اطلس: أحيت روسيا، اليوم الخميس 9 أيار/مايو 2025، الذكرى الثمانين لانتصارها على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية، من خلال عرض عسكري ضخم في الساحة الحمراء بالعاصمة موسكو، بحضور الرئيس فلاديمير بوتين وعدد من قادة الدول الحليفة، في أجواء سياسية مشحونة تتداخل فيها رسائل التاريخ مع صراعات الحاضر.
رمزية الانتصار وتحديات الحاضر
يُعد يوم النصر في روسيا من أقدس المناسبات الوطنية، حيث يستذكر الروس تضحيات الجيش الأحمر في الحرب العالمية الثانية، والتي قُتل فيها أكثر من 27 مليون سوفييتي. وقد استخدم الكرملين هذه المناسبة للتأكيد على ثوابت السياسة الروسية في مواجهة ما تصفه بـ”النازية الجديدة”، في إشارة إلى الحرب المستمرة في أوكرانيا.
في خطابه أمام الحضور، قال بوتين إن “القيم التي حارب من أجلها أجدادنا لا تزال مهددة، ونحن اليوم نقاتل لحمايتها”، مضيفاً أن روسيا “لن تسمح بإعادة كتابة التاريخ أو تكرار مأساة الفاشية”، في تكرار لخطاب بات ثابتاً في المناسبات الوطنية منذ اندلاع الصراع مع كييف في 2022.
عرض عسكري ورسائل استراتيجية
شارك في العرض العسكري أكثر من 11,500 جندي، وعُرضت نحو 180 قطعة من المعدات والأسلحة المتقدمة، من بينها صواريخ استراتيجية من طراز “يارس” وطائرات مسيرة ومنصات دفاع جوي، بالإضافة إلى وحدات عسكرية من دول صديقة لروسيا مثل الصين وفيتنام.
ورغم الإجراءات الأمنية المشددة بسبب تهديدات محتملة بطائرات مسيّرة، حرصت موسكو على إبراز قوتها العسكرية واستمرارية التقاليد الوطنية، رغم الحرب والعقوبات الغربية.
حضور دولي واسع من “الجنوب العالمي”
اللافت هذا العام كان المشاركة الواسعة من قبل زعماء دول آسيا، إفريقيا، وأمريكا اللاتينية، في خطوة اعتبرها مراقبون بمثابة رسالة دعم دبلوماسي لموسكو وسط عزلتها الغربية.
وقد حضر الاحتفالات كل من:
• الرئيس الصيني شي جينبينغ، أبرز حلفاء روسيا الاستراتيجيين،
• الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا،
• الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي،
• الرئيس الفلسطيني محمود عباس،
• الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو،
• رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو،
• رئيس صربيا ألكسندر فوتشيتش،
• رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو،
• إلى جانب رؤساء دول آسيا الوسطى مثل كازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان، وقادة من كوبا وزيمبابوي وغينيا بيساو.
هذا الحضور عكس استمرار تموضع روسيا ضمن محور عالمي موازٍ للغرب، يعيد التوازنات الدولية من خلال التحالفات مع دول الجنوب العالمي.
التاريخ كسلاح سياسي
تسعى روسيا منذ سنوات إلى توظيف ذكرى النصر في الحرب العالمية الثانية كجزء من سرديتها السياسية المعاصرة، خصوصاً في ظل الحرب في أوكرانيا. ويظهر ذلك في خطاب القيادة الروسية التي تربط بين المعركة ضد النازية في القرن العشرين، والصراع الحالي مع الغرب وحلف شمال الأطلسي.
وفي حين تجاهلت معظم العواصم الغربية الاحتفال هذا العام، يرى محللون أن الكرملين يستخدم يوم النصر لإعادة ترسيخ مكانة روسيا كقوة عالمية لا تزال تملك أنصاراً في النظام الدولي، رغم الضغوط والعقوبات.
خاتمة
في ذكراه الثمانين، بدا “يوم النصر” هذا العام أقل احتفالية وأكثر رمزية سياسية، حيث يواجه الروس تحديات داخلية وخارجية في ظل استمرار الحرب والعزلة. لكن موسكو، عبر الاحتفال الصاخب والعرض العسكري والحضور الدولي، أرادت أن تقول للعالم إن روايتها التاريخية ما زالت حية… وإنها مستعدة لخوض معارك الحاضر باسم انتصارات الماضي.
شاهد أيضاً
رحلة ترامب ونصائح كوشنر: لديه طريقة لتليين موقف السعوديين من التطبيع
اطلس:قبيل زيارة دونالد ترامب للشرق الأوسط الأسبوع المقبل، ذكرت شبكة CNN مساء الجمعة، أن الشخص …