اطلس:كتب خالد سعيد نزال: تشهد منطقة الشرق الأوسط تصعيدًا هو الأعنف منذ عقود، حيث تتلاقى خطوط الصدع الجيوسياسية القديمة مع تنافسات القوى العظمى الجديدة في عصر متعدد الأقطاب. المنطقة الغنية بالموارد والصراعات تقف على حافة مواجهة إقليمية شاملة بين إسرائيل وإيران، قد تشعل حريقًا متعدد الجبهات يطال لبنان (حزب الله)، اليمن (الحوثيين)، العراق (الحشد الشعبي)، وغزة. هذا الصراع ليس معزولًا؛ فهو يتفاعل مع التحولات الجيواستراتيجية الكبرى: تراجع الهيمنة الأمريكية المتسارع، وصعود التحالف الشرقي (إيران-روسيا-الصين) رغم تناقضاته الداخلية، وتخبط أوروبا العاجزة بين الولاء الأطلسي والبراغماتية الاقتصادية. تهديد حرب واسعة النطاق تدفع إليه حسابات الردع المتصادمة، والفرص الاستراتيجية المتصورة، واليأس الاقتصادي. تداعياتها ستتجاوز الحدود الإقليمية لتهزّ أسواق الطاقة العالمية، وتعيد رسم التحالفات، وربما تُعيد تقسيم المنطقة وفق مصالح القوى الكبرى في مشهد يذكر بـ”سايكس بيكو” القرن الحادي والعشرين.
المحور الأول: الاستعدادات الإسرائيلية لحرب شاملة
1. تسريبات استخباراتية تؤكد نوايا الهجوم
– وثائق من وكالة NGA كشفت عن تدريبات جوية إسرائيلية على التزود بالوقود واستخدام قنابل خارقة للتحصينات (GBU-72) لاستهداف منشآت نووية إيرانية تحت الأرض.
– البنتاغون أكد صحة هذه الوثائق، ما يعكس تنسيقًا غير مسبوق بين واشنطن وتل أبيب.
2. تعزيز الترسانة العسكرية
– شحنات أمريكية ضخمة وصلت لإسرائيل بين أبريل ومايو 2025، شملت آلاف القنابل والذخائر، في صفقات تجاوزت 12 مليار دولار.
3. السياق السياسي الحاسم
– إدارة ترامب الثانية تُقدّم دعمًا غير مشروط لإسرائيل، بينما ترى تل أبيب أن انشغال روسيا وتردد الصين يمنحها “نافذة استراتيجية” للهجوم.
المحور الثاني: الرد الإيراني المتوقع – “عاصفة من الصواريخ وحرب الوكالة”
1. القدرات الصاروخية والنووية
– إيران تمتلك أكثر من 3,000 صاروخ باليستي، بعضها بمدى يتجاوز 2,000 كم.
– تسريبات من CIA تؤكد أن إيران قادرة على إعادة تشغيل منشآتها النووية خلال أشهر.
2. شبكة “تحالف القوس”
– حزب الله، الحوثيون، الحشد الشعبي، وغزة يشكلون جبهات متعددة قادرة على استنزاف إسرائيل.
– الحوثيون يهددون بإغلاق البحر الأحمر، ما يهدد التجارة العالمية.
3. الحرب السيبرانية
– الجيش الإلكتروني الإيراني نفّذ هجمات ناجحة على أنظمة الملاحة الأمريكية، ويُتوقع أن يُعطّل الأقمار الصناعية وأنظمة GPS في أي مواجهة قادمة.
المحور الثالث: الولايات المتحدة – تراجع الهيمنة وتحديات الداخل
1. الانهيار المالي التدريجي
– تراجع الدولار إلى 58% من الاحتياطيات العالمية، والدين العام تجاوز 45 تريليون دولار.
– التضخم المرتفع والركود الاقتصادي يُضعفان قدرة واشنطن على تمويل حروب طويلة.
2. أزمة داخلية وخارجية
– تسريبات من البنتاغون تكشف خلافات حول دعم أوكرانيا وإسرائيل.
– تقرير DHS حذّر من اضطرابات داخلية غير مسبوقة منذ الحرب الأهلية.
المحور الرابع: التمرد الخجول والارتهان العميق
1. مؤشرات التمرد
– المجر ترفض دعم إسرائيل وتستضيف ترامب لإطلاق مبادرة سلام بديلة.
– شركات ألمانية تتحدى العقوبات الأمريكية وتواصل التعامل مع الصين.
2. القيود البنيوية
– 70% من أنظمة الدفاع الأوروبية تعتمد على التكنولوجيا الأمريكية، ما يجعل الاستقلال الاستراتيجي صعبًا.
– أوروبا تدفع ضعف ما تدفعه الصين مقابل الغاز الروسي، ما يضعها في موقف اقتصادي هش.
المحور الخامس: إيران والملف النووي – بين الردع والتصعيد
1. تحصينات تحت الأرض
– منشآت “فوردو” و”نطنز” محصنة بعمق 500 متر تحت جبال زاغروس، ومحميّة بأنظمة S-500 روسية.
– صور Maxar أظهرت أن الضربات الأمريكية السابقة لم تُدمّر سوى منشآت سطحية.
2. تسريبات استخباراتية
– وثائق من CIA نشرتها CNN تؤكد أن الضربات لم توقف البرنامج النووي، بل زادت من تصميم طهران على امتلاك القنبلة.
المحور السادس: تداعيات الطاقة – شبح أزمة عالمية
1. مضيق هرمز
– أي إغلاق للمضيق سيرفع أسعار النفط إلى أكثر من 250 دولارًا للبرميل، ويُعطل 25% من إمدادات الطاقة العالمية.
2. الصين وإعادة رسم خريطة الطاقة
– الصين تُسرّع مشروع “قوة سيبيريا 2” مع روسيا لتقليل اعتمادها على النفط الخليجي.
– Global Times وصفت الوضع بأنه “اختبار حقيقي لاستراتيجية أمن الطاقة الصينية”.
المحور السابع: روسيا والصين.. المصالح فوق الولاء
1. الصين
ترفض التدخل العسكري، وتُركّز على شراء 90% من النفط الإيراني بأسعار مخفضة.
– تسعى للوساطة، لكنها تدرك أن فشلها سيُضعف صورتها كقوة مسؤولة.
2. روسيا
– تستغل الأزمة لدفع الصين نحو الاعتماد على الغاز الروسي.
– قد توفر غطاءً سياسيًا لإيران في مجلس الأمن، لكن تدخلها العسكري غير مرجّح بسبب أوكرانيا.
المحور الثامن: سيناريوهات تقهقر التحالف الشرقي
1. الضغوط الاقتصادية
– انخفاض أسعار النفط قد يُنهك الاقتصاد الإيراني، ويُشعل احتجاجات داخلية.
– روسيا تواجه عزلة مالية، والصين قد تتراجع عن دعمها لطهران إذا تعرّضت لعقوبات ثانوية.
2. تفكك التحالف
– تباين المصالح بين موسكو وبكين وطهران قد يؤدي إلى تصدعات داخلية، خاصة إذا طال أمد المواجهة دون نتائج حاسمة.
3. الرد الغربي
– الولايات المتحدة قد تلجأ إلى ضربات سيبرانية واسعة النطاق، ودعم حركات معارضة داخل إيران ولبنان واليمن.
المحور التاسع: مراكز الأبحاث.. أصوات العقل في زمن الجنون
– معهد RAND حذّر من أن الحرب ستُنهك الطرفين وتُضعف الردع الأمريكي.
Brookings – دعا إلى إعادة تقييم الدعم غير المشروط لإسرائيل.
– المركز العربي للأبحاث رأى أن التحالف الشرقي يملك أدوات الردع لكنه يفتقر إلى العمق الاقتصادي.
INSS – الإسرائيلي دعا إلى تحديث العقيدة الدفاعية لمواجهة تهديدات متعددة الجبهات.
المحور العاشر: الحرب النفسية والإعلامية – معركة الروايات
– إسرائيل تُسرّب معلومات استخباراتية وتُضخّم قدراتها لردع إيران.
– إيران ومحورها يُبرزون مشاهد الدمار في غزة ولبنان ويُروّجون لفكرة “توازن الرعب”.
– استطلاعات إسرائيلية تُظهر تراجع الحماسة الشعبية للحرب، بينما تُستخدم التعبئة الأيديولوجية في إيران لتعزيز الصمود.
المحور الحادي عشر: البُعد العقائدي – صراع الوجود والهوية
– إسرائيل ترى في إيران تهديدًا وجوديًا يتجاوز السياسة إلى الدين والتاريخ.
– إيران تُقدّم نفسها كقوة مقاومة للهيمنة الغربية، وتُوظّف القدس كرمز عقائدي في خطابها السياسي.
المحور الثاني عشر: هشاشة الداخل – نقاط الانهيار المحتملة
– إسرائيل تعاني من انقسامات سياسية واقتصاد هش أمام الحروب الطويلة.
– إيران تواجه احتجاجات داخلية وضغوطًا اقتصادية خانقة، وقد لا تصمد تعبئتها الأيديولوجية في حال تصاعدت الخسائر.
سيناريوهات المستقبل – مسارات الهاوية
تشير كل المؤشرات – التسريبات الاستخباراتية، التحركات العسكرية المكثفة، الخطاب المتصاعد، والتحليلات الاستراتيجية – إلى أن الشرق الأوسط يقف في صيف 2025 على حافة حرب إقليمية شاملة. المواجهة بين إسرائيل وإيران، المدعومة بشبكة معقدة من الحلفاء، لم تعد مسألة توقيت افتراضي بل احتمال ملموس وشيك. هذه الحرب، إن اندلعت، ستكون حرب وجود ذات جذور عقائدية وتاريخية عميقة، وتتفاعل بشكل خطير مع تحولات النظام الدولي تراجع الهيمنة الأمريكية، صعود التحالف الشرقي الهش، وعجز أوروبا.
التداعيات ستكون عالمية وكارثية:
اقتصادياً: انهيار محتمل لأسواق الطاقة (نفط فوق 250 دولار)، ركود عالمي حاد، شلل سلاسل التوريد.
جيوسياسياً: اختبار مدمر للتحالفات التقليدية (الناتو)، تسارع في تشكل نظام عالمي متعدد الأقطاب بقيادة روسيا والصين، وإن بثمن باهظ.
إنسانياً: دمار هائل في دول المواجهة، أزمات لاجئين غير مسبوقة، انهيار دول ومجتمعات.
الدول العربية تقف في قلب العاصفة :
دول الخليج تواجه تهديدًا وجوديًا لمنشآتها النفطية واقتصاداتها، وتخشى أن تكون الضحية في لعبة إعادة تقسيم جديدة.
مصر والأردن تخشيان انفجار أوضاعهما الداخلية الهشة تحت وطأة التداعيات الاقتصادية واللاجئين.
تركيا تسعى للبقاء كفاعل مستقل والاستفادة من الفوضى، مع حماية مصالحها الحيوية خاصة في مواجهة الأكراد.
نافذة منع الكارثة ما تزال مفتوحة، لكنها تضيق بسرعة نجاح الجهود الدبلوماسية اليائسة – إن وجدت إرادة حقيقية لدى الأطراف المتصارعة والقوى الكبرى – واستيعاب الجميع لثمن الحرب الباهظ، هما العاملان الحاسمان. الوقائع على الأرض والتسريبات الموثقة لا تبشر بالخير. المنطقة والعالم على موعد مع اختبار مصيري قد يعيد رسم الخرائط وميزان القوى لعقود قادمة، أو يدفع الجميع إلى هاوية يصعب الخروج منها. الخيار بين حافة الهاوية والتراجع عنها بات مسؤولية تاريخية على عاتق كل الأطراف.