظروف أصبحت ملائمة لتحطيم كل القوى الرافضة للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية.
اما نتنياهو فإنه يحاول إنقاذ حكومته المتهاوية عبر استئناف حرب الإبادة على المدنيين في قطاع غزة بالعودة إلى الجرائم والمجازر الوحشية الإسرائيلية التي لن تكسر إرادة الشعب الفلسطيني أو مقاومته، ولكن حكام إسرائيل لم يكونوا ليجرؤوا على ارتكابها لولا الصمت الدولي على جرائمهم وضعف ردود الفعل العربية والإسلامية.
أما السلطة الفلسطينية و في بيان صادر عن رئاسة السلطة ، فقد أدان البيان ما وصفها بأنها تصرفات “حماس” غير المسؤولة، ويقصد بذلك رفض الحركة قبول الاملاءات الإسرائيلية والتهديدات الأمريكية.
ويمكن بسهولة فهم مقصد بيان السلطة، والذي يعني بوضوح تبرئة الاحتلال من وزر الإجرام الذي مارسه باستهداف المدنيين خلال ليل الثلاثاء وقتل أكثر من 400 فلسطيني حتى اللحظة.
وعملت قيادة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير بكل جهد خلال الشهور الماضية لإدانة المقاومة وشيطنتها وتبرئة الاحتلال من جرائمه التي يرتكبها في غزة.
ومنذ بداية حرب الابادة، وفي سياق حرب الضم بالإخضاع، باتت القضية الطافية على سطح القيادة المتنفذة تتلخص في كيفية الحفاظ على سلطتها التي يعلن نتانياهو جهاراً نهاراً نيته لتقويض قدرتها، ليس بهدف إزاحتها، بل لمزيد من إخضاعها.
كما أن القيادة المتنفذة لا زالت تعتبر أن الخطر على شرعيتها وعلى سلطتها المتآكلة بفعل اضمحلال قاعدتها الاجتماعية ليس بفعل الاحتلال بل هو فقط من قوى المقاومة .